محاكمةُ «اليمنية»: ورقة ابتزازٍ فرنسية لـ«سلْب» الغاز
واجهت «توتال» مطالب تعديل سعر بيع الغاز بالمطالبة بتعويضات عن خسائرها لسبع سنوات (أ ف ب )
متابعات| تقرير*:
بعد فشلها خلال الأشهر الماضية في إعادة استئناف إنتاج الغاز المُسال اليمني وتصديره إلى الأسواق الأوروبية وفق شروطها، أعادت فرنسا فتح ملفّ الطائرة اليمنية المنكوبة قبالة جزر القمر، منتصف عام 2009، إلى الواجهة. ووفقاً لما أوردته الوكالة الفرنسية للأنباء، فإنّ القضاء الفرنسي سيبدأ الإثنين المقبل محاكمة شركة طيران «اليمنية» في قضية تحطُّم إحدى طائراتها قبل 13 عاماً، ما أدّى آنذاك إلى مقتل 152 شخصاً، بينهم 66 أفريقياً يحملون الجنسية الفرنسية، و11 من طاقم الطائرة.
وتُثير إعادة القضاء الفرنسي فتح ملفّ الطائرة المنكوبة، بعد أكثر من عقد على تحطّمها، مخاوف من أن يكون ذلك محاولة لابتزاز اليمن، والحصول منه على تنازلات جديدة بخصوص تشغيل منشأة بلحاف التي تستحوذ «توتال» على حصّة تصل إلى 39% من أسهمها، خصوصاً مع استمرار الخلافات بين باريس والحكومة الموالية لـ«التحالف» حول مسائل عديدة، من بينها كمية الإنتاج، والغرامات المالية المطلوبة من الطرف اليمني، والتي تصل إلى قرابة 700 ألف دولار سنوياً كتكاليف حراسة للمنشأة والقطاع النفطي، ونفقات إدارية للشركة في دبي. ووفقاً لأكثر من مصدر، فإن «توتال» واجهت، مطلع العام الجاري، مطالب تعديل سعر بيع الغاز، بالمطالبة بتعويضات عن خسائرها لسبع سنوات، إلّا أن حكومة معين عبد الملك أحالت، قبل «انقلاب الرياض»، الملفّ إلى وزير النفط التابع لها عبد السلام باعبود، الذي رفض التوقيع على أيّ اتفاق مع الشركة الفرنسية خشية ردّة الفعل الشعبية، وشدّد في آذار الفائت على ضرورة إعادة النظر في سعر البيع بما يواكب أسعار السوق. وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن وزارة النفط شكّلت لجنة التفاوض مع «توتال» على تعديل السعر، كشرط لاستئناف إنتاج الغاز وتصديره، ومنحت اللجنة 6 أشهر للعمل تبدأ من نيسان، إلّا أن الشركة رفضت التفاوض، قبل أن يعلَن أخيراً فتح ملفّ الطائرة المنكوبة.
تزامن فتح ملفّ الطائرة المنكوبة مع فشل مساعي «توتال» في استئناف إنتاج قرابة 8 ملايين قدم مكعّب من الغاز
وعلى رغم قيام «اليمنية» بتقديم تعويضات لأعداد كبيرة من أسر الضحايا عقب حادثة السقوط، إلّا أن باريس تُراهن اليوم على فرض غرامات كبيرة، ستدفع «المجلس الرئاسي» الجديد إلى التنازل عن مطالب تعديل السعر، مقابل إيقاف المحاكمة وما سيترتّب عليها من نتائج. غير أن «الرئاسي» سيواجَه، في حال قبوله بهذه المقايضة، بضغط شعبي، خصوصاً في ظلّ وجود شكوك يمنية في ضلوع فرنسا في الحادثة. وفي هذا الإطار، تقول مصادر في الطيران المدني في صنعاء، إن الطائرة المنكوبة كانت في طريقها إلى مطار موروني في جزر القمر قادمة من مطار صنعاء، وأثناء وصولها هبّت رياح شديدة السرعة حالت دون هبوطها، ما اضطرّ قائدها، وفق تعليمات مراقب برج المطار، إلى الذهاب إلى منطقة هتسمهوكي، كي ينعطف ويعود إلى مدرج المطار رقم 20، لكن سلطات موروني لم تبلغ القوات الفرنسية المتواجدة هناك بأن طائرة مدنية ستمرّ في أجواء هتسمهوكي اضطرارياً، ما أدّى إلى تعرّضها لـ«هجوم صاروخي فرنسي»، وسقوطها في المحيط الهندي، بحسب الرواية اليمنية. كما تتّهم المصادر السلطات الفرنسية بأنها «حاولت تزوير الحقائق بإخراج الصندوقَين الأسودَين بعد مضيّ أكثر من شهر على تحطّم الطائرة، واتّهام قائدها اليمني بعدم الكفاءة والاقتدار، وهو ما نفته صنعاء حينها، مطالِبة بتشكيل فريق دولي مستقلّ للتحقيق في الواقعة، الأمر الذي رفضته باريس. وكانت التحقيقات الفرنسية خلصت إلى أن الطائرة، وهي من طراز «إيرباص» أُنجز صنعها عام 1990، لم تكن في حال سيّئة، مُستبعدةً أيضاً الفرضيات المرتبطة بسوء حال الطقس أو التعرُّض لصاعقة أو صاروخ، متحدّثةً عن «أنشطة في غير محلّها للطاقم عند الاقتراب من مطار موروني، أدّت إلى فقدان السيطرة على الطائرة».