الإمارات: خصخصة الحروب!
الإمارات: خصخصة الحروب!
متابعات| تقرير*:
لم يكن طارئاً التحوّل الذي شهدته الامارات والذي ترجم عملياً بدخولها دائرة الضوء في العديد من الصراعات الإقليمية، خاصة بعد أحداث “الربيع العربي”. حيث ان رئيسها الجديد، الذي كان يهندس سياسة بلاده من خلف الكواليس طيلة سنوات مضت، يحمل أحلاماً أكبر من أن يستطيع الجيش الاماراتي ان يقوم بها، وهو ما أشار إليه محمد بن زايد في لقاء جمعه مع مساعد وزير الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز عام 2007 -وكان حينها ولي عهد أبو ظبي- حضره كل من وزير الخارجية الاماراتي عبدالله بن زايد، والسفيرة الأميركية لدى الامارات ميشيل ساسون، حسبما كشفت وثائق ويكيليكس لاحقاً.
اختار محمد بن زايد -وهو خريج أكاديمية ساندهيرست العسكرية البريطانية- الجيش ليكون نقطة انطلاق مساره السياسي، غير ان مسار خياره هذا كان محشوّاً بالألغام، حيث ان تجربة الانقلابات العسكرية التي تعرضت لها بعض دول الخليج، كالانقلاب الفاشل الذي قادته مجموعة من الجيش أطلقت على نفسها اسم “الضباط الأحرار السعوديين”، على الملك سعود بن عبد العزيز وولي عهده فيصل، جعلت من بن زايد أكثر حذراً، ووضعته أمام معضلة حقيقية حول كيفية الجمع بين مسارين لكل منها استراتيجية منفصلة: كيف يكون لدى بن زايد جيشاً محدود القوة، لا يشكّل خطراً على مستقبل الحكم او يخرج عن “طاعة ولي أمره”، وبالوقت نفسه قادراً على تلبية الطموحات المتزايدة لأبو ظبي في الخارج، إضافة لممارسة القمع في الداخل متى لزم الأمر لذلك. ومن هنا بدأ العمل على بناء “جيش مستعار”، وكما كانت معظم الأمور تُحل بالثروة العظيمة التي يمتلكها بن زايد، والتي توظّف بشركات استثمارية ضخمة، كان لا بد للأمير الطامع بالسلطة، ان يطبق مبدأ خصخصة الحروب، والاستعانة بشركة تعنى بتأمين عناصر من “المرتزقة”، ووقع الاختيار على شركة ” Reflex Responses ” الأميركية التي كان يقطن رئيسها، إريك برنس، في أبو ظبي، وعدداً من الشركات الأجنبية الأخرى، ولأن الامارات كانت منذ عقود تعتمد على مقاتلين من غير الاماراتيين، كان الأمر بالنسبة لابن زايد مثيراً خالياً من الحرج.
عام 2011، اعترفت الامارات ببيان رسمي لها بأنها عقدت عدة اتفاقيات مع شركات خاصة تقوم بتقديم التدريبات العسكرية منها Horizon و Reflex Responses وSpecter Defenese، وقالت ان هذه القوة “ضرورية للقيام بتطوير القدرة العسكرية لأكثر من 40 ألف عنصر إماراتي”.
أبرز الشخصيات التي استقدمتهم الامارات لإدارة جيشها والعمل بشكل أساسي على وحدة الحرس الرئاسي الذي بات يعمل كـ “درع واق” ويد طولى يضرب بها بن زايد متى أراد:
-مايك هندمارش: قائد الحرس الرئاسي، من الجنسية الاسترالية.
-ديزي واطسون: مستشار أمني للقوات المسلحة الإماراتية من شهر نيسان/ ابريل عام 2007 حتى عام 2016، يحمل الجنسية البريطانية.
-مارتن سيمبسون: مسؤول عن التدريب والعقيدة القتالية في البحرية الإماراتية منذ عام 2009، وهو من الجنسية البريطانية.
-روبرت بي كروس: تسلم مهام الاشراف على معهد الحرس الرئاسي من تموز/ يوليو 2013 حتى شباط عام 2014.
-ستيف نيكولز: مستشار الحكومة الإماراتية منذ عام 2010، يحمل الجنسية الأميركية.
عمليات الاغتيال استهدفت شخصيات يمنية
وكالة الأناضول كشفت في تحقيق استقصائي لها نشر في 13 شباط/ فبراير عام 2020، أدلة أثبتت فيها ان الامارات وقفت وراء عمليات اغتيال طالت عدداً من قيادات حزب الإصلاح اليمني -المدعوم سعودياً- قام بتنفيذها فريق متخصص يعمل في إحدى شركات الأمن التي كانت أبو ظبي قد تعاقدت معها سابقاً.
ونقلت الوكالة عن موقع بزفيد، قول رئيس برنامج الاغتيالات المتعاقد مع شركة الأمن هذه، أبراهام غولان، وهو مجري يحمل الجنسية الإسرائيلية، ان “عمليات الاغتيال التي استهدفت شخصيات يمنية كانت بتكليف من الامارات”.
وأفاد بزفيد بأن “أحد الضباط الاماراتيين قدّم لأفراد الفريق قائمة شخصيات تحت الاستهداف تتضمن 23 بطاقة لأفراد ينتمون لحزب الإصلاح وآخرين غالبيتهم علماء دين، وحصلوا على 1.5 مليون دولار شهرياً مع جملة امتيازات خاصة عن كل عملية اغتيال ناجحة”.
يقول شون ماكفيت، وهو مؤلف كتاب “المرتزقة الجدد: الجيوش الخاصة والنظام الدولي”، ان “المرتزقة هم الخيار الجاذب للدول الغنية لخوض الحروب التي لا يرغب مواطنوها في شنها”. غير ان تجربة الامارات هذه، والتي قد تساعدها فعلاً في تحقيق بعض المكاسب السياسية في بعض الدول واسقاط أنظمتها عن طريق الانقلابات والاغتيالات، إلا انها فعلياً لا يمكن لها ان تلبي الطموح في ترسيخ النفوذ والاحتلال، وقد أثبت اليمن بعد 7 سنوات من الحرب، والتي كانت الامارات أهم المتورطين الفاعلين في وأد نارها، ان ما يلزم أبو ظبي لتحقيق أهدافها أكبر من شركة مرتزقة، وليست الحروب بغالبيتها قابلة للخصخصة.
* الخنادق: مريم السبلاني