خفايـــا وأبعـــادُ القمة الثلاثية “المصرية الإسرائيلية الإماراتية” في شرم الشيخ
خفايـــا وأبعـــادُ القمة الثلاثية “المصرية الإسرائيلية الإماراتية” في شرم الشيخ
متابعات| تقرير:
في محاولةٍ يائسة للملمة الأوراق المبعثرة ودفع ما أمكن دفعه من المسارات المتعثرة في جهود قوى الهيمنة للإبقاء على حالة القطبية الأُحادية لهذا العالم الذي بدأ يتشكّلُ على النحو الذي أزعجها وخُصُوصاً فيما يسمى الشرق الأوسط الكبير، عُقدت قمة ثلاثية في شرم الشيخ، أمس الثلاثاء، شارك فيها رئيس وزراء العدوّ، نفتالي بينيت، ووليّ عهد أبو ظبي محمد بن زايد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفي اللقاء الذي جرى بغطاءٍ ودعم أمريكي كامل، يهدف لإقامة تحالف جديد يضمّ كيان العدوّ الصهيوني والسعوديّة ومصر والأردن ودول خليجية في مقدّمتها الإمارات وتركيا، يتساوق مع أهداف الناتو.
غير أن البحث عن “الأمن الغذائي وأمن الطاقة” كان هو العنوان المعلن لهذه القمة، حَيثُ تلقي أزمة أسعار القمح المرتفعة بثقلها على الاقتصاد المصري، فيما تسعى أبو ظبي لإيجاد مخرج من أزمة الطاقة التي أنتجتها الحرب في أوكرانيا، يسعى الكيان الصهيوني إلى إزالة كافة العقبات التي تزعزع كيانه وتهدّد وجوده، المتمثلة بمحور المقاومة.
أشَارَت بعض التقارير إلى أن القمة بحثت كيفية حَـلّ المشكلة المرتبطة بالسعوديّة وبالعلاقة مع الولايات المتحدة ومطالب الرئيس جو بايدن برفع إنتاج النفط للتقليل من تبعات حظر النفط الروسي من ناحية، ومن ناحيةٍ أُخرى تقديم بن زايد شرح مفصل عن نتائج لقائه بالرئيس السوري، منتصف الأسبوع الفائت.
لكن عنواناً آخر برز بقوة في جدول أعمال قمة شرم الشيخ، بحسب مراقبين، يندرج في إطار ما تم إعلانه حول تعزيز التنسيق لحماية الأمن القومي العربي، والغوص في تفاصيل هذا العنوان يوصل إلى تنسيق موجه ضد إيران تحديداً ومحور المقاومة عُمُـومًا، وتوحيد الموقف المصري الإماراتي الإسرائيلي في هذا السياق.
هذا الأمر لم يظل قيد الكتمان، فوسائل إعلام عبرية أكّـدت أن القمة تناولت بشكلٍ رئيسي مفاوضات فيينا لإلغاء الحظر بين إيران والدول الأطراف في الاتّفاق النووي، مشيرة إلى أن تنسيقاً بين السيسي وبينيت وبن زايد حاضر بقوة في هذا الإطار.
المراقبون يرون في احتلال مفاوضات فيينا حيزاً واسعاً في قمة شرم الشيخ، يأتي في سياق التحشيد الذي تسعى إليه حكومة الكيان الصهيوني، مع اقتناعها بأن اتّفاقاً قريباً سيعلن من فيينا.
لكن تساؤلات تطرح حول طبيعة وقوة أي تحشيد تسعى إليه حكومة بينيت، في ظل مخاوف داخلية تهدّد استمراريتها لا سِـيَّـما على خلفية الاستهدافات الإيرانية للكيان في أكثر من حادثة.
إضافة إلى طبيعة الآمال المرجوة من موقف مصري ضد طهران في ظل الازمة الاقتصادية التي تزداد حدتها مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه والارتفاع الجنوني لأسعار السلع والمواد الأولية.
أما بالنسبة للإمارات، فيتساءل المراقبون عما إذَا كانت أبو ظبي منفتحة على فكرة اتِّخاذ موقف عدائي تجاه إيران في ظل مساعيها المعلنة للعب دور في تأمين استقرار ولو مؤقت في المنطقة وسط الازمات الإقليمية والدولية الراهنة.
صحيفة هآرتس العبرية ذكرت أنه في خلال اللقاء الثلاثي، “سيحاول بينيت حَـلّ التوتر الحاصل مؤخّراً بين الولايات المتحدة والإمارات، على خلفية رفض كُـلٍّ من الأخيرة والسعوديّة زيادة إنتاج النفط في ظل العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، بعد عمليتها الخَاصَّة في أوكرانيا، ومن ثم زيارة الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى دبي، الأسبوع الماضي، ما أثار استياءَ أمريكياً.
في غضون ذلك، أضافت الصحيفة أن بينيت سعى لإقناعِ الإمارات والسعوديّة بزيادة إنتاج النفط؛ بهَدفِ تحجيم اعتماد العالم على النفط الروسي والإيراني، ومن خلال اللقاء أَيْـضاً عمل بينيت على مساعدة مصر في إيجاد مصادر بديلة لإمدَادها بالقمح، الذي مصدر قرابة 85 % منه روسيا وأوكرانيا، وقد تضرر إمدَادها بالقمح جرّاء العملية العسكرية، الأمر الذي تسبب بغلاء الأسعار فيها.
وفي الإطار، نقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي مصري لم تكشف عن هُـوِيَّته قوله: إن “اللقاءَ الثلاثي سيركّز على ثلاث نقاط، الأولى تتعلّق بتقدّم المحادثات النووية بين الدول العظمى وإيران والحاجة إلى إنشاء جبهة مشتركة لإسرائيل ومصر والإمارات بشأن معارضة الاتّفاق النووي، وهذا الأمر يبعث برسالة هامة إلى واشنطن”، أما القضية الثانية، فهي “تتعلّق بخطوات سورية على خلفية لقاء الأسد وبن زايد، الأسبوع الماضي”، حَيثُ قال المسؤول المصري: إن “هناك محاولة لإعادة ترسيم خريطة مصالح لعدّة دول في الشرق الأوسط، والسؤال الأكبر هو إذَا ما كان لدى سوريا القدرة على الابتعاد عن إيران والتقرّب من دول مثل الإمارات ومصر، الأمر الذي ستكون له تبعات على إسرائيل أيضاً”، والقضية الثالثة هي العملية العسكرية في أوكرانيا “وتبعاتها في مجال إمدَادات الطاقة بالأَسَاس”.