مشروعٌ أمريكيّ لتمديدٍ طويلٍ للهُدنة و«أنصار الله» تُفعِّلُ تهديداتِها (تقاصيل)
لا تهاوُنَ في رفع الحصار
وتُنبئ هذه الخطوة اليمنية الجريئة بأن قيادة صنعاء لن ترتضي بواقع اصطفاف الطوابير أمام محطّات توزيع المشتقّات النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، في وقت تَنعم فيه السعودية والإمارات بتوافُر هذه المواد في أسواقهما. وفي قبالة ذلك، لا تملك السعودية خيارات كثيرة، خصوصاً أن ثمّة ضغوطاً أميركية وأوروبية وأممية متصاعدة عليها من أجل تنفيذ بنود الهدنة، وأن هذه الأطراف لديها من الهموم والتحدّيات جرّاء تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية، ما لا يترك لها مجالاً لمسايرة العِناد السعودي. ومن هنا، جاء قرار الرياض السماح للناقلات الـ13 المحتجَزة بالوصول إلى ميناء الحديدة وإفراغ حمولتها فوراً، بعدما دأبت، من خلال وسائل إعلامها، على الترويج لكوْن أزمة المشتقّات النفطية في المناطق الخاضغة لسيطرة «أنصار الله»، مفتعَلة من قِبَل الأخيرة بهدف تعزيز السوق السوداء التي يستفيد منها بعض المسؤولين الحكوميين. ويذكّر هذا بما فعلته السعودية قبل نحو ستة أشهر، عندما سارعت، عقب قيام الولايات المتحدة بسحب منظومات الدفاع الجوّي، ولا سيّما «الباتريوت»، من جميع أراضي المملكة، إلى سلطنة عُمان حاملةً موافقتها على الهدنة، خشية تداعيات انكشاف أجوائها أمام الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية.
قيادة صنعاء لا تجد سبباً لمحْض الجهود الأميركية والأوروبية والأممية الثقة
على أن قيادة صنعاء لا تجد سبباً لمحْض الجهود الأميركية والأوروبية والأممية الثقة، وهي تتخوّف من الاستغراق في تفاصيل من شأنها تقييد المطالب الإنسانية لليمنيين، وتَعتبر أن التجربة أثبتت إلى الآن أن حقوق اليمنيين لا تُنتزع إلّا بالقوة أو عبر التلويح بها. ومن هنا، فهي لا تنقطع عن الإعداد لجولة جديدة من الصراع، سيكون مسرحها هذه المرّة البحر الأحمر والمنشآت النفطية للدول التي تشارك في فرض الحصار على اليمن. في المقابل، ترى السعودية أن نجاح «أنصار الله» في إنهاء الحصار سيمثّل ضربة كبرى لكلّ جهودها القاضية بإبقاء تلك الورقة بِيَدها كأداة من أدوات الحرب. كما أن ما لا يروق الرياض هو أن حليفتها واشنطن تنحو إلى استعادة سيطرتها على الملفّ اليمني بشكل كامل، وجعله بوّابة ابتزاز وضغط على الأولى، من دون أيّ مراعاة لـ«مصالحها الحيوية». وقد عبّر عن ذلك بوضوح أحد الكتّاب القريبين من دوائر القرار السعودي، بإبدائه خشيته من تدويل هذا الملفّ واستئثار الولايات المتحدة به، ومحاولاتها وضعه ضمن خيارات التفاوض مع طهران أو رهْنه لقضايا أخرى مِن مِثل الأزمة الأوكرانية.