أوكرانيا ورّطت نفسَها باختراق اتفاق “مينسك”!
أوكرانيا ورّطت نفسَها باختراق اتفاق “مينسك”!
متابعات| تقرير*:
يعود تاريخ الخلافات بين روسيا وأوكرانيا الى العصور الوسطى، ثم انتقل الى مرحلة ما قبل تأسيس الاتحاد السوفياتي عام 1917 ثمّ اشتدّ ما بعد تفككه عام 1991، لتتوالى بعدها الأزمات على خلفيات مرور الغاز حتى العام 2008. وفي العام 2014، كان الخلاف على شبه جزيرة القرم – باعتبارها أرضاً روسية حسب نتائج استفتاء شعبي – نقطة تحوّل أساسية في العلاقات المتوترة بين البلدين حيث اتخذ طابع هوية أوكرانيا وجذورها التاريخية، وكذلك جمهوريتي دونستيك ولوجانسك جنوب شرق أوكرانيا، اللتین عمّت بها الأصوات التي طالبت بالانفصال عن أوكرانيا بحسب الاستفتاءات الشعبية. الا ان كييف أطلقت هجوماً عسكرياً كبيراً في أيار 2014 لإحباط هذا الانفصال فتدخّلت القوات الروسية التي كانت تدعم استقلال الجمهوريتين. ووقعت اشتباكات بينها وبين القوات الأوكرانية لم تنته الا باتفاق لوقف إطلاق النار عرفت باسم “مينسك”.
اتفاق أو برتوكول “مينسك”
هو اتفاق لوقف الحرب في دونباس (الإقليم الذي يضم الجمهوريتين “الانفصاليتين”) وقّع عليه ممثلون عن أوكرانيا وروسيا وكل من دونيتسك ولوهانسك، بالإضافة الى ممثلين عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في 5 أيلول 2014 في العاصمة البلاروسية مينسك. تم التوقيع عليه بعد محادثات مكثفة في مينسك بيلاروسيا، تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. ومن بين الموقعين كان: الدبلوماسية السويسرية وممثلة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا هايدي تاغليافيني، الرئيس السابق لأوكرانيا ليونيد كوتشما، سفير روسيا في اوكرانيا ميخائيل زورابوف بالإضافة الى رئيس وزراء جمهورية لوهانسك الشعبية ألكسندر زاخارتشينكو وإيجور بلوتنيتسكي.
وينصّ الاتفاق على:
_ الوقف الفوري لإطلاق النار.
_ ضمان إجراء انتخابات محلية مبكرة وفقًا للقانون الأوكراني “بشأن النظام المؤقت للحكم الذاتي المحلي في مناطق معينة من دونيتسك ولوهانسك”.
_ قيام كلا الجانبين بسحب جميع الأسلحة الثقيلة على مسافات متساوية من بعضهم البعض من أجل إنشاء منطقة آمنة.
_ اتخاذ تدابير واجراءات لتحسين الوضع الإنساني والانعاش الاقتصادي وإعادة الإعمار في دونباس عبر إحياء العلاقات الاقتصادية بين مناطق “السيطرة” الأوكرانية وإقليم دونباس.
الا أنّ هذا الاتفاق تم خرقه، لتستعيد تلك المنطقة الاشتباكات المسلحة في مطلع العام 2015، ثمّ أعيد إحياء الاتفاق تحت عنوان “مينسك 2” والذي أكّد من جديد على 13 بندا أبرزها “التنفيذ الصارم للوقف الفوري والشامل لإطلاق النار في مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك، ابتداء من 15 شباط، وتعهدت أوكرانيا بتنفيذ تغييرات دستورية تنص على “اللامركزية” مقابل سحب جميع “التشكيلات المسلحة الأجنبية”.
أوكرانيا لا تلتزم
لكن أوكرانيا لم تلتزم بالاتفاق ولطالما عملت على استعادة بسط سيطرتها على دونباس، وبعد حوالي سنة من توقيع “مينسك” بدأت الخروقات الأوكرانية حيث أنها لم تساهم في تحسين ظروف سكان تلك المنطقة من حيث حلّ مشاكل الأمن واستصلاح الأراضي الزراعية. كما أنها عمدت دائماً الى استهداف المدنيين بالرصاص الحي والدبابات والمدافع ذاتية الدفع بالإضافة الى قصف القوات الأوكرانية للعديد من المباني.
ومع حلول عام 2017 أدخلت القوات الأوكرانية الى دونباس أكثر من 500 مدفع ذاتي الدفع، ترافق مع إعلان كييف بدء مشاورات للانضمام الى حلف الشمال الأطلسي وهو ليس فقط خرقا لـ “مينسك” بل أيضاً تجاوزاً فاضحاً لوثيقة إعلان سيادة دولة أوكرانيا المعتمدة في 16 تموز / يوليو 1990، والتي تنص على أن جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية “تعلن…رسميا عزمها على أن تصبح في المستقبل دولة محايدة بشكل دائم لا تشارك في الكتل العسكرية”.
وفي السنوات التالية تكثّفت المحاولات الاوكرانية – بدعم وتأييد أمريكي – لاستعادة شبه جزيرة القرم وكذلك إقليم دونباس.
لم يكن هناك مفر من الخيار العسكري!
نطراً للتهديد المباشر على الأمن القومي الروسي الذي شكّله اختراق كييف لـ “مينسك” اضطرت موسكو الى تنفيذ العملية العسكرية الخاصة تحت عناوين:
_ حماية السكان الذين تعرضّوا لـ 8 سنوات لسوء المعاملة والابادة من قبل الحكومة والسلطات الاوكرانية.
_ نزع سلاح الجيش الاوكراني أو تحييده ومنع التعصّب القومي.
وقد تتالت تصريحات المسؤولين الروس في أكثر من مناسبة التي تشير الى عدم الالتزام من الجانب الاوكراني باتفاقية مينسك، حيث قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا “أن جذور أزمة اليوم حول أوكرانيا، تكمن في تصرفات أوكرانيا نفسها، التي امتنعت منذ سنوات عديدة عن تنفيذ التزاماتها المباشرة بموجب حزمة إجراءات مينسك”.
* الخنادق