عطوان: ساعة المُواجهة اقتربت والرّد قادم وسيكون أعنف من معركة “سيف القدس”
مسيرة الأعلام اخترقت كُل الخُطوط الحمراء والأصابع على زِناد الصّواريخ في غزّة والبنادق الرشّاشة في الضفّة
عبد الباري عطوان
لا نعتقد ان الرد الفلسطيني على مسيرة الاعلام الإستفزازية الإسرائيلية سيقتصر على مسيرات مضادة ترفع الاعلام الفلسطينية، وتصدي بعض الشبان العزل للمستوطنين المدعومين بأكثر من ثلاثة آلاف جندي مدججين بالسلاح، يعتدون على المرابطين نساء، ورجالا، واطفالا، ففصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية توعدت بالرد وبقوة على هذا الاختراق لكل الخطوط الحمر، وستوفي بالعهد بطريقة غير مسبوقة، وحافلة بالمفاجآت.
باحات المسجد الأقصى تعرضت حرفيا لاحتلال استيطاني إسرائيلي منذ الصباح الباكر حيث عربد المستوطنون فيها بحرية مطلقة بعد افراغها بقوة السلاح من الفلسطينيين، وهذا الاحتلال، وهذه العربدة، لا يمكن، بل لا يجب ان تمران دون رد قوي، لأن مؤامرة تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا، يجري تطبيقها بشكل متسارع على الأرض، وبقوة السلاح.
***
في العام الماضي وفي مثل هذه الأيام، جاء الرد بإطلاق 4300 صاروخ على الأهداف الإسرائيلية على مسيرة استيطانية مماثلة بإشعال فتيل حرب “سيف القدس” حيث عزلت هذه الصواريخ دولة الاحتلال ومستوطنيها عن العالم 11 يوما كان يمكن ان تطول لولا تدخل الرئيس الأمريكي تلبية لطلب واستجداء بنيامين نتنياهو بعد ان أجبرت هذه الصواريخ ستة ملايين إسرائيلي على اللجوء الى الملاجئ، وأغلقت المطارين المدنيين الوحيدين لأول مرة منذ نكبة فلسطين.
لا نستبعد ان تنهال الصواريخ على دولة الاحتلال في أي لحظة تنفيذا لوعد المقاومة وقيادتها، مثلما لا نستبعد ردا على شكل العمليات الأربع التي استهدفت تل ابيب والخضيرة وبئر السبع وبني براك قبل شهر والتي أدت الى مقتل 14 إسرائيليا وإصابة العشرات.
استخدام قوات الجيش الإسرائيلي الرصاص المتفجر لن يرهب الشعب الفلسطيني الذي لا يخشى الموت دفاعا عن ارضه وعرضه، واغتيال الصحافية مثلما حدث مع الشهيدة شيرين أبو عاقلة، مراسلة قناة “الجزيرة” لم يمنع زميلاتها وزملاءها من المخاطرة بأرواحهم من اجل إيصال الاجرام الإسرائيلي الى كل بقعة من العالم، فهؤلاء طلاب شهادة أيضا، وسبقهم اليها 40 صحافيا فلسطينيا برصاص الديمقراطية الإسرائيلية.
ما بعد مسيرة الاعلام التي اجتاحت القدس وحرمات المسجد الأقصى صباح اليوم لن يكون مثلما كان عليه الحال قبلها، والاراض الفلسطينية المحتلة في الضفة والقطاع، ومناطق 48، ستشهد انفجارا ومقاومة غير مسبوقة، ولن يعرف المستوطنون الامن والاستقرار مطلقا، وستكون كلفة احتلالهم ماديا وبشريا عالية جدا.
يريدونها حربا دينية فليكن، وعليهم ان يستعدوا لمواجهة 450 مليون عربي، واكثر من مليار مسلم، ولم يكذب الجنرال ايهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الذي ذاق طعم الهزيمة في جنوب لبنان عام 2000، عندما تنبأ بأن دولة الاحتلال قد لا تكمل عقدها الثامن، هذا مع الإغراق بالتفاؤل.
هذا الاقتحام للمسجد الأقصى، ومسيرة الاعلام التي تبعته، انهت اتفاقات أوسلو، وشيعت السلطة الفلسطينية الى مثواها الأخير، وقبرت خطيئة التنسيق الأمني الكبرى، والحرب الإقليمية باتت قاب قوسين او ادنى، ولن تنتهي الا بنهاية الدولة العبرية اذا اشتعل اوارها.
عندما يهتفون بشعار “الموت للعرب” فإنهم اعفوا المدافعين عن الأقصى وكنيسة القيامة، وكل المقدسات المسيحية والإسلامية الأخرى في أي يوم، فقد اسقطوا بهذا الهتاف كل المحرمات، ونزعوا القناع عن كل اكاذيبهم بالديمقراطية والتعايش والحضارية.
كان مؤلما ووحشيا ان يعتدي جنود مدججين بالسلاح على أطفال تحت سن 14 عاما، وكان مؤلما أكثر عندما يطرحون ارضا سيدة عجوز في الثمانين من عمرها تتوكأ على عكاز وينهالون عليها ضربا دون رحمة، هذه الصور الوحشية ستظل محفورة في اذهان الأجيال الحالية والقادمة ولن تُمحى الا بالنصر.
***
الرد قادم حتما، وصمت السنوار ومحمد الضيف وزياد النخالة، وكل قادة فصائل المقاومة الأخرى، لا يعني ان هذه الانتهاكات ستمر دون عقاب، او أنهم يخشون من اجتياح إسرائيلي للقطاع، بل العكس كليا، ومثلما هربوا من القطاع مهزومين وتركوا مستوطناتهم هلعا ورعبا، وفشلوا في اقتحام مخيم جنين، مخيم الأبطال والعزة والكرامة، سيهربون ليس من كل مستوطنات الضفة فقط، وانما من كل فلسطين بحثا عن الأمن والأمان والاستقرار، والقدس كانت وستظل عربية.. والأيام بيننا.