التغير في الاستراتيجية الاستعمارية للسعودية والإمارات
متابعات / تقرير
بعد فشل كل الخيارات العسكرية في الشمال اتجهت الامارات بتنسيق سعودي نحو الجنوب لتطبيق إستراتيجية جديدة في امتلاك الملف الجنوبي والحفاظ على مصالحها وتوسعها الاستعماري لكل مصادر الثروة ، كان لابد أن تفكر الإمارات بإيجاد لاعبين جدد في المشهد السياسي والعسكري في الجنوب، فبدأت بسياسة الاستقطاب لمكونات وقيادات لم تتح لها القوى الجنوبية المهيمنة الفرصة للشراكة على الأرض ، كما دعمت بصورة مباشرة تيارات إسلامية مثل السلفيين المتشددين ليكونوا تياراً بديلاً عن الإصلاح.
ويرى مراقبون أن هذه الاستراتيجية لن تكون في الحقيقة في صالحها مهما كانت يقظة، فهي محكومة بالفشل إذ أن خطوة خاطئة واحدة فقط كفيلة بجر الجنوب بأكمله إلى مستنقع من الفوضى وسفك الدماء.
الا أنها لم تجد أمامها حلاً سوى ذلك لتتمكن من تحقيق ما كانت تحلم به من السيطرة على ثروات تلك المحافظات وجزرها وموانئها، من خلال الجمع بين كل المتناقضات في المحافظات الجنوبية على أمل توظيفها وستكون مستعدة للتخلي عنها بمجرد أن تصل إلى تحقيق أجنداتها الخاصة، وقبل ذلك ستغرق الأدوات في صراعات بينية وهو ما سيمثل عبئًا كبيرا عليها والسبب الذي سيؤدي الى سقوط مشروعها .
فيما تعمل السعودية على تمهيد الطريق أمام الامارات لتنفيذ مخطط السيطرة وتوجيه العليمي للتماشي مع قراراتها في الجنوب، وتمضي في تنفيذ مخطط آخر الذي أظهره الفيديو المتداول عبر عدد كبير من الناشطين لمجموعة من القيادات العسكرية السعودية يناقشون مسألة إعادة المؤتمر إلى الواجهة من جديد لإقامة دولة زيدية في صنعاء ، وإزاحة حزب الإصلاح من المشهد اليمني نهائياً .
باعوم تحديث إماراتي لخطة السيطرة على الجنوب
فادي باعوم ، هو نجل الزعيم الجنوبي حسن باعوم، الذي منع من قبل المجلس الانتقالي من دخول المكلا وتم إعادته إلى منفاه الاختياري في سلطنة عمان بالقوة، لا يمانع التحالف مع الانتقالي ولا يمانع من التقرب من نظام ٧/٧ ، الذي كان لوالده دوراً بارزاً في مناهضة احتلاله الجنوب خلال أكثر من عقد زمني، ونتج عن نضالات باعوم الأب ، انتهاكات بالغة تعرض لها أكثر من مرة أكان بالاعتقال أو السجن من قبل نظام ٧/٧ ، الذي يتقرب له فادي باعوم اليوم كونه تابع للإمارات ، وهو ما يعني أن المصلحة وفق معيار فادي أكبر من المبادئ والقيم.
انقلاب فادي باعوم، على مبادئه السابقة وتغير موقفه من دول التحالف السعودي الإماراتي، يأتي في إطار تغير المصالح ، فخلال السنوات الماضية تسببت مواقف فادي باعوم بانشقاق حراك باعوم وخروج القيادي في الحراك احمد بامعلم من التيار وإعلانه الإنفصال عن والده ، وهو ما أدى إلى إنقسام الحراك الثوري الأعلى وتراجع شعبيته في حضرموت الساحل معقل حسن باعوم ، واليوم يكرر فادي السيناريو السابق بالارتماء إلى حضن الإمارات بعدما كانت أنشطته ممولة من قطر خلال السنوات الماضية .
يزعم فادي باعوم بأن هدف عودته إلى مدينة عدن واستقباله من قبل عدد من قيادات المجلس الانتقالي العمل على وحدة الصف الجنوبي، ويستند في هذه الصفقة المفضوحة إلى دعوة أطلقها والده حسن أحمد باعوم في الاجتماع الموسع المنعقد بمدينة المكلا بتاريخ 12/3/2022 ، ويقول أيضاً أن هذه العودة جاءت من أجل اللقاء والحوار مع كل المكونات الجنوبية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي لتقريب وجهات النظر وحلحله الاختلافات ووضع رؤية واحدة وواضحة لانتشأل البلاد من الوضع المعيشي والكارثي الذي يعانيه شعبنا في الجنوب.
من خلال حديث باعوم فإن مفردات الاحتلال والغزاة أكانت التي يطلقها على دول التحالف أو التي يطلقها على نظام ٧/٧ ، توارت وتم تبديلها بمصطلحات التعظيم لدور من كان يعتبرهم فادي مجرد غزاة ومحتلين .
مصادر مطلعة أفادت بأن أبوظبي قبلت بضم اسم فادي باعوم وعدد من رفاقه إلى كشوفات الدائرة الخاصة بجنوب اليمن التابعة لديوان محمد بن زايد، وهي الدائرة التي تصرف مرتبات واعانات شهرية للمجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات ،ويرى مراقبون بأن توقيت وصول فادي باعوم إلى عدن للقاء الانتقالي يأتي في إطار ترتيبات ابو ظبي للحصول على تأييد شعبي وسياسي واسع لاقتحام وادي حضرموت .
يشار إلى أن تيار باعوم قدم نفسه منتصف العام الماضي للرياض كتيار مناهض للمجلس الانتقالي الجنوبي ، وحلول التقرب من اللجنة الخاصة التابعة الديوان الملكي في الرياض ، الا أنه فشل في الحصول على ثقة الرياض التي تدارست الأمر ووجدت بأن شعبية باعوم تراجعت بشكل كبير في الشارع الجنوبي ولم يعد له ثقل وتأثير شعبي كما كان قبل عشر سنوات من اليوم يوم كان حسن باعوم يقود الحراك دون فادي.
خاتمة :
لم تمض سوى ساعات على وصول فادي باعوم ، حتى أصدر رئيس المجلس الإنتقالي توجيهاً لقواته بالتحرك لتنفيذ العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم سهام الشرق للقضاء على حزب الإصلاح في أبين ومن وصفهم بالجماعات الإرهابية. ويرى مراقبون أن هذا التباين بداية لإنهيار المجلس الرئاسي وبداية مرحلة جديدة في الجنوب ستخرج العليمي ومن يقف في صفه من المشهد ، وهو ما يؤكد أن الإمارات بموافقة السعودية قد عقدت العزم على تنفيذ مخطط السيطرة الشاملة على الجنوب .