كل ما يجري من حولك

بروفيسورٌ “إسرائيليٌّ” حائزٌ على نوبل: “أتوقّع زوالَ كياننا الصهيوني قريباً بسبب هذا الأمر

ْ

544

متابعات| رصد*:

في حرب تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 1973 تمكّنت مصر وسوريّة من مفاجأةِ الكيان ومُباغتته، الأمر الذي دفع قيادةُ الاحتلال إلى الاعتقاد بأنّ العربَ سيحتلّون إسرائيل ويقضون على دولة الاحتلال التي أقيمت في العام 1948.

وزير الأمن آنذاك، موشيه دايّان، اعتقد أنّ زوالَ إسرائيل بات قاب قوسيْن أوْ أدنى وطلب من رئيس الوزراء وقتذاك، غولدا مائير، باستخدام الأسلحة النوويّة ضدّ العرب لمنع الزوال، وبحسبِ المؤرخين فقد أصيب بصدمةٍ عصبيّةٍ، فيما خيّم الخوف والفزع والقلق على سُكّان الكيان بأنّ نهايتهم قد وصلت، فيما تستمّر عقدة تلك الحرب ملازمةً للإسرائيليين.

وكما يقول ماركس فإنّ التاريخ يعود على نفسه مرّتيْن، مرّةً كمهزلةٍ ومرّةً كمأساة، وما يجري اليوم في دولة الاحتلال فاق المأساةَ؛ لأنّ جميع مناحي الحياة باتت صعبةً جدًا: الاقتصاديّة، السياسيّة والأمنيّة، وعُلاوةً على ذلك، فإنّ شبح الحرب الأهليّة يُخيِّم وبشدّةٍ على الأجواء المكفهرّة أصلاً في المجتمع الصهيونيّ المُنقسِم على نفسه، بين يمينيين ويساريين، بين متدينين وعلمانيين، بين يهود استجلبوا من أوروبا ويهود استُجلبوا من الوطن العربيّ، وبين الفقراء والأثرياء.

ولكنّ القنبلة المُدويّة جدًا ألقاها البروفيسور الإسرائيليّ دانيال كاهنمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد، عندما قال للقناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ إنّه يخشى على مصير إسرائيل اليوم أكثر بكثير ممّا جرى لها في حرب العام 1973 بسبب نيّة الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو تحويل دولة الاحتلال إلى دولةٍ ديكتاتوريّةٍ، تُسيطِر فيها المؤسسة السياسيّة على المنظومة القضائيّة، على حدّ قوله.

وهذا الانقلاب، أضاف البروفيسور الإسرائيليّ، أدّى حتى اللحظة إلى قيام محافِظ بنك إسرائيل بتحذير نتنياهو من نتائجها الكارثيّة، كما أدّت إلى عاصفةٍ عالميّةٍ، وبالإضافة إلى ذلك أيقظت أصحاب شركات (الهايتك) ودفعتهم للهرب، ورفعت منسوب القلق والخشية لدى شركات التصنيف المصرفيّ لإسرائيل في العالم، كما قال.

بالإضافة إلى ذلك، شدّدّ البروفيسور الإسرائيليّ في حديثه للتلفزيون العبريّ على أنّه “من ناحيتي هذه نهاية العالم، وهذه نهاية إسرائيل التي عرفتها، حاولت أنْ أُجري مقارنةً فيما إذا كنتُ أكثر خشيةً الآن من حرب العام 1973، والجواب كان أنّه في تلك الحرب كنتُ أقّل قلقًا، أمّا اليوم فأنا قلقٌ جدًا، إننّي أخشى على دولة إسرائيل وأخشى إلى أين سنصِل”، طبقًا لأقواله.

وفي معرِض ردّه على سؤالٍ قال: “ما سيجري قريبًا يؤكّد أنّ هذه ليست الدولة التي ترعرعتُ فيها، وهذه الدولة لا يُريد أبنائي وأحفادي العيش فيها، إذْ لا يُعقَل أنْ تقوم السلطة التنفيذيّة بالسيطرة على السلطة القضائيّة، لأنّ هذا الأمر هو نهاية الديمقراطيّة”، بحسب وصفه.

كما أكّد أنّ هذه الخطّة أوْ الانقلاب ستضُمّ إسرائيل إلى دولٍ ديكتاتوريّة تزعم أنّها ديمقراطيّةً، مثل هنغاريا، تركيّا وبولندا، ذلك أنّ العملية تبدأ بالقضاء على الجهاز القضائيّ كمؤسسةٍ حرّةٍ ويستمّر بالقضاء على حريّة التعبير ووسائل الإعلام والحريّات الشخصيّة، كما قال البروفيسور الإسرائيليّ الحائز على (نوبل) في الاقتصاد.

إلى ذلك تتواصل وبوتيرةٍ عاليةٍ عملية هرب رجال الأعمال الإسرائيليين وأصحاب رؤوس الأموال من كيان الاحتلال وسحب أموالهم من البنوك بتل أبيب، والانتقال للعيش في أماكن أخرى في العالم، الأمر الذي يُشكِّل ضربةً قاضيةً وقاصمةً للاقتصاد الإسرائيليّ، علمًا أنّ قيمة الشيكل تراجعت أمام الدولار الأمريكيّ.

علاوة على ذلك، فقد أعلن ليلة أمس الثلاثاء مالك أكبر شركة (هايتك) في إسرائيل، طوم ليفني، والذي تُقدّر ثروته الشخصيّة بملياريْ دولار، أعلن في حديثٍ مع التلفزيون العبريّ أنّه سيتوقّف عن دفع الضرائب، وطالب الآخرين بحذو حذوه، وأكّد أنّه قرر الهجرة من إسرائيل وإغلاق مكاتب الشركة هنا والانتقال إلى دولةٍ أوروبيّةٍ لأنّ الوضع في إسرائيل ليس مُستقِّرًا بالمرّة من جميع النواحي، مُتوقعًا أنْ يتلقّى الاقتصاد الإسرائيليّ ضربةً مُوجعةً ومؤلمةً، على حدّ تعبيره.

في السياق عينه، انضمّ 40 من كبار الاقتصاديين في كيان الاحتلال للتوقيع على رسالةٍ وجهها مختصون لرئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تحذره من تبعات الانقلاب القضائيّ الذي يخطط لتنفيذه خلال الفترة القادمة مع وزير القضاء ياريف ليفين، وهو من نفس حزب (ليكود) الحاكم بقيادة رئيس الوزراء.

ووفقًا لموقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ فقد وقع كبار الاقتصاديين هؤلاء على رسالة التحذير السابقة التي قدّمها مسؤولون في نفس الاختصاص، ومن بينهم محافظ البنك المركزي للكيان عمير يارون، والحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد إريك ميسكين، وحذروا من التبعات الخطيرة لما أسموه بالانقلاب القضائيّ الذي سيؤثر على الاقتصاد وهجرة الأدمغة وتراجع التصنيف الائتمانيّ وهروب الاستثمارات الأجنبية من دولة الاحتلال.

وفي الجلسة مع نتنياهو، نقلت وسائل الإعلام العبريّة عن مدير بنك (هبوعليم)، دوف كوتلِر، قوله لنتنياهو إنّه يلاحظ ارتفاع في سحب زبائن ودائع شخصية من البنوك في الأيام الأخيرة، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ هذه ليست مبالغ كبيرة، لكن ما يجمع بين هذه الحالات أنّها ليست أموال شركات هايتك، أيْ التكنولوجيا المُتطورّة.

وبحسب المصادر في تل أبيب، فإنّ سحب الودائع من البنوك يأتي في أعقاب إعلان المديرة العامة لشركة (بابايا)، عينات غيز، عن نقل أموال الشركة إلى بنوك خارج إسرائيل، وبيان صندوق الاستثمارات الإسرائيليّ (ديسربتيف) الذي يدير رأسمال بمبلغ 250 مليون دولار، عن إيداع أموال الصندوق في بنوك خارج إسرائيل.

وفي السياق عينه، كشف مدير عام بنك ديسكونت، أوري ليفين، خلال الاجتماع، كشف النقاب عنّ أنّ بنوكًا أجنبية باعت في الأيام الأخيرة سندات دين للحكومة الإسرائيليّة وصرفوا شواكل وحولوها إلى دولارات، الأمر الذي أدى إلى تراجع سعر صرف الشيكل، وحدوث فجوة كبيرة بين سندات دين الحكومة الأمريكيّة وسندات دين الحكومة الإسرائيليّة.

ورجّح ليفين أنّ هذا التطور قد يكون مرتبطًا بعريضةٍ وقعها 310 خبراء اقتصاديون في الجامعات الإسرائيليّة، الأسبوع الفائت، وحذّروا فيها من تبعات خطة إضعاف جهاز القضاء على الاقتصاد الإسرائيليّ، على حدّ قوله.

في المقابل زعم نتنياهو خلال لقاء مع العشرات من رجال الأعمال نهاية الأسبوع المُنصرِم أنّ “مشكلة التعديلات القانونية في إسرائيل لن تشكل عقبة كبيرة أمام الاقتصاد بل ستعززه”، على حدّ تعبيره.

* رأي اليوم

You might also like