وقفُ أنشطة الوكالة اليهودية: انتكاسةُ علاقة موسكو – “تل أبيب”
وقفُ أنشطة الوكالة اليهودية: انتكاسةُ علاقة موسكو – “تل أبيب”
متابعات| تقرير*:
خلطت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا منذ شباط / فبراير الماضي أوراق العلاقة الروسية الإسرائيلية، وخلّفت فجوات عميقة بسبب اتباع مسؤولي الكيان المؤقت سياسة اللعب على الحبال في المواقف مع روسيا. فقد وصف يائير لابيد، بصفته وزير الخارجية، هذه العملية بأنها “جريمة حرب روسية” متهماً موسكو بـ “إيذاء السكان المدنيين عمداً” ومطالباً بتزويد أوكرانيا بالأسلحة. فيما زعم رئيس الحكومة السابق نفتالي بنيت الحياد وقدّم نفسه كـ “وسيط”.
لقد كشف الميدان في أوكرانيا حقيقة الموقف الإسرائيلي المنحاز الى مصالح الولايات المتحدة اذ قدّم الكيان العتاد العسكري للجيش الاوكراني وأرسل ضبّاط وجُنود الاحتياط من جيش الاحتلال للقتال الى جانب الميليشيات الأوكرانية. وفي زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الى تل أبيب طلب الأخير من وزير حرب الاحتلال بيني غانتس زيادة الدعم الإسرائيلي لكييف، ليعلن غانتس عن “مساعدة إسرائيلية إضافية لقوات الإنقاذ الأوكرانية والمنظمات المدنية”.
انتكاسة العلاقة الروسية الإسرائيلية للمرة الأولى منذ 30 عاماً
تُرجم تراجع العلاقة بين موسكو و”تل ابيب”، بمطالبة وزارة العدل الروسية حلّ الوكالة اليهودية (سوخنوت) في البلاد. وهو ما اعتبره الاعلام العبري “تغييراً حقيقياً وانتكاسة في العلاقات الإسرائيلية الروسية”. وكانت وزيرة هجرة الاحتلال، بنينا تامانو، قد تبلّغت قرار وزارة العدل الروسية تعليق نشاطات الوكالة اليهودية في روسيا مطلع الشهر الجاري. وكانت وسائل الاعلام العبرية قد ذكرت في منتصف الشهر الجاري أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقّع قانوناً روسياً جديداً لـ “شلّ المنظمات اليهودية والإسرائيلية”.
علّقت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية بالقول أنّ “القرار الروسي يمكن أن يقوّض قدرة اليهود الروس على الهجرة إلى إسرائيل”. مشيرةً إلى أنّ أحد الأهداف الرئيسة للوكالة اليهودية هو تشجيع الهجرة وتسهيلها على الجاليات اليهودية في العالم. وهي إن لم تكن قادرة على أن تكون نشطة في روسيا، فستكون “هذه هي المرة الأولى منذ 30 عاماً يجري فيها حظر جهود الهجرة في البلاد”.
خطوة الاغلاق التام المحتملة لهذه الوكالة لم تكن فقط بسبب توتر العلاقات الروسية الإسرائيلية، بل إن المطالبة جاءت نتيجة “انتهاكها القانون في إطار أنشطتها في روسيا” حسب ما ذكر تقرير لوكالة الانباء الروسية “انترفاكس”. وكانت روسيا قد بعثت إلى الوكالة اليهودية مطلع الشهر الجاري رسالة حذرت فيها من انتهاك المنظمة لقوانين الخصوصية الروسية، بسبب احتفاظها بقاعدة بيانات خاصة لمرشحين للهجرة إلى الكيان المؤقت. وقد فتحت موسكو تحقيقاً بالأمر.
مصادر إسرائيلية لموقع “واللاه” العبري أعربت عن وجود مخاوف إسرائيلية من هذا التحقيق. وطلبت “تل أبيب” من موسكو توضيحات حول التحقيق الذي فتحته وزارة القضاء الروسية ضد الوكالة اليهودية وأنشطتها. ودعا رئيس الوزراء يائير لابيد في 21 / 7 / 2022 إلى انعقاد جلسة لتدارس حيثيات القرار الروسي إغلاق الوكالة اليهودية في روسيا. وخلصت الجلسة الى إرسال وفد مشترك بين مكتب رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية ووزارة القضاء ووزارة الاستيعاب بهدف “ضمان استمرارية نشاط الوكالة اليهودية في روسيا”. وتجدر الإشارة الى أن القضاء الروسي حدد موعدًا لمناقشة القضية في الثامن والعشرين من تموز/يوليو الجاري.
“الوكالة اليهودية لأجل إسرائيل”
تعتبر “الوكالة اليهودية لأجل إسرائيل” التي تأسست عام 1908 (قبل عقود من قيام الكيان المؤقت على أرض فلسطين المحتلة) الجهاز التنفيذي للحركة الصهيونية. وعملت في مدينة يافا ضمن ما سمّي “مكتب فلسطين” تحت ظل الحكم العثماني بزعم تمثيل اليهود أمام السلطان العثماني وسلطات أجنبية أخرى.
مع بدء الاحتلال البريطاني لفلسطين عام 1920 (بعد صدور ما يسمى “وعد بلفور”) جرى “الاعتراف” بهذه الوكالة في المادة الرابعة من صك الاحتلال، ولعبت دوراً مهماً في تنسيق الهجرة اليهودية لفلسطين المحتلة وتخطيط السياسات العامة للقيادة الصهيونية كما عملت على سلب الأراضي الفلسطينية لصالح اليهود.
عملت هذه الوكالة داخل فلسطين المحتلة وخارجها لأجل:
_ تطوير وتحسين الهجرة اليهودية إلى فلسطين من ناحية زيادة الأعداد.
_ المساهمة في استيطان اليهود المهاجرين الجدد واستيعابهم داخل فلسطين المحتلة
_ الاستمرار في شراء الأراضي وتحويلها إلى ملكية يهودية.
_ إقامة استيطان زراعي.
_ العمل من أجل بعث اللغة والأدب العبريين.
ما يعني أن إغلاق مكاتب الوكالة اليهودية في روسيا، “ستكون ضربة قاسية للهجرة من روسيا”، حسب ما رأى موقع i24 news العبري.
اذاً، توضّح خطوة روسيا في تجميد عمل الوكالة اليهودية ضمن أراضيها أن العلاقة بين موسكو وتل ابيب قد لا تعود الى سابق عهدها حتى بعد انتهاء العملية في أوكرانيا، اذ فضحت العملية الاصطفافات الإسرائيلية التي لا تأخذ بعين الاعتبار سوى مصالح الكيان ومن خلفه واشنطن.
* الخنادق