هل سينهارُ اتفاقُ وقف إطلاق النار في اليمن بعد ما حصل؟
هل سينهارُ اتفاقُ وقف إطلاق النار في اليمن بعد ما حصل؟
متابعات| تقرير*:
إن مصير اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن على وشك الانهيار، وسط توترات بين “أنصار الله” وقوات تحالف العدوان السعودي بعد اتهامات متبادلة بعدم الامتثال للتنفيذ الصارم لبنود الاتفاق. وقد دفع ذلك الأمم المتحدة، بصفتها الوسيط الرئيسي في وقف إطلاق النار، إلى تكثيف جهودها لضمان التنفيذ السليم لبنود وقف إطلاق النار، إلا أن تصرفات مبعوث الأمم المتحدة تعرضت لانتقادات من صنعاء وعدن. وفي أوائل يونيو / حزيران الماضي، وافقت حكومة صنعاء والحكومة المستقيلة في عدن التابعة للسعودية على تمديد وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية لمدة شهرين. ومن أبرز بنود وقف إطلاق النار، استئناف الرحلات الجوية التجارية عبر مطار صنعاء، وإعادة فتح الطرق في مدينة تعز، ودفع رواتب موظفي الحكومة، وتخفيف حصار الحديدة.
استمرار الضغط السعودي على المدنيين بالحصار والضربات العسكرية
في الأيام الأخيرة، زاد عدد انتهاكات وقف إطلاق النار بشكل كبير. ولقد أفادت وكالة أنباء سبأ اليمنية، بأن القوات الغازية خرقت وقف إطلاق النار الإنساني والعسكري 136 مرة خلال الـ24 ساعة الماضية. وقال مصدر في غرفة تنسيق عمليات الضباط، إن القوات الغازية استمرت في خرق الاتفاق السويدي في الحديدة، ولقد تم رصد 53 خرقاً لوقف إطلاق النار من قبل القوات الغازية، بما في ذلك تحليق طائرات مسيرة تجسسية وقصف مدفعي وهجمات مسلحة مختلفة. وأوضح المصدر أن من بين الانتهاكات تحليق ست طائرات مسيرة تجسسية فوق المدينة.
وحسب مسؤولين في حكومة صنعاء، إذا كانت الأمم المتحدة جادة بشأن وقف إطلاق النار، فيجب عليها إرسال فريق مراقبة لرصد وتسجيل الانتهاكات من جانب المخالفين. وبموجب شروط وقف إطلاق النار، يجب على الأطراف عدم استخدام وقف إطلاق النار لتغيير موقفهم العسكري وتجهيز قواتهم للحرب. ومن جهة أخرى، أعلنت قوات تحالف العدوان، يوم الجمعة الماضي، مقتل أربعة من جنودها وإصابة 17 آخرين خلال ثلاثة أيام نتيجة الاشتباكات مع قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية على مختلف الجبهات.
أيضًا، أدى غزو التحالف السعودي الإماراتي لليمن الذي استمر 8 سنوات إلى أزمة إنسانية كبيرة في اليمن، وكان من المتوقع أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة شهرين ثم تجديده لمدة شهرين آخرين، وإن الاعتقادات الإنسانية الدولية تفيد بأن الوضع سيكون معقدًا، ويجب توفير الامن والغذاء للشعب اليمني، لكن المملكة العربية السعودية، من خلال منع دخول عدد كبير من السفن التي تحمل مساعدات إنسانية، وخاصة سفن الوقود، تقوم عمليًا بعرقلة وضع المدنيين واستخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط للتقدم ولتحقيق الأهداف السياسية في المفاوضات.
ولقد أعلنت شركة النفط اليمنية، الأربعاء الماضي، أن تحالف العدوان السعودي بقيادة الولايات المتحدة، استولى على ناقلة نفط جديدة، ومنعها من الوصول إلى ميناء الحديدة في أقل من 24 ساعة. وفي وقت سابق قال المتحدث الرسمي باسم شركة النفط اليمنية عصام المتوكل إن “التحالف السعودي يمنع سفينة الوقود من الوصول إلى ميناء الحديدة رغم عمليات التفتيش والتصاريح السابقة التي لديها من الأمم المتحدة”.
ولقد دفعت الانتهاكات العديدة لبنود وقف إطلاق النار من قبل الجانب السعودي مختلف المسؤولين في حكومة الإنقاذ الوطني إلى تقليص عتبة التسامح في صنعاء لقبول استمرار وقف إطلاق النار من جانب واحد. حيث قال محمد علي الحوثي إن “استمرار الحصار والمعارضة لتنفيذ بنود وقف إطلاق النار، وهي وثيقة رسمية برعاية الأمم المتحدة ومجلس الأمن، تظهر جريمة متعمدة بحق الشعب اليمني”. كما كتب عضو المجلس السياسي الأعلى اليمني، على تويتر، وأضاف إن التحالف السعودي يحاول اذلال الشعب اليمني من خلال تجويعه.
وكان الفريق جلال الرويشان، نائب رئيس الوزراء في حكومة الإنقاذ الوطني اليمنية للدفاع والأمن، قد أكد في وقت سابق أن ما تم تحقيقه حتى الآن لا يعادل 10 في المئة مما تم الإعلان عنه بموجب وقف إطلاق النار. كما أكد اللواء الرويشان أن عائدات استيراد المشتقات النفطية ستحول إلى حساب خاص، وقال: “دفع الرواتب من الوعود الكاذبة التي يقطعها التحالف المعتدي والمرتزقة باستمرار”. وحذر الرويشان في بيان: “إذا استمر وقف إطلاق النار دون فتح منافذ ودفع الرواتب وفتح المطار، فإن وقف إطلاق النار هذا لا أساس له وشعبنا يصر على نيل حقوقه”.
وحسب بعض وسائل الاعلام، فإن عبد الملك العجري، عضو المكتب السياسي لأنصار الله اليمنية، غرد أيضًا بأنه يجب على المجتمع الدولي إصلاح هيكل ما يسميه حكومة “شرعية” كخطوة نحو السلام، والإطاحة بالرئيس اليمني المستقيل عبدربه منصور هادي الذي يعتبر أكبر عقبة أمام السلام. وشدد العجري على أن قرار استمرار الحرب أو السلام يعود للسعودية. وعقب ردود الفعل اتهم اللواء محمد عبد الكريم الغمري رئيس الأركان العامة للجيش الدول المعتدية بالتعامل الانتقائي مع شروط وقف إطلاق النار ورفض أعذار الجانب السعودي لعدم إعادة فتح طريق تعز. وقال: “رغبتنا في اتخاذ خطوات حقيقية وجادة، وعلى المعتدي أن يتخذ مقاربة إيجابية لمبادرة إعادة فتح الطرق في تعز ليثبت رغبته في التخفيف من معاناة أبناء المحافظة”.
غضب يمني من قيام مرتزقة سعوديين باغتصاب 6 نساء
لكن وسط تقارير ثنائية عديدة عن انتهاكات واسعة النطاق لوقف إطلاق النار على جبهات مختلفة، كانت القضية المهمة التي هزت الرأي العام اليمني هي جريمة اغتصاب ست فتيات من قبل القوات التابعة للسعودية في مدينة تعز شمال محافظة تعز اليمنية. وعقب هذا العمل الشنيع، احتج شيوخ وقبائل المنطقة على الجريمة الجديدة للمرتزقة والعناصر الموالية للسعودية، واصفين إياها بالعار. وأشاروا إلى أن هذه الجريمة التي تضاف إلى الجرائم المماثلة التي يرتكبها تحالف العدوان ومرتزقته، تتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع اليمني ودين الإسلام، والمتورطون في هذه الجريمة أينما كانوا، ينبغي أن يحاكموا.
وقال الموقعون على البيان إن استمرار هذه الجرائم من قبل تحالف العدوان ومرتزقته يعود إلى تواطؤ وصمت الأمم المتحدة نيابة عن مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان رداً على الإجراءات السعودية الإماراتية. وطالب البيان جميع الاحرار في العالم والمنظمات والهيئات الحقوقية بإدانة هذه الجريمة ومرتكبيها والضغط على مجلس الأمن للوفاء بواجبه ومسؤوليته لوقف عدوان التحالف.
وأكد المسؤولون اليمنيون أن استمرار ارتكاب هذه المجازر الوحشية بالتزامن مع محاولات الأمم المتحدة تبييض سجل العدوان الوحشي والإجرامي دليل قاطع على سقوط الأمم المتحدة، وعجزها عن إيقاف شلال الدم اليمني للعام الثامن على التوالي، وعدم احترامها لمواثيقها ونقضها لمبادئها، طالما أن الدول المهيمنة تستفيد من استمرار إراقة الدم اليمني. وحملوا كلاً من تحالف العدوان والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإنسانية ذات الصلة المسؤولية الكاملة لما سيترتب من خطوات مشروعة لردع صلف العدوان وحماقته المتواصلة بحق اليمن أرضاً وإنساناً، داعيين الأبطال المجاهدين من الجيش اليمني واللجان الشعبية والقوة الصاروخية سلاح الجو المسير وأحرار الشعب إلى ضرورة الرد، ومواجهة العدوان وأدواته، بكل ما من شأنه ردع العدوان والاقتصاص لشهدائنا وجرحانا.
كما دعا رئيس الوفد الوطني اليمني “محمد عبدالسلام”، الأمم المتحدة ومبعوثها الى عدم التماهي مع الدعايات المضللة للنظام السعودي والرامية الى تحسين صورتها عبر قلب الحقائق. وقال رئيس الوفد الوطني في تصريح له مساء اليوم الجمعة: على الأمم المتحدة ومبعوثها عدم اللهاث وراء الدعاية السعودية السوداء وتبييضها وتجميلها ولا سيما في قضايا باتت واضحة ومدعاة للسخرية، مطالباً المبعوث الأممي القيام بدوره بمسؤولية.
وأضاف: “على المبعوث الأممي القيام بدوره بمسؤولية وحيادية، أما المواقف الرمادية ومجاراة المعتدي فلن تؤدي به إلا إلى ما أدت بأسلافه“. وبدوره، أكد نائب وزير خارجية صنعاء حسين العزي، في تغريدة عبر “تويتر”، أن “الأمم المتحدة تفتقر إلى أبسط شروط الوسيط المحايد، وتبدو عاجزة عن تسمية الأشياء بمسمياتها“. وتابع العزي: “لقد أفرجنا عن مجموعة كبيرة وحقيقية من الأسرى، ولكن من الواضح أن فوبيا أميركا وباقي دول العدوان منعت المبعوث الأممي من الحديث عن هذه الخطوة“.
* الوقت