معرِضُ بيروت الدولي: المعتدون لم يقرأوا كتاباً!
معرِضُ بيروت الدولي: المعتدون لم يقرأوا كتاباً!
متابعات| تقرير*:
افتتح معرض بيروت الدولي للكتاب في دورته الـ 63 بعد غياب 3 سنوات نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد، والذي يضم مئات الدور اللبنانية والعربية والدولية وعشرات الآلاف من الكتب التي تتناول مجمل القضايا الإنسانية والسياسية والاقتصادية وغيرها. لكن، ما لم يتوقعه القيمون على المعرض، ان جماعة من “مدّعي الثقافة والحياد” سيمارسون ما لم يمارس في أوج الحرب الأهلية اللبنانية، ويعتدون على دار نشر من أجل صورة.
بعد يومين على افتتاح المعرض، وخلال أمسية فنية أقامها أحد المشاركين مساء السبت، اعترضت بعض دور النشر على صوت الموسيقى المرتفع، وقبيل نهاية الأمسية بدقائق طلبت إدارة المعرض خفض الصوت لتجاوزه الحد المتفق عليه، لكن طريقة الطلب اعتبرها القيمون على الأمسية “غير لائقة”. بعد يومين من تلك الحادثة، دخلت مجموعة صغيرة عرفت عن نفسها ان من “ثوار 17 تشرين” إلى دار المودة اللبناني وهي تردد “بيروت حرة حرة، إيران طلعي برا”، وبدأت بتكسير مقتنياته محاولة نزع صورة لقائد قوة القدس الشهيد اللواء قاسم سيلماني كانت قد رفعت في الدار الذي يضم سلسلة كتب تتناول جوانب من حياته وسيرته الجهادية.
واللافت ان رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة كان قد وقّع كتابه في أحد دور النشر المجاورة، إضافة لزيارة النائب بهية الحريري لتلك المساحة أيضاً، إلا ان أحداً من هؤلاء لم يسجل موقفاً معارضاً، إضافة إلى كل الزائرين للدار وللمعرض نتيجة التزام الدار والمندوبين فيه بأعلى درجات الرقي في التعامل.
هذه الحادثة، التي عبّرت جيداً عن الخلفية الثقافية والفكرية والسياسية التي ينتمون إليها والتي تشاركهم فيها قياداتهم من زعماء الحرب الأهلية، دائماً ما تتكرر وبذرائع مختلفة خاصة ذريعة أن أحد الأطراف “يعمل على تغيير وجه لبنان الحضاري”.
وجه لبنان الذي يريدونه مسلوخ بالدرجة الأولى عن طبيعته الجامعة لكل الطوائف والمشارب الفكرية ودستوره الذي ينص على ضمان حرية الرأي والتعبير التي ينادون بها، حتى ان “ميثاق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته الجمّعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/1/1966 وانضمّ إليه لبنان بتاريخ 3/11/1972 أكد في المادة 19 منه على حق كل إنسان في اعتناق آراء دون مضايقة، ولكل إنسان الحق في حرّية التعبير. ويشمل هذا الحق حرّيته في التماس المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء بالقول أو الكتابة أو بالطباعة أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها”. لكن هؤلاء وعلى ما يبدو لم يقرأوا كتاباً من قبل.
بعض من هؤلاء، وعلى مدى سنوات، لم يجد مشكلة في الترويج للتطبيع مع كيان الاحتلال، وتحت مسمى حرية الرأي والتعبير عقد العديد من الندوات، ولم يرَ أزمة في تسمية الشوارع اللبنانية بأسماء ملوك خليجين او أمراء حرب أو قادة احتلوا لبنان لعقود، إضافة لرفع صور عدد من الشخصيات السعودية والاماراتية ووضع صناديق التبرع لأوكرانيا في المعرض، لكن ما أثار حفيظته كان رفع صورة لشخصية تعبر عن الكتب الموجودة في الدار المرخص من الوزرات المختصة منذ عام 2015.
* الخنادق