كل ما يجري من حولك

الإعلامُ الأمريكي يكشفُ شروطَ السعودية لتطبيعِ علاقاتها مع “إسرائيل”

الإعلامُ الأمريكي يكشفُ شروطَ السعودية لتطبيعِ علاقاتها مع “إسرائيل”

520

متابعات| رصد:

تقاطع ما نشرته كلّ من صحيفتي “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” الأميركيتين، أمس الخميس، عند نتيجة واحدة مفادها أنّ السعودية والولايات المتحدة تجريان محادثات حول المقابل الذي تطلبه الرياض لقاء تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، في إطار توسيع إطار ما يعرف بـ”اتفاقيات أبراهام” 2020، التي ترجمها توقيع اتفاقات تطبيع علاقات بين كل من الدولة العبرية والإمارات والبحرين، قبل أن ينضمّ المغرب إلى هذا المسار في وقت لاحق.

ونقلت الصحيفتان عن أشخاص معنيين بالمحادثات الجارية بين البلدين، أنّ الرياض تريد أن يكون المقابل ضمانات أمنية أميركية للمملكة، ودعماً لتطوير برنامجها النووي المدني، غير أنّ “وول ستريت جورنال” تتوقع أن يكون هذان الشرطان عائقاً في مفاوضات إتمام اتفاق، ذلك أنّ نواباً أميركيين قد يعارضون تلبيتهما، وأحد أسباب ذلك أنّ اتفاقاً من هذا النوع من شأنه زيادة التوتر مع إيران.

وعلى ذمة من تحدثت إليهم “وول ستريت جورنال”، فإنّ الموضوع الفلسطيني لا يحتل أهمية في شروط المسؤولين السعوديين الذين “لا يعتبرون الموضوع أساسياً”.

ويقول جون هانّا، مستشار الأمن القومي السابق لنائب الرئيس الأسبق ديك تشيني، إنّ “نقاش الموضوع الفلسطيني كان هامشياً جداً”. أيضاً، كتبت الصحيفة أنّ مسؤولي إدارة جو بايدن وبعض المسؤولين السعوديين يعتقدون أنه سيكون على إسرائيل الموافقة على خطوات متواضعة، مثل إجراء محادثات سلام مع الفلسطينيين.

ونقلت الصحيفة عن السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دانيال شابيرو قوله إنّ تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية بتسهيل من الولايات المتحدة، “سيكون من مصلحة الأطراف الثلاثة، لكن هذا لا يعني أنّ الوصول إليه سيكون سهلاً”.

وفي هذا الإطار، نقلت “نيويورك تايمز” عن مارتن إنديك، السفير الأميركي لدى إسرائيل في عهد بيل كلينتون، قوله إنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يريد فعلاً الاتفاق، وهو ما لا يمكن حصوله إلا بدعم من بايدن الذي يحاول إقناع “بيبي” في المقابل بأنّ ذلك لن يحصل مع السعوديين إذا سمحت تل أبيب بانفجار الأوضاع في الضفة الغربية والقدس الشرقية. كما شدد إنديك على أنّ بايدن يعتبر أنّ اتفاقاً إسرائيلياً سعودياً سيكون من مصلحة أميركا لاحتواء النفوذ الإيراني.

وتعتبر “وول ستريت جورنال” أنّ أحد أسباب صعوبة التوصل إلى اتفاق تجري مفاوضات شاقة حالياً لإتمامه، هو أنه من شأنه تغيير المشهد السياسي في الشرق الأوسط، لأنه سيمنح ضوءاً أخضر لبلدان أخرى ذات غالبية إسلامية لتحذو حذو السعودية، وهو ما سيسرّع مسار تشكيل تحالف عسكري إقليمي ضد إيران.

ورغم صعوبة المفاوضات، تنقل الصحيفة نفسها عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين وسعوديين تأكيدهم أنّ اتفاقاً من هذا النوع “أمر ممكن”، وأنه سيكون انتصاراً لكل من جو بايدن والقيادة السعودية وبنيامين نتنياهو.

وبحسب “نيويورك تايمز”، يقود المفاوضات من الطرف الأميركي منسق مجلس الأمن القومي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط بريت ماكغورك، وكبير مساعدي بايدن لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين، والذي توسط في اتفاق لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية بينهما العام الماضي.

أما من الطرف السعودي، فتنقل الصحيفة عن مسؤولَين مطلعين أنّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أدى دوراً مباشراً في المفاوضات، لكن المفاوض الأبرز هي السفيرة السعودية في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود.

ووفق مصدري الصحيفة الأميركية، فإنّ المسؤولين السعوديين تواصلوا في نهاية العام الماضي مع خبراء في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، الذي تذكّر “نيويورك تايمز” بأنه مركز أبحاث مؤيد لإسرائيل، وقد زار مسؤولوه الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

الشرط الرئيسي في هذه المفاوضات بالنسبة للرياض، وفق “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز”، هو الدعم الأميركي لتخصيب اليورانيوم في المشروع النووي السعودي، وتقديم المساعدة لتصبح المملكة صاحبة نظام إنتاج وقود نووي خاص بها، وهو ما يقلق الأميركيين والإسرائيليين لأنه قد يؤدي يوماً ما إلى تطوير السعودية سلاحاً نووياً، والتسبب باندلاع سباق تسلح مع إيران، حسب ما يقول جون هانّا.

بدوره، يرى الباحث المتخصص بالعلاقات السعودية الإسرائيلية في معهد الأمن القومي (مقره تل أبيب) يوئيل غوزانسكي أنّ “الشرط النووي هو التحدي الأكبر بالنسبة لإسرائيل، إلى درجة أنه يجدر التساؤل عما إذا كان إبرام سلام مع السعودية يستحق هذا العناء” (مخاطرة بهذا الحجم).

وبالإضافة إلى البند النووي، تريد السعودية ضمانات أمنية أميركية صارمة لحمايتها في حال احتاجت الرياض إلى ذلك، وهو ما سبق أن رفضه الرئيسان الأميركيان الحالي جو بايدن والسابق (دونالد ترامب)، حسب “وول ستريت جورنال”، التي تشير إلى أنه في هذا الموضوع، يتم طرح حلّ بديل يتمثل في إعطاء السعودية صفة خاصة كحليف غير عضو في حلف شمال الأطلسي، على غرار الوضعية التي تملكها كل من إسرائيل وقطر والأردن وبلدان أخرى حليفة لأميركا، وهي خطوة من شأنها تسهيل امتلاك السعودية سلاحاً أميركياً يصعب بيعها إياه حالياً، لكن هذا أيضاً قد يواجه فيتو في الكونغرس، بحسب “وول ستريت جورنال”.

وعن هذا الاعتراض المتوقع، تنقل “نيويورك تايمز” عن السيناتور الديمقراطي كريستوفر مورفي قوله إنّ “علاقاتنا مع السعودية يجب أن تكون مباشرة وألا تمر عبر إسرائيل”، وبرأيه، “إن كنا سندخل في علاقات مع السعودية تتيح عقد صفقات أسلحة أكبر مع المملكة، فإنّ ذلك يجب أن يكون في مقابل سلوك سعودي أفضل تجاه أميركا، وليس إزاء إسرائيل فحسب”.

وفي حين رفض مجلس الأمن القومي الأميركي والسفارتان الإسرائيلية والسعودية في واشنطن الرد على استفسارات “نيويورك تايمز” حول الموضوع، فإنّ الصحيفة تنقل عن مسؤول سعودي قوله إنّ بلده لا يزال يربط تطبيع العلاقات بشرط إقامة دولة فلسطينية.

وفي هذا الإطار، يقول المدير التنفيذي لـ”مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” مارك دوبوفيتز، لـ”وول ستريت جورنال”، إنّ السعودية ملتزمة بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، علماً أنّ دوبوفيتز سافر إلى المملكة مراراً في الأشهر الماضية لمناقشة الموضوع مع مسؤولين كبار، وفق ملاحظة “وول ستريت جورنال”، التي تستند إلى المؤشر العربي الصادر عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”، للقول إنّ 5% من المستطلعين السعوديين فقط أجابوا بـ”نعم” عام 2022 حين سئلوا عما إذا كانوا يؤيدون تطبيع بلادهم العلاقات مع إسرائيل، بينما كانت النسبة 12% عام 2016.

كما تنقل “نيويورك تايمز” عن استطلاع رأي أجراه “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنّ 76% من السعوديين يقولون إنّ نظرتهم سلبية تجاه “اتفاقيات أبراهام”.

You might also like