كل ما يجري من حولك

هآرتس: في ساعة الاختبار ستكونُ “إسرائيل” كأوكرانيا لوحدها!

هآرتس: في ساعة الاختبار ستكونُ “إسرائيل” كأوكرانيا لوحدها!

451

متابعات| رصد*:

كان كيان الاحتلال، حتى الوقت القريب، يعتبر نفسه “الابن المدلل” للولايات المتحدة التي لو أرادت الانسحاب من الشرق الأوسط كما وعد الرئيس جو بايدن، فإنها لن تتأثر بالشكل الذي سيتأثر به حلفاؤها في المنطقة. إلا ان التجربة التي تخوضها أوكرانيا اليوم، منذ بدء العملية الروسية، وهي الدولة الأوروبية التي دعمتها واشنطن لعقود حتى تكون الخاصرة الرخوة لروسيا -رأس سلّم اهتماماتها- كان أكثر ما اشعر تل أبيب بالخطر فعلياً، خاصة بعد تصريح الرئيس الأوكراني الأخير الذي عبّر فيه عن خذلان الغرب له وعدم رغبته بالانضمام على حلف الناتو.

صحيفة هآرتس أشارت في مقال لها إلى أن “إسرائيل مُهددة اليوم تهديداً وجودياً حقيقياً مثلما لم تكن مُهددة في حرب عام 1948. هناك دليل قاطع على أنّه لا يمكن توقّع الحصول على مساعدة من الخارج، كما يحصل الآن في حرب روسيا وأوكرانيا. الغرب يقف جانباً ولا يمد يد العون لأوكرانيا. في ساعة الاختبار، نحن أيضاً سنكون لوحدنا وسنواجه مصيرنا. لذلك، نحن لسنا مستعدين”. معتبرة ان “جزء لا بأس به من بين المراسلين والمحللين العسكريين في الإعلام يذرّون الرماد في عيون الجمهور وأصبحوا إعلاماً مجنّداً. لا يقدّمون الصورة الحقيقية للجمهور”.

النص المترجم:

كل من يتابع هجوم روسيا على أوكرانيا لا يمكنه ألا يكون قلقاً جداً مما يجري في منطقتنا، ففيما نمّى الروس جيشاً برياً قوياً انطلاقاً من الفهم بأنّه لا يمكن الدفاع أو الهجوم والانتصار من دونه، وفي نفس الوقت طوّروا صواريخ وقذائف صاروخية وطائرات، فضّلت دول أوروبا تقليص ميزانياتها في الجيوش البرية وفضّلت قدراتها التكنولوجية التي لن تكون قادرة على التعامل مع الدب الروسي، لذا يقف حلف “الناتو” عاجزاً أمام الهجوم الروسي على أوكرانيا.

هكذا حصل بالضبط في “إسرائيل”، حيث تعاظمت قوة المحيطين بنا في السنوات العشرين الأخيرة، وامتلكوا مئات آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية وآلاف الطائرات المسيّرة، وفي الوقت نفسه تعززت كثيراً قواتهم البرية.

والدليل على ذلك أنّ سوريا عادت إلى الساحة بدعم الروس والإيرانيين، والجيش المصري تحوّل إلى أحد أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، وحزب الله في لبنان لديه ما يقرب من100 ألف مقاتل منضوين في 13 فوجاً، و”حماس” في غزة لديها حوالى 6 آلاف مقاتل.

على الرغم من هذا التعاظم الهائل للقوة من حولنا، فإنّ الجيش الإسرائيلي قلّص قوات الجيش البري بصورة متطرفة إلى حجمٍ لا يمكنه فيه التعامل مع ساحة ونصف فقط من المعارك، فيما الحرب المقبلة ستكون متعددة الساحات.

والأسوأ أنّ الجيش الإسرائيلي لم يبنِ قدرات لتوفير استجابة لمئات آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية وآلاف المسيّرات لدى من حوله. الجيش الإسرائيلي انشغل في 90% من وقته في المعارك بين الحروب، ولم يخصص وقتاً وموارد لإعداد الجيش لحرب متعددة الساحات مقبلة.

إنّه عدم فهم كامل من المستوى السياسي والأمني، في العقدين الأخيرين، لكل ما يتعلق بالتهديدات الكبيرة التي تطورت في منطقتنا، في حين أنّ من حولنا يفكّر تفكيراً إبداعياً من خارج الصندوق، وينظر قُدماً إلى حروب المستقبل، ويُعدّ جيشه لها. جنرالاتنا بقوا عالقين في مفاهيم قديمة بعيداً في الخلف، ولم يفهموا التغيّرات الحاسمة التي حلّت في التهديدات على “إسرائيل”.

إنّهم يواصلون التعويل فقط ولا غير تقريباً على الطائرات التي لم تستطع حسم المعركة في عملية “حارس الأسوار”. قواعد سلاح الجو ستتحول إلى هدفٍ استراتيجي للعدو الذي سيطلق مئات الصواريخ الدقيقة نحوها، وهذا ما لم يستعد سلاح الجو له. الأضرار من الصواريخ ستكون ثقيلة الوزن ومصيرية.

“إسرائيل” مُهددة اليوم تهديداً وجودياً حقيقياً مثلما لم تكن مُهددة في حرب عام 1948. هناك دليل قاطع على أنّه لا يمكن توقّع الحصول على مساعدة من الخارج، كما يحصل الآن في حرب روسيا وأوكرانيا. الغرب يقف جانباً ولا يمد يد العون لأوكرانيا. في ساعة الاختبار، نحن أيضاً سنكون لوحدنا وسنواجه مصيرنا. لذلك، نحن لسنا مستعدين.

سنوات كثيرة والسياسيون يتبعون سياسة النعامة، ويهربون من الحقيقة، وهذا صحيح بحق غالبية حكومات “إسرائيل”.

الحقيقة هي أنّ وزارة الأمن وقادة الجيش أنتجوا واقعاً وهمياً حول جهوزية الجيش لحرب من أجل الحصول على تعاطف الجمهور، وبدل هذا أوصلوا الجيش إلى حافة الهاوية.

كثيرون في مستوى الضباط الكبار في الاحتياط وفي الجيش الدائم يملؤون فمهم ماءً ويخشون قول كلمة عن الوضع القاتم لأمن الدولة ومواطنيها كي لا يلحق بهم ضرر أو تُوقف ترقيتهم. المصلحة الشخصية لدى بعضهم تتغلب على المصلحة الوطنية.

كذلك، الإسرائيليون لا مبالين ولا ينظرون متراً واحداً إلى الأمام مثلما كان الأوكرانيون متفائلين ولا مبالين لغاية اللحظة التي دخل فيها الروس أراضيهم.

جزء لا بأس به من بين المراسلين والمحللين العسكريين في الإعلام يذرّون الرماد في عيون الجمهور وأصبحوا إعلاماً مجنّداً. لا يقدّمون الصورة الحقيقية للجمهور، تماماً مثلما جرى قبل حرب “يوم الغفران”. على مر السنين أصبحوا البوق الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، وهم يختارون بـ”الملقط” من يُجرون مقابلات معهم لمساعدتهم في قنوات التلفزة الكبرى.

محللو اللحظة المناسبة هم ضباط كبار متقاعدين، الذين يحللون الحرب في أوكرانيا و”انتصار” الجيش الإسرائيلي في عملية “حارس الأسوار” وتهديدات أخرى، لكنهم تقريباً لا يقولون شيئاً عن التهديد الوجودي لـ”إسرائيل”. هؤلاء المحللون يحرصون على البقرة المقدسة التي هي الجيش، حتى عندما تفشل ولا تحقق غايتها، وهذا قاتل!


* المصدر: هآرتس

الكاتب: إسحاق بريك

You might also like