هل هناك علاقةٌ ما بين حرق نسخ القرآن في السويد وتحركات داعش المتزايدة؟
هل هناك علاقة ما بين حرق نسخ القرآن في السويد وتحركات داعش المتزايدة؟
متابعات| تقرير*:
يشير التسلسل الزمني لحادثة تدنيس القرآن، وعلاقة كل من المنفّذ والكيان المؤقت، ومواقف الولايات المتحدة الأمريكية، الى وجود ضوء أخضر أميركي قد أعطي للقيام بـ”تكتيك” جديد.
وربطا بالتحشيد الأميركي في المنطقة وعلى وجه الخصوص في سوريا، الذي يأتي مع زعم الولايات المتحدة الأميركية بعزم محور المقاومة بالإضافة الى روسيا الى اخراج الاحتلال الأميركي من سوريا.
في هذا الوقت بالذات، ظهرت ورقة تنظيم “داعش” من جديد، وتشير المعطيات الى أنّ العمليات “الإرهابية” التي عادت الى الواجهة من جديد في سوريا قد تشهد حدّة في وتيرتها، لاسيما في المناطق داخل مناطق سيطرة الدولة السورية.
الأحداث
بداية في التسلسل الزمني، بتاريخ 28 حزيران / يونيو 2023، قام سلوان موميكا، وهو لاجئ عراقي في السويد ذو أصول المسيحية، بتمزيق نسخة من القرآن الكريم، ثم حرقها عند مسجد ستوكهولم المركزي، في أول أيام عيد الأضحى، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحًا بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي.
وفي 20 تموز / يوليو 2023 كرّر سلوان موميكا نفس الفعل، حيث قام بحرق نسخة من القرآن الكريم، وإضافة إلى ذلك قام بحرق العلم العراقي أمام السفارة العراقية في السويد.
وفي فعل مماثل، بتاريخ 24 تموز / يوليو 2023، أقدم عدد من الأفراد بحرق نسخة من المصحف أمام السفارة العراقية في العاصمة الدنماركية، كوبنهاغن، وقالت وكالة “رويترز” حينها بأنّ مجموعة “دانكسي باتريوتر”، هي التي أقدمت على هذا الفعل، وكانت في وقت سابق قد أقدمت على مثل هذه التحركات أمام السفارة العراقية في العاصمة الدنماركية.
ما هي العلاقة ما بين سلوان موميكا والموساد الإسرائيلي؟
كشفت وزارة الاستخبارات الإيرانية في بيان لها، يوم 9/7/2023، تفاصيل عن العلاقة بين جهاز الموساد الإسرائيلي والمهاجر العراقي الذي دنس القرآن في السويد، سلوان موميكا. وقالت الوزارة إنه “وفقا للمعلومات الموثوقة التي توفرت بهذا الشأن، فإن المدعو سلوان موميكا، هو من مواليد 1986 في العراق، وقد التحق في عام 2019 بجهاز التجسس التابع للكيان الصهيوني، كما أنّ المدعو موميكا، قام بالعمالة والتجسس ضد المقاومة، وتمرير مخطط تقسيم العراق. وقد حاز على تصريح الإقامة في السويد لقاء تحركاته”.
كما أعلن الامين العام لحزب الله في لبنان السيد حسن نصر الله بتاريخ 12/7/2023 “إن اللاجئ العراقي سلوان موميكا الذي احرق نسخة من كتاب القرآن الكريم في السويد له علاقة مع الموساد الاسرائيلي. وهدفه بثّ الفتنة بين المسلمين والمسيحيين”.
وفي المعلومات يرتبط، سلوان موميكا، مع حزب “هارلد لاين” الدانماركي “المتطرف” ومنظمة “باكيتة” الالمانية العنصرية، وكلاهما مرتبطان بعناصر من جهاز الموساد الإسرائيلي، وكانوا مرافقين له في جريمة حرق القران الكريم الاولى والثانية، وتم تزويده بهاتف للطوارئ للاتصال بهم في حالة تعرضه لاي تهديد، ونُسب له مرافقين يقدمون له النصائح لحماية نفسه من التهديدات، بعد أن ترك سكنه وأستقر في قرية في أطراف أستوكهولم. وقد أُخضع الى تدريبات استخبارية، لكيفية القيام بجرائمه ومخاطبة الجمهور، وتعهدوا بحمايته، كما هددوه بتصفيته في نفس الوقت في حال تراجعه عن تنفيذ جرائمه، بعد أن أخبر بعض المقربين له بذلك.
هنا يجدر الإشارة الى تصريح لـ موميكا والذي قال فيه: “أريد أن أُظهِر للعالم أن القرآن أخطر من الأسلحة النووية. أريد أن يتم حظره، أو أن تتم إزالة الآيات بشأن القتل والتحريض“.
وفي وقت لاحق أصدرت وزارة الاستخبارات الإيرانية بتاريخ 24/8/2023، بيانا كشفت فيه تفاصيل جديدة بخصوص علاقة اللاجئ العراقي بجهاز الموساد الإسرائيلي وقالت في بيانها:
_بحسب الوثائق حاول موميكا عام 2014 تأسيس حزب يسمى “الاتحاد السرياني الديمقراطي” في العراق ويزعم أنه الممثل الرئيسي وصوت المسيحيين في شمال غرب العراق.
_بسبب اشتهار موميكا بالطموح والدجل وعدم قبول المسيحيين له، لم يتشكل حزبه، لذلك فكر في الهجرة إلى أوروبا وتقدم بطلب للحصول على الإقامة في عدة دول أوروبية، لكنه لم ينجح في هذا الهدف أيضا.
_تشير المعلومات إلى أن سلوان موميكا، اليائس من الحصول على إقامة من دول أوروبية، بذل جهدا واسع النطاق للاتصال بالكيان الصهيوني، ومن أجل إثبات فعاليته قدم تقريرا عن نشاطاته إلى جهاز الموساد الصهيوني، حيث قدم نفسه في هذا التقرير على أنه أحد أهم المعارضين للحكومة الشيعية العراقية، كما يدّعي بأنه اعتُقل لبعض الوقت من قبل حركة المقاومة الإسلامية العراقية بتهمة التعاون مع الكيان الصهيوني ومحاولة تشكيل حكومة مستقلة للمسيحيين الآراميين في محافظة نينوى.
_إلى جانب هذا السجل، وإثباتا لإخلاصه للكيان، أرسل موميكا صورا لنفسه مرتديا الكيباه (قبعة صغيرة يرتديها اليهود) وصورة لعلم الكيان الصهيوني الذي نصبه في إحدى الكنائس العراقية بجوار علم “حزب الاتحاد السرياني الديمقراطي” للصهاينة.
_في عام 2019، جنّده جهاز الموساد الصهيوني رسميا وعين له رابطا استخباراتيا، وكانت مهمة التجسس على مقار وقادة فصائل المقاومة العراقية، خاصة في محافظة نينوى، من المهام الموكلة إليه.
_بعد خدماته العديدة لجهاز الموساد الاسرائيلي، قدم موميكا طلبا لنقله إلى دولة أوروبية، ومن خلال تقييم الصهاينة بأن موميكا سيوافق على أي مهمة مقابل إمكانية البقاء في أوروبا، تم منحه الإقامة ثم جنسية مملكة السويد.
غطاء أميركي
تشير هذه المعطيات إلى أنّ الولايات المتحدة وخلفها الكيان المؤقت قد أعطت الأمر لتحريك ورقة تنظيم “داعش”، ومنها:
_ بتاريخ 11/7/2023، رفضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إدانة إحراق المصحف الشريف خلال مناقشة عاجلة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بشأن العدد المتزايد من الهجمات على القرآن، وأعلنت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وكذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أنها ستصوت ضد مشروع قرار بشأن الكراهية الدينية بعد إحراق نسخ من المصحف الشريف.
في تصريح لمتحدث باسم الخارجية الأميركية وبعد التنديد بحادثة تدّنيس القران، قال: “… لكن على نطاق واسع، نواصل تشجيع المجر وتركيا على التصديق على بروتوكول انضمام السويد دون تأخير حتى نتمكن من الترحيب بالسويد في الحلف في أقرب وقت ممكن.. نعتقد أن السويد أوفت بالتزاماتها بموجب اتفاقية المذكرة الثلاثية التي تم الاتفاق عليها مع فنلندا وتركيا على هامش قمة مدريد العام الماضي.. نعتقد أن السويد شريك دفاعي قوي ومقتدر يشاركنا قيم الناتو وسوف يقوي الحلف ويساهم في الأمن الأوروبي، وما زلنا نعتقد أن السويد يجب أن تصبح عضوًا في الناتو في أقرب وقت ممكن”.
يليه قدّم مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية التابع لقيادة الجيش الأميركي ورقة معلومات حول حادثة تدنيس القرآن وفيها من الإشارات والاستهداف والتوظيف للحادثة ما يشير الى أنّ الولايات المتحدّة لديها توجّه جديد في المنطقة:
1)قدمت ورقة المعلومات على أنه من الأسباب المحتملة لحرق نسخ من المصحف قد يكون مرتبطًا “بموافقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (NATO)، بهدف إفشال العملية، وذلك لعرقلة تعزيز “الناتو” من خلال إبقاء السويد خارجه، وأنه يوجد إمكانية لتورط روسيا لإثارة توترات مع تركيا”. (توجيه اتهام مباشر الى روسيارتودجيه ىب).
2)من جهة أخرى أعطت الورقة تبرير غير مباشر للفعل والذي اعتبرته أنه يأتي ضمن “حرية التعبير” عن الفئات المعارضة للإسلام، بالإضافة الى اعتبارها أنّ حرق القران من شأنه أن يحرّك ما سمتهم بـ”المتطرفين” للتصدي لمثل هذه الأفعال.
3)أيضا أشارت الورقة إلى أنّ على الولايات المتحدّة أن توفق ما بين المؤيدين لمثل هذه الأفعال باعتبار أن ذلك يعبّر عن الحرية وبين ما يسمّى دول التحالف أي الدول المسلمة، من أجل الحفاظ على تواجدها وأمنها في هذه المناطق.
عمليات تنظيم “داعش” الأخيرة
بعد حادثة تدّنيس القرآن، زادت عمليات تنظيم “داعش” الوهابي الإرهابي، وتوزعت على عدة دول في طليعتهم سوريا. ومن منطلق العقيدة التي يتبناها التنظيم والتي تعنى بـ” العدوّ القريب”، قد ترتبط التحركات الأخيرة للتنظيم بتوجيه أميركي. وهذه بعض الأحداث:
_بتاريخ 25/7/2023، انفجرت عبوة ناسفة كانت مزروعة في دراجة نارية استهدفت حافلة ركاب فارغة عند دوار الروضة في منطقة السيدة زينب (ع).
_تبنى التنظيم يوم 27/7/2023، مسؤوليته عن التفجير الذي ضرب منطقة السيدة زينب (ع)، جنوبي دمشق.
_التفجير في باكستان يوم 30/7/2023، الذي استهدف “جمعية علماء الإسلام”.
_بتاريخ 7/8/2023، أفاد “المرصد السوري” “بمقتل خمسة من قوات النظام وإصابة أربعة، في هجوم لتنظيم “داعش” استهدف قافلة نفط عسكرية في بادية حماة”.
_بتاريخ 2/8/2023 “هاجمت خلايا تنظيم “داعش”، بالأسلحة الرشاشة، نقطة أمنية لقوى الأمن الداخلي “الأسايش” بالقرب من كراج “بولمن” في وسط مدينة الرقة. كما هاجم مسلحو تنظيم قافلة عسكرية تضم صهاريج محملة بالنفط، على طريق الرقة-سلمية بريف حماة الشرقي، ما أدى إلى مقتل 5 عناصر وإصابة 4 آخرين، بالإضافة لاحتراق عدد من الصهاريج”.
_بتاريخ 2/8/2023، “نفذ تنظيم “داعش” عمليتين ضد القوات الحكومية والجيش العراقي في سوريا والعراق. ونشرت وكالة “أعماق” الإلكترونية بياناً قالت فيه، إن مسلحي التنظيم فجروا عبوة ناسفة على آلية عسكرية للقوات الحكومية شرقي بلدة عقيربات بريف حماة وأضافت أن التفجير أسفر عن تدمير الآلية ومقتل وإصابة من فيها. وفي بيان آخر قالت فيه، إن التنظيم استهدفت آلية للشرطة العراقية قرب المشفى الجمهوري في كركوك، ما أدى لإصابة ضابط وتضرر الآلية”.
_بتاريخ 2/8/2023، قال “المرصد السوري”: “قتل عنصر تابع لقوات “سوريا الديمقراطية”، جراء استهدافه بالرصاص المباشر، من قبل مسلحين مجهولين، يعتقد أنهم تابعين لخلايا تنظيم “داعش” في بلدة الدحلة بريف دير الزور الشرقي”.
_بتاريخ 4/8/2023، أعلن تنظيم “داعش”، مقتل زعيمه “أبي الحسين القرشي” في اشتباكات مع “هيئة تحرير الشام” في شمالي غربي سوريا، وأنه عيّن خلفاً له، هو “أبو حفص الهاشمي القرشي”، زعيماً جديداً للتنظيم.
_بتاريخ 8/8/2023، اُستشهد عناصر من قوات الجيش السوري، في هجوم شنه تنظيم “داعش” مساء7/8/2023، استهدف حواجز لهم في محافظة الرقة في شمال سوريا، على ما أفاد “المرصد السوري”.
_بتاريخ 9/8/2023، أفاد “المرصد السوري” بأن “تنظيم “داعش” تمكن من السيطرة على بلدة في ريف الرقة ثم انسحب بعد ساعات. إلى هذا، استشهد عناصر من الجيش السوري في هجوم شنه التنظيم استهدف حواجز لهم في محافظة الرقة في شمال سوريا. واستهدف الهجوم، حواجز عسكرية تابعة للجيش السوري في ريف الرقة الشرقي، وأضرم مقاتلو التنظيم النيران في آليات عسكرية وبيوت مسبقة الصنع قبل أن ينسحبوا من المنطقة.
_في كمين تعرضت له حافلة كانت تقل عناصر من الجيش السوري يوم 10/8/2023، في ريف دير الزور الشرقي شرقي سوريا استشهد عدد من العساكر وأصيب آخرين. وأوضح مصدر لقناة الميادين أنّ “مسلحين تابعين لتنظيم “داعش” نفّذوا الكمين الذي استهدف حافلة مبيت عسكرية على طريق المحطة الثانية (تي 2) في بادية الميادين في ريف دير الزور الشرقي”.
_هجوم إرهابي استهدف مرقد حضرة “شاه جراغ” في شيراز، في الجمهورية الإسلامية في إيران بتاريخ 13/8/2023.
وفي جديد هذه التحركات أصدر تنظيم “القاعدة” تهديدات جديدة ضد كل من السويد والدنمارك، على خلفية أحداث حرق المصحف الأخيرة في البلدين.
خلاصة
يقدّم تنظيم “داعش” نفسه في الآونة الأخيرة عبر العمليات التي ينفذّها بصورة أوسع وبوتيرة أكبر، فمع اتساع وتيرة العمليات التي شنها التنظيم في مناطق عدة منها إيران وباكستان وعلى وجه الخصوص سوريا قد ينذر هذا التطور ببدء مرحلة جديدة للتنظيم.
العودة إلى الواجهة: مع تصاعُد موجة العمليات “الإرهابية” في عدة مناطق وبالأخص سوريا، برزت مؤشرات عديدة على وجود “غطاء” أميركي لتنظيم “داعش”، للتحرك في عدة اتجاهات. وفي وقت سابق وجهت الحكومة السورية أصابع الاتهام، وللمرة الأولى، نحو الولايات المتحدة في هجوم ريف دير الزور شرق البلاد، أحدث الهجمات التي استهدفت قواتها وأكثرها دموية منذ بداية العام الجاري. والذي اعتبرت فيه دمشق أن التفجير يأتي في إطار “التصعيد الأمريكي ضد سيادة سوريا واستقلالها، وفي سياق دعم ورعاية الولايات المتحدة للتنظيمات “الإرهابية” وفي مقدمتها تنظيم “داعش”.
* المصدر: مركز دراسات غرب آسيا