يومُ العودة أقرب!
يومُ العودة أقرب!
متابعات| تقرير*:
“لم ننس البداية، لا مفاتيح بيوتنا، ولا مصابيح الطريق التي أضاءها دمنا، لا الشهداء الذين أخصبوا وحدة الأرض والشعب والتاريخ، ولا الأحياء الذين ولدوا على قارعة الطريق… لن ننسى ما حدث لنا على هذه الأرض الثكلى وما يحدث…لأن الحكاية – حكاية الأرض والشعب” يصف الشاعر محمود درويش الأحداث التي عاشها الفلسطينيون خلال الاجتياح الإسرائيلي لمناطقهم عام 1948 والتي هجّروا منها حاملين المفاتيح ووثائق ملكية البيوت “كرمز قوي لحلمهم بالعودة” (كما يقول المفكّر إدوارد سعيد).
العودة، ما عادت مجرد أحلام الخيال، فما أُريدَ لفلسطين أن تكون عليه، تبدّلت معالمه. بحيث أن قوة المعاناة في تلك الحقبة، قد ولّدت من رحمها قوّة مقاومة “شرسة”، قادرة على رسم خارطة جديدة لن تسع “إسرائيل” بعد اليوم! وأبرز معالمها:
_ عمليات فدائية في الضفة الغربية المحتلة وفي مناطق الدّاخل المحتل، أدواتها الحجر والسكين واللحم الحي وقطعة السلاح الاوتوماتيكية البسيطة تتكرّر شبه اسبوعياً على يد جيل فلسطيني جديد استلهم من الانتفاضتين الأولى والثانية معاني المقاومة وقيمها، ليؤرّق الكيان الإسرائيلي ومستوياته الأمنية والعسكرية والسياسية.
_ في العاصمة المحتلة القدس، مصلون ومرابطون سقوا الجذور الإسلامية والعربية للمسجد الأقصى من دم صمودهم وشكلوا درعاً بشرياً يحمي هذه الهوية فسقط “الهيكل” ومعه كلّ من التحق بركب اليهود في قطار التسويات والتنازلات.
_ الى غزّة – أولى نماذج تحرير أرض فلسطينية من المحتلين – حيث الترسانة العسكرية المتطوّرة، يوماً بعد يوم، تدكّ “حصون” هذا الكيان وتسلب منه “أمنه” وتحوّل “حياته العصرية والحديثة” الى ركام. وبل باتت المقاومة قوّة تتشابك خارج حدود فلسطين وتعود بحرب إقليمية تشمل محوراً عنوانه القدس.
توظيف هذه القوة العملية في الحرب النفسية
بعد معرفة حجم القدرات التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية (بشعبها وفصائلها وكل مكوناتها)، يصير لزاماً ألا تقتصر المعركة على الميدان، بل أن تتحوّل الى حرب نفسية تديرها المفاهيم والمصطلحات. فيكون استخدام مصطلح “يوم العودة”، كسلاح يكوي الوعي في “إسرائيل” بحيث يرسّخ لدى مستوطنيها أنهم في كيان مؤقت فعلياً، لن تخفي حقيقته إطلاق الأسماء عبرية على المدن المحتلة.
وعلى المقلب الآخر يعيد هذا المصطلح الأمل الى الشعب الفلسطيني الذي تشتت داخل البلاد وخارجها ويستنهض هِمم النضال في نفوس أبنائه. كذلك يعزّز مصطلح “يوم العودة” مستوى الوعي لدى الشعوب العربية بالحق الفلسطيني الذي لا يتحمّل عبء استعادته الشعب الفلسطيني وحده. ومن ناحية أخرى، عسى أن يذّكر استخدام هذا المصطلح المجتمع الدولي الغائب – الا من بعض الإجراءات الشكلية التي بطبيعة الحال لا تجد سبيلاً للتطبيق – بدوره ومسؤولياته.
في نهاية المطاف، سيصف التاريخ يوم العودة (الذي يحيه الفلسطينيون في 15 من أيار / مايو)، على أنه يوم عودة الفلسطينيين – لا اللاجئين – الى بلادهم الأصلية.
* الخنادق| مروة ناصر