كل ما يجري من حولك

تغيُّراتٌ إقليمية وعالمية: الكيانُ الإسرائيلي مؤقَّتٌ عملياً!

تغيُّراتٌ إقليمية وعالمية: الكيانُ الإسرائيلي مؤقَّتٌ عملياً!

510

متابعات| تقرير*:

أيّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله استخدام مصطلح “الكيان المؤقت” في وسائل الإعلام واعتمادها للإشارة الى أن هذا الكيان الى زوال، قائلاً “نحن نسير باتجاه هدف إزالة إسرائيل من الوجود وشعوب المنطقة ومحور المقاومة والوضع الداخلي الإسرائيلي والتحولات الدولية متجهة نحو إزالة إسرائيل من الوجود”.

فكيف تقرأ الأوساط الإسرائيلية – على ضوء تعاظم قدرات المحور والمتغيرات العالمية – استخدام مصطلح “الكيان المؤقت”؟ يشرح الباحث الخبير في الشأن الإسرائيلي حسن لافي في حديث خاص مع موقع “الخنـادق” واقع هذا المصطلح على عدّة مستويات:

_ أولاً، على مستوى المواجهة بمعنى أن الجهة التي أيّدت هذا المصطلح – حزب الله – لديها هدف إزالة هذا الكيان، و لديها القدرة والإمكانات لتحقيق هذا الهدف، بالإضافة الى البُعد الأيديولوجي الديني الذي يؤمن به الحزب ما يعطي الاستمرارية لصراع المقاومة مع الاحتلال.

_ثانياً، على مستوى العقائد الإسرائيلية التي تتمثّل في عقدة الزوال أو عقدة السقوط التي يعاني منها الإسرائيليون. فـ”إسرائيل” تدرك أن الوجود اليهودي في الشرق الأوسط مؤقت، فـ”الدولة اليهودية” الأولى والثانية لم تستمرا. ونتنياهو تمنى ان يحتفل بعيد ميلاده الـ 100 وهذا الكيان موجود.

_ ثالثاً، على مستوى الأمن القومي الإسرائيلي، فالاحتلال هو النموذج الوحيد في العالم الذي يعتبر أي حدث أو متغيّر (سياسي، عسكري، اتفاق، تحالف دولي…) يهدّد أمنه القومي. ولذلك فان الكيان لا يستطيع مهما بلغ من “قوة” أو “قدرات” الا أن يبقى في دوامة هذا القلق الذي سيعجّل على زواله من المنطقة.

رابعاً، على مستوى الحرب النفسية

 عندما يتحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله – بما يمثّل كلامه من مصداقية عند أوساط الكيان – ويقدّم بعض التطورات النوعية كالمضادات الجوية وسلاح المسيرات بالإضافة الى قدرة حزب الله الذهاب نحو الخطة الهجومية، وليس فقط الدفاعية كمشروع تحت عنوان “تحرير الجليل”، كل هذه المؤشرات يحسب الكيان الإسرائيلي لها حساب، ويؤثر على الحالة النفسية للجبهة الداخلية.

خامساً: على المستوى الإعلامي

إن وسائل الاعلام الإسرائيلية، لا تنطق الا باللغة العبرية. ويوضّح “لافي” أن مصطلح “الكيان المؤقت” عندما يتم توجيهه يدخل في “الفلاتر” الأمنية لصحافة الاحتلال ويتم إعادة صياغته حسب المصلحة الإسرائيلية قبل أن يصل الى المستمع أو المشاهد أو القارئ الإسرائيلي. فالكيان ليس لديه مفهوم الصحافة الحرة خاصة فيما يتعلّق بمواضيع تمس الأمن القومي والصراع العربي – الإسرائيلي. لذلك فإن تأثيره سيكون محدوداً من هذه الناحية.

 الا أن التأثير الحقيقي الذي سيحدثه استخدام هذا مصطلح “الكيان المؤقت” سيكون عند صنّاع القرار في “إسرائيل”، من خلال مشاهدة الفعل الميداني على الجبهات المُترجِم لزوال “إسرائيل”.

سادساً، على مستوى معركة كيّ الوعي

إن تداول هذا المصطلح مهم لإعادة بناء الوعي العربي والإسلامي، فالكيان الإسرائيلي الذي يحاول من خلال توقيع اتفاقيات التطبيع مع أكبر عدد ممكن من الدول العربية يمارس عملية كي وعي بتصدير نفسه في صورة “النموذج القوي” والقادر على حماية “عروش” الامراء العرب. وعندما ترى الشعوب العربية أن “مجموعة المقاومة” التي قد لا تتجاوز إمكاناتها ما يملكه الجيش النظامي عادةً قادرة على تهديد وجود هذا الكيان وتعتبره مؤقتاً، هذا سيعيد التوازن للإدراك العربي والإسلامي.

أمّا من الزاوية العسكرية، فإن المصطلح قد يعيد لفت أنظار الشعوب العربية حول حقيقة ان هذا الكيان رغم منظوماته الاعتراضية لا يستطيع حماية نفسه من صواريخ ومسيّرات المقاومة، مما قد يترك التساؤل حول جديّة “إسرائيل” في حماية الأنظمة المطبّعة من كلّ ما تعتبره تهديداً لها. بل إن الكيان المؤقت سيستغل هذه الأنظمة لحماية جبهته الداخلية.

التغيرات الإقليمية والعالمية تؤكد أن هذا الكيان هو مؤقتٌ عملياً !

يستنتج الخبير في الشأن الإسرائيلي أنه “إذا جمعنا المعطيات السابقة مع التطورات الحالية في أوكرانيا وإمكانية توسعها، الى جانب مشاهدة إسرائيل لأسلوب تعاطي واشنطن مع حلفائها، فقد بدأت أوساط الاحتلال تعتقد أكثر فأكثر أن زوالها بات أقرب مما تتخيّل. ويكفي أن نطّلع على التقارير الاستراتيجية للأمن القومي التي تنشرها مراكز الأبحاث الإسرائيلية في الخمس سنوات الماضية وخاصة “معهد الأمن القومي الاستراتيجي” لنلاحظ كم التهديدات التي تحيط بهذا الكيان، وما نسميه “دوائر النار” التي لا تُعد اليوم متفرقة بل ذات استراتيجية وتنسيق عالي بين بعضها البعض ضمن محور المقاومة، بالإضافة الى أن هذه الدوائر قد وصلت تداعياتها الى الداخل الإسرائيلي حيث التنافر الاجتماعي وتراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بالمؤسسات الحاكمة، وبالتالي اذا جمعنا بين دوائر النار الداخلية والخارجية مع التغيرات الإقليمية والدولية، بالتأكيد نصل الى قناعة أن “إسرائيل” تعرف بأن مستقبلها في خطر، وهذا تُرجم في  لغة التقرير الاستراتيجي لعام 2022 التي كانت صادمة للأوساط الإسرائيلية وحادة وتتضمّن كلمات كانت من الصعب أن تكتب سابقاً”.

ويخلص “لافي” بالقول “أن هذه التغيرات العالمية المتجسّدة في أوكرانيا اذ ما أدخلت بعض التحسينات ومصالح محور المقاومة مع بعض القوى الكبرى سينتفي التميّز الإسرائيلي الذي كان يحتمي بالولايات المتحدة وحلف الناتو، وسيتكوّن نوع من التوازن، ويبقى التهديد الاستراتيجي حاضراً بالنسبة للكيان دون الاستعلاء الأمريكي أو الإسرائيلي”.

* الخنادق

You might also like