بابُ المندب ومعركة التحرير الشامل
بابُ المندب ومعركة التحرير الشامل
منصور البكالي
لكل ثورة منطلقاتها وأهدافها الاستراتيجية التي تنطلق منها وتسعى لتحقيقها مهما بلغت حجم المتطلبات من القدرات والإمْكَانيات، وثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الفتية لها منطلقات قرآنية ووطنية واضحة وبينة وجامعة ومعلنة.
توحيد الأُمَّــة لمواجهة العدوّ المشترك أمريكا وإسرائيل وإفشال مخطّطاتهم الاستعمارية على رأس أهدافها وأولوية قدّم الشهيد القائد المؤسّس روحَه الغالية ثمن إرساء به مشروعه القرآنية وثورته القرآنية في مواجهة قوى الظلم والاستكبار العالمي وطواغيت العصر وأدواتهم.
ومما لا شك فيه أن معركةَ التحرير الشامل للأراضي اليمنية من دنس الغزاة والمحتلّين وأدواتهم مُستمرّة وتسير في اتّجاهها الصحيح وفقاً لتلك الأولويات والخطط والدراسات العسكرية التي استطاعت تحريرَ محافظات ومديريات ومساحاتٍ شاسعة هنا وهناك خلال فترات زمنية محدودة ووفق تكتيكات حربية أذهلت الخبراء العسكريين في صفوف العدوان، ودفعت به لتحَرّك السياسي وعبر هيئات دولية ووساطات إقليمية وعربية للمطالبة بالهُدنة العسكرية الجارية والممددة في فترتها الثانية، في محاولة لإعاقة مسيرة معركة التحرير، والتخطيط لتجنيبِ باب المندب والساحل الغربي بشكلٍ عام عنفوان هذه المعركة.
وبعد تكشُّف المزيد من الأطماع الصهيونية في محاولات السيطرة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب من وراء هذه الهدنة وعبر أدواتها الخليجية والعميلة في الداخل، تدرك القيادةُ السياسية والعسكرية في صنعاء أن معركةَ تحرير باب المندب والساحل الغربي تتطلب مراجعةً سريعة للخطط الميدانية ورفع مستوى الجهوزية والإعداد لخوضها قبل أية جبهة أُخرى كان لها الأولوية خلال الفترة الماضية، وتهيئة كُـلّ الظروف بمستوياتها المختلفة وإن تطلب ذلك تقديم بعض من التنازلات للأطراف اليمنية المرتهنة للعدوان في شرق اليمن وجنوبه.
تصريحاتُ رئيس الوزراء عبدالعزيز بن حبتور تعكس مستوى الاهتمام والمتابعة لتحَرّكات قيادات دول العدوان وعلى رأسها التحَرّكات الأمريكية والصهيونية الأخيرة في المنطقة، وما كان ظاهراً من القمة التي عقدها الرئيس الأمريكي بايدن مع أدواته الخليجية في مدينة جدة.
التصريح -وإن كان في مستواه السياسي- لا يزال في مرتبة إقامة الحجّـة للرأي العام من جهة، ومن جهة أُخرى رسالة توضيحية للأطراف اليمنية ذات العلاقة بدول العدوان لعلها تراجع حساباتها وتجري مفاوضاتٍ شبه سرية حول أهميّة وضع حَــدٍّ في مختلف الجبهات وإعطاء الفرصة لصنعاء بأن تقف في وجه الكيان الصهيوني وأعوانه؛ ذوداً على سيادة مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتاميناً للشعوب العربية، وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية ذات الأولوية في الصراع العربي الإسرائيلي.
إن ما بعد تصريحات بن حبتور تكشف عن أبعاد وتحولات عسكرية استراتيجية انطلاقاً من الصناعات الحربية البحرية الصاعدة بقوة وكذا على الميدان العملياتي ومستوى الإعداد والتجهيز الذي تم خلال فترة الهدنة، ما لم يكن هناك أي إعداد لشن أكبر عملية عسكرية بحرية مباغتة تنهي الأحلامَ الصهيونية في البحر الأحمر وتعيد الاعتبارَ للأُمَّـة العربية بكاملها، وتُفشِلُ أحلامَ المطبعين والمهرولين نحو الحضن الصهيوني.
وبالعودة إلى استراتيجية المشروع القرآني في خوض المعركة مع اليهود، فإن شعار الصرخة واضح ويُبنَى عليه عمليًّا لتصب كافة الجهود والإمْكَانيات والقدرات في التصدي للمخطّطات الصهيونية والأمريكية وإزهاقها بأقرب الطرق والسبل.
أما معركة التحرير الشامل للتراب اليمني فإن سحق رأس الأفعى الصهوأمريكية في باب المندب والجزر اليمنية أولوية قصوى وتسهم في التعجيل بتحرير كُـلّ ذرة من التراب اليمني، بل هو أمر ممكن وببساطة أمام قدرات صنعاء العسكرية المتفوقة أمام القدرات الدفاعية لدول العدوان.