السعوديُّ ومستنقعُ اليمن… ماذا عن تكلفة الحرب؟
السعوديُّ ومستنقعُ اليمن… ماذا عن تكلفة الحرب؟
هشام الهبيشان| البناء
لم يكن ما كشفته مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، بالحدث المفاجئ للبعض، وخصوصاً للمتابع بدقة لتفاصيل خسائر السعودية في حربها العدوانية على اليمن، والذي كما ذكرته المجلة تجاوز 725 مليار دولار خلال 6 أشهر من عدوانها الذي بدأته في آذار/ مارس 2015، وقال التقرير الذي أصدرته المجلة إنّ هذا المبلغ الكبير أنفق لقتل أطفال اليمن ونسائها وتدمير البنية التحتية، دون أن تحقق السعودية أيّ إنجازات عسكرية حقيقة، بل باتت الحرب تكلف السعودية مبالغ طائلة ستجعلها تقف على حافة الإفلاس.
وأوضحت المجلة أنّ السعودية تستأجر بارجتين حربيتين تتبعهما 6 فرقاطات مرافقة، حيث يبلغ إيجار البارجة 150 مليون دولار يومياً، أيّ 300 مليون دولار يومياً للبارجتين وتوابعهما، والبارجة تحمل على متنها 6000 جندي بعدّتهم وعتادهم، و450 طائرة بطياريها، وعليها أيضاً مدافع وصواريخ بعيدة المدى، أيّ أنّ إجمالي تكاليف البارجتين مع توابعهما بلغ 54 مليار دولار خلال 6 شهور…
وقالت إنّ السعودية تستأجر قمرين صناعيين للأغراض العسكرية، تكلفة الساعة الواحدة مليون دولار، وبعملية حسابية بسيطة، نجد أنّ تكلفة القمرين في اليوم الواحد 48 مليون دولار، أيّ مليار و440 مليون دولار خلال الشهر الواحد، أيّ ما يعادل 8 مليارات و640 مليون دولار، خلال 6 أشهر، فيما تصل تكلفة تحليل وعرض واستخراج المعلومات من الصور والبيانات التابعة للأقمار الصناعية العسكرية، 5 ملايين دولار يومياً للقمر الواحد، أيّ 10 ملايين دولار يومياً، أيّ 300 مليون دولار شهرياً، ليصل المبلغ إلى مليار و800 مليون دولار خلال 6 أشهر، (وتفاصيل باقي الأرقام موجودة بتقرير المجلة لمن يرغب بالعودة له).
من هنا وليس بعيداً عن أرقام مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، بات واضحاً في الآونة الأخيرة، وبعد ما يقارب السبعة أعوام من الحرب العدوانية على اليمن، أنّ النظام السعودي بات يخشى من محدّدات عامل الوقت وفاتورة التكاليف من جهة، ومن جهة أخرى حجم الرهانات والمكاسب التي يتوقع أن يحصل عليها كلّ طرف، كمقابل لمشاركته في تحالف العدوان على اليمن، فالهدف السعودي بات يختلف كلياً عن الهدف الأماراتي مثلاً، ويختلف بالمطلق عن الهدف الأميركي ـ الغربي، مع أنهم جميعاً متفقون على بعض الرؤى للحلول، لكنهم يختلفون حول الطريقة والأسلوب والبديل الأنسب لهذه الحلول، في حال تعثرها، وهذا ما بدأت تظهر معالمه مؤخراً، حيث أبدى بعض حلفاء الرياض المشاركين في هذا التحالف تحفظات كثيرة، من خلف الكواليس، حول مشاركتهم بهذا التحالف.
ورغم أنّ هناك حكومات غربية منضوية في صفوف هذا التحالف ما زالت حتى الآن تدعم عسكرياً النظام السعودي وتوفر له غطاء سياسي ـ عسكري لاستمرار الحرب على اليمن، إلا أنّ بعضها تراجع في الفترة الأخيرة عن وعود قطعها سابقاً بدعم عسكري كبير للسعودي، بعد أن أثبتت العمليات أنّ ما يجري اليوم على الأرض اليمنية هو أشبه بالتدمير الشامل، وخصوصاً بعد ثبوت ضعف التنسيق الاستخباري وطبيعة الأهداف والمواقع المستهدفة بهذه الضربات وسقوط الكثير من المدنيين وضرب بنى تحتية يمنية في شكل واسع، كمحصّلة أولية لهذه العمليات، ما سيعرّض هذه القوى في المستقبل القريب إلى مساءلات قضائية دولية حول طبيعة الأهداف والعمليات فوق الأراضي اليمنية.
من ناحية أخرى، يمكن للمتابع لمسار العدوان الشامل على الأراضي اليمنية أن يقرأ بسهولة حجم مساهمة القوى الغربية في هذا التحالف، وخصوصاً إذا تمّ الحديث عن عامل القوات البرية كطرف في هذا العدوان، وبالإضافة إلى كلّ العوامل السابقة، هناك أيضاً عامل ومحدّد الوقت، الذي تحدثت عنه دوائر صنع قرار هذا التحالف.
إنّ الكلفة الباهظة لهذه العمليات وحجم الرهانات والأهداف والمكاسب التي يتوقع أن يحصل عليها كلّ طرف من الأطراف، كمحصّلة لمشاركته في هذه الحرب مع هذا التحالف، بدأت تلقي بظلالها في شكل واسع على مسار العمليات العسكرية، فهذه المحدّدات جميعها تعتبر من أهمّ نقاط الضعف الموجودة لدى التحالف المشارك في العدوان، ومن المتوقع أن تكون من أهمّ العوامل التي ستطيح بهذا التحالف آجلاً أم عاجلاً، فإطالة أمد الحرب العدوانية من دون الوصول إلى نتائج فعلية، مع ارتفاع كلفتها والتي تتحمّل السعودية نسبة كبيرة منها، في ظلّ عدم حصول أيّ اختراق رغم طول المدة، ينبئ بأنّ هناك معادلات جديدة بدأت تدخل إلى طبيعة هذا التحالف، ما سيعطي نتائج أكثر سلبية على المدى القصير المنظور للقوى التي تشارك في هذا التحالف أمام شعوبها.
ختاماً، إنّ عوامل الوقت وفاتورة التكاليف وحجم الرهانات لكلّ طرف مشارك في هذا التحالف، بالإضافة إلى حجم الدمار والخسائر الحاصلة في اليمن، ستكون سبباً واقعياً ومنطقياً لانهيار هذا التحالف، والسؤال هنا: في حال انهيار هذا التحالف، ما هي الخطة السعودية لتعويض هذا الانهيار؟ بانتظار الأيام المقبلة لتعطينا جواباً واضحاً وقاطعاً.