كل ما يجري من حولك

أزمة هُــوِيَّة

أزمة هُــوِيَّة..

427

بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي.

هل رأيتم يوماً شباباً (أُورُوبياً) أَو (أمريكياً) في أوطانهم أخذوا يقلدون العرب في ثقافتهم وأخلاقهم أَو حتى في شيءٍ من أنماط حياتهم؟!

هل رأيتم أحداً منهم يوماً قد ائتزر مئزراً مثلاً أَو ارتدى عمامةً أَو عقالاً أَو ثوباً أَو عباءةً.. أَو تحزَّم (جنبيةً) أَو (شبريةً) أَو (خنجراً) أَو…؟

هل رأيتم أحداً منهم يوماً قد حاول تقمص شخصية إنسان عربيٍ أَو سعى إلى التشبه به أَو تقليده..؟!

هل رأيتم أحداً منهم قد طعَّم حديثه أَو خطاباته بمفردات عربيةٍ فصحى أَو حتى دارجة؟!

هل رأيتم أحداً منهم قد هاجم ثقافته أَو ازدرى هُــوِيَّته لصالح الثقافة والهُــوِيَّة العربية مثلاً؟!

الإجَابَة بكل تأكيد: لا..

حتى في زمنٍ كان العرب فيه هم العرب..

وكان الأُورُوبيون لايزالون غارقين في ظلام الجهل والتخلف، لم يسجل التاريخ يوماً أن (أُورُوبياً) أَو (غربياً) واحداً قد استهوته مثلاً ثقافة أَو سلوكيات وآداب العرب، فراح يقلدها ويمارسها سلوكاً هناك في بلاده بدعوى التحرّر أَو الانفتاح على ثقافات وحضارات الشعوب الأُخرى!

لن أسألهم لماذا طبعاً..؟

فهم في الحقيقة ليسوا ملزمين أَو مجبرين أصلاً على فعل ذلك!

لكني سأسأل ذلك الإنسان العربي الذي أراه لا يجد تحرجاً في التنصل من ثقافته والتجرد من هُــوِيَّته لصالح الثقافة والهُــوِيَّة الغربية..

لماذا نحن نقلدهم حين هم لا يقلدوننا؟!

أهو اعتزاز واعتدادٌ منهم بتاريخهم وثقافتهم وهُــوِيَّتهم الغربية، أم هو عدم اعتزاز واعتدادٍ منا بتاريخنا وثقافتنا وهُــوِيَّتنا، أم كلاهما يا ترى؟

والمصيبة ماذا؟

أننا نقلدهم ونتشبه بهم في كُـلّ شيء إلا في ما قد يعود بالنفع علينا وعلى شعوبنا وأمتنا!

فلا نستورد منهم دائماً من الثقافة والقيم والمبادئ ومخرجات العقل وطرق التفكير إلا كُـلّ ما هو رخيص ومبتذل وهَّـابط وسخيف وتافه!

لماذا؟!

هل؛ لأَنَّنا نحن العرب واقعين تحت تأثير ما نعتقد أنه (غزوٌ فكريٌ) أجنبي ممنهجٍ ومنظم، أم؛ لأَنَّنا قد ارتضينا لأنفسنا أن نعيش في حالة انحلالٍ واضمحلالٍ فكريٍ وقيميٍ وأخلاقي؟

بصراحة لا أدري..!

كل الذي أدريه هو أن لا أحد من العالمين اليوم يعيش في حالة اغترابٍ فكري وثقافيٍ وأخلاقيٍ كما يعيشها ويعاني منها العرب!

فهل أصبحنا نحن العرب أُمَّـة بلا هُــوِيَّة..

لا أدري..!

You might also like