كل ما يجري من حولك

عميدٌ إسرائيلي: حزبُ الله بات ينافسُنا في الجو أيضاً!!

عميدٌ إسرائيلي: حزبُ الله بات ينافسُنا في الجو أيضاً!!

515

متابعات| تقرير*:

منذ أيام، نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مقالاً في غاية الأهمية للعميد احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي “أساف أوريون”، تحت عنوان: “لا للاستخفاف والتقليل من شأن الصراع على المجال الجوي اللبناني”، يؤكد فيه على أن الساحة الجوية لم تعد ساحة مباحة لسلاح الجو الإسرائيلي بشكل مطلق، بل بات للمقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله وجوداً قوياً فيها، مستدلاً بذلك من خلال العديد من المؤشرات.

من هو آساف أوريون؟

وقبل استعراض أهم وأبرز ما جاء في هذا المقال، من مؤشرات وتفاصيل دّعم من خلالها الكاتب رأيه. هذه أبرز المعلومات حول “أوريون”:

_عميد إسرائيلي متقاعد واستراتيجي للشؤون الدفاعية، و”زميل عسكري” في معهد واشنطن للدراسات، كما أنه “زميل أبحاث أول” في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي INSS.

_ عمل في جيش الاحتلال لمدة 32 عامًا من الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي، وتولى العديد من المناصب آخرها رئيس القسم الإستراتيجي في مديرية التخطيط التابعة لهيئة الأركان العامة، وكان لديه العديد من المسؤوليات التي تتعلق بلبنان وبقوات اليونيفيل.

كما تولى لأكثر من عقدين مناصب في القيادة والاستخبارات جيش الاحتلال مثل: وحدة SIGINT  8200، وOSINT، والتعاون الاستخباراتي الدولي.

_حاصل على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها وتاريخ الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب (1992)، وماجستير في إدارة الأعمال من جامعة هارفارد (2000).

_خضع لدورات عديدة منها: دورة استخبارات مشتركة بين الوكالات الإسرائيلية (1994)، ودورة مديري المخابرات الدولية في بريطانيا (2005).

فما هي أبرز ما جاء من نقاط في مقاله؟

_ لكي تتجنب “إسرائيل” أخطاء الماضي ولتواجه أكبر التهديدات على حدودها، عليها أن تسعى إلى تكوين صورة استخباراتية دقيقة في لبنان، لا سيما بما يتعلق بتقويض التفوق الجوي لـ “الجيش الإسرائيلي“. فبحسب تعبيره إن طهران وشركائها، يتنافسون بشكل متزايد مع خصومهم، على سماء المنطقة أيضاً.

_ أما أبرز اتجاهات هذه المنافسة فهما: هجمات الطائرات بدون طيار، وانتشار أنظمة الدفاع الجوي لشركاء إيران، مستدلاً على أبرز مؤشرات ذلك ما حصل في اليمن، حيث استطاع الجيش واللجان الشعبية تنفيذ عمليات نوعية في كلا المجالين.

_ وصف ما حصل مؤخراً في لبنان، بالتصعيد الأكثر الخطورة (بالنسبة للكيان المؤقت)، من خلال عمليتين لحزب الله عبر 4 طائرات مسيرة (طائرة واحدة في 29 حزيران / يونيو، و3 طائرات في 2 تموز/ يوليو)، والتي تم اسقاطها، بالتزامن مع أفادته تقارير عن تنفيذ غارة جوية إسرائيلية ضد أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية المنتشرة في شمال غرب سوريا، بالقرب من الحدود مع لبنان.

وتشير هذه التطورات وغيرها بالنسبة إليه، إلى حقيقة مقلقة: أن الظروف العملياتية في سماء إسرائيل قد تغيرت بشكل غير مؤاتٍ لجيش الاحتلال، مما أعاق بعض جهوده الاستخباراتية وزاد من احتمالية نشوب صراع أوسع نطاقاً مع الحزب.

_ عرض المسار التصاعدي لمعادلات حزب الله الردعية في هذا المجال، التي تؤكد ما صرح به قائد سلاح الجوي الإسرائيلي الأسبق الجنرال “عميكام نوركين”، حينما أكد خلال مقابلة معه في نيسان / أبريل الماضي، أنه قد تم إضعاف “حرية بلاده” في التصرف في سماء لبنان. أمّا المسار فهو كالتالي:

1)مطلع العام 2009، تحذير الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من أن امتلاك منظومات دفاع جوي من شأنه أن يرجح كفة الميزان في أي صراع بالنظر إلى اعتماد إسرائيل الشديد على التفوق الجوي، مبيناً أن من حق الحزب امتلاك مثل هكذا منظومات لحماية سيادة لبنان.

عندها قامت إسرائيل (وفقاً لتقارير لم يوضح مصدرها “أوريون”)، بقصف منظومات دفاع جوي كان من المقرر نقلها إلى حزب الله من سوريا، بما فيها بطاريات روسية الصنع من طراز SA-8 و SA-17، وكذلك منظومات إيرانية.

2)إصابة طائرة بدون طيار إسرائيلية أهدافاً للحزب في بيروت في آب / أغسطس من العام 2019، والتي تعهد بعدها السيد نصر الله باستهداف الطائرات المسيّرة الإسرائيلية وإسقاطها من سماء لبنان.

3)في 3 شباط / فبراير 2021، إطلاق الحزب صواريخ أرض – جو على طائرة إسرائيلية بدون طيار لم يستطع إصابتها. وبعدها بوقت قصير، إجراء سلاح الجو الإسرائيلي مناورات “وردة الجليل”، التي بدأ السيناريو الافتتاحي فيها بإطلاق الحزب لصاروخ مضاد للطائرات أصاب طائرة مقاتلة إسرائيلية، والتي شارك فيها ما يصل إلى 85 في المائة من جميع أفراد سلاح الجو. وكشف أوريون أن المناورات حاكت رداَ إسرائيلياَ مكثفاً تم خلاله ضرب 3000 هدف في لبنان خلال 24 ساعة، شملت مهام التفوق الجوي ضد أهداف الدفاع الجوي للحزب في بيروت وجنوب لبنان. مشيراً الى أن الجيش الإسرائيلي قد أعلن حينها، أن هذا السيناريو هو ما يجب أن يتوقعه الحزب، رداً على أي هجوم يشنه ضد طائرة حربية مقاتلة.

4)استنتج “أوريون” أن ذلك لم يردع السيد نصر الله، الذي كشف خلال مقابلة أجراها في شباط / فبراير 2022، أنه خلال العامين السابقين، قام الحزب بتشغيل منظومات دفاع جوي، أدّت الى تقليل حركة الطيران الإسرائيلية في سماء لبنان بشكل كبير، وأعاقت استطلاعها ضد المقاومة.

كما تفاخر السيد نصر الله على حد وصف “أوريون”، بأن الحزب بدأ في تصنيع طائرات مسيّرة خاصة به. مضيفاً بأن السيد نصر الله توصل الى أن التقييد على العمليات الإسرائيلية قد أدى لنتيجتين رئيسيتين:

أ)لم يعد بإمكان جيش الاحتلال القيام بأي خطوة لوقف إنتاج الحزب للصواريخ الدقيقة.

ب)يتوجّب على إسرائيل القيام بتسخير عوامل بشرية داخل لبنان، للتعويض عن فقدانها لاستطلاع الطائرات المسيّرة.

وهذا ما أقرّ به الجنرال نوركين في مقابلته أيضاً، بأن بعض عناصر جمع المعلومات الاستخبارية قد تأثرت بالفعل.

_ استدل “أوريون” على ذلك من خلال استعراضه لأرقام الانتهاكات الجوية الإسرائيلية، التي استقاها من قوات اليونيفيل التي تراقب سير تنفيذ القرار الأممي 1701، وهذا خلاصة ما تكشفه الأرقام:

1)تم تسجيل 9,836 ساعة تحليق للجيش الإسرائيلي خلال العام 2020، 7750 منها خلال فصل الصيف من ذلك العام فقط، والذي يعدّ فترة ذروة الطلعات الجوية بمختلف أنواعها، نسبةً لحال الطقس حينها.

2)تسجيل 989 ساعة تحليق للجيش الإسرائيلي خلال العام 2021، 378 منها في فصل الصيف، وهذا ما يؤكد إنجاز المقاومة بشكل حاسم لا يقبل البحث.

_ هذه الإخفاقات الإسرائيلية، أضيف إليها إشعال فتيل مواجهة في ميدان آخر بحسب “أوريون”، على طول حدود إسرائيل مع لبنان وسوريا، والتي تضمنت:

1)في العام 2018، قصفت إسرائيل دورية تابعة للحزب في الجزء غير المحتل من مرتفعات الجولان (القنيطرة)، والتي رد عليها الحزب بعملية انطلاقاً من الأراضي اللبنانية، أدت الى مقتل جنديين إسرائيليين.

2)في العام 2019، شن جيش الاحتلال هجوماً على فريق تابع لـ “قوة القدس” أثناء محاولته إطلاق طائرات مسيرة من سوريا، تبين أن بعض عناصره من اللبنانيين، ما دفع بحزب الله الى الرد أيضاً (عملية أفيفيم”)، ما أدّى أيضاً الى نشوء معادلة ردع جديدة، تؤكد أن الاستهداف الإسرائيلي لمقاومي الحزب في سوريا أو لبنان، سيقابل برد حتمي للحزب ضد إسرائيل.

3)ما حصل في آب / أغسطس 2021، عندما أطلقت مجموعات من المقاومة الفلسطينية في لبنان صواريخ على الكيان. والذي ردّت عليه بشنها غارة جوية نادرة في لبنان (الأولى منذ العام 2014 بحسب الرواية الإسرائيلية، فيما رواية الحزب أنها الأولى منذ ما بعد حرب تموز 2006)، والتي ردّ عليها الحزب أيضاً، بإطلاق 20 صاروخاً على الكيان المؤقت.

_ أكدّ “أوريون” أنه غالباً ما ترصد وتشاهد طائرات مسيرة تابعة للحزب، خلال تحليقها على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، منها ما تم إسقاطه، ومنها ما أدّى إلى إطلاق صفارات الإنذار وعمليات إطلاق فاشلة من قبل نظام “القبة الحديدية” الإسرائيلي. مستخلصاً أن الوضع يُدار حتى الآن بطريقة تكفي لتجنب التصعيد، والذي يمكن أن تؤدي الظروف المتغيرة في المجال الجوي إلى زعزعة هذا التوازن الهش.

_ الإشارة إلى أن إسرائيل مدركة إلى أن حزب الله يشكل التهديد العسكري الأبرز لها، وأنه يعمل على تطوير قدراته باستمرار. كاشفاً أنه خلال مناورات “عربات النار” التي نفذها جيش الإحتلال في أيار / مايو الماضي، تم التدرب على توجيه ضربة دقيقة ومناورة واسعة ضد هذه القدرات، مؤكداً أن رد الكيان على تصعيد الحزب سيكون عبر شن حملة جوية وبرية واسعة النطاق تستند إلى معلومات استخبارية.

_ مستنتجاً في ختام مقاله، أن إسرائيل تحتاج إلى مواصلة جهودها لجمع المعلومات حول قدرات الحزب، وتحديث صورتها الاستخباراتية بشكل جيد في المستقبل. مبيناً أن أحد الخيارات المطروحة أمامها هو تطوير مجموعة بدائل عن الاستطلاع الجوي. لكن هذا ما سيجعلها تواجه معضلة وهي: إما القبول بالتدهور التدريجي لصورتها الاستخباراتية مع مرور الوقت، أو تعريض مهام الاستطلاع الجوي الخاصة بها لنيران الدفاعات الجوية التابعة لحزب الله.

* الخنادق

You might also like