كل ما يجري من حولك

حِصن البَرَدْ.. معلمٌ أثري وتاريخي بارز

حصن البَرَدْ.. معلم أثري وتاريخي بارز

1٬640

عصام عبدالغني الهادي

قرية الشَّقَبْ هي إحدى قرى الجمهورية اليمنية والتي تتبع جغرافياً محافظة ذمار وإداريا مديرية عنس وهي القرية التي تحتضن في جنباتها حصن الشيخ البَرَد الأثري.

هذا وتسكن قرية الشقب عدة أسر من أفخاذ وبطون مختلفة إلا أن هناك أربع أسر ترتبط بجدٍ واحد وهو “السنبلي” وهذه الأسر هي: “أسرة بني البرد”؛ وأسرة “بني طيبة”، وأسرة “بني النوب”، وأسرة “بني الجِفلة”..

مما يضفي على المناظر الطبيعية في اليمن طابعا مميزا، هو وجود عدد كبير من الحصون والقلاع، حَيثُ تتخذ موقعها على قمم الجبال كحامية للمدن والقرى المجاورة..

ونقدم هنا نظرة عامة عن واحداً من تلك الحصون التي كان لها دورٌ هام، كونه كان معقلاً استراتيجيا لزعيم قبلي لا يشق له غبار..

حصن الشيخ البَرَد والذي تم إنشاءه من قبل الشيخ علي السنبلي والذي كان يلقب “بالبَرَد” وهو أول من سكن قرية الشقب ويعتبر أحد فروع أسرة آل السنبلي العريقة التي تسكن حَـاليًّا قرية بيت السنبلي-دلان، والتي كانت متزعمة لقبيلة زُبيد منذ فجر التاريخ..

و عندما استلم الشيخ “البرد” زمام المشيخ قام بإنشاء هذا الحصن كما تحكي ذلك الوثائق التاريخية التي وقعت عليها في طرحي هذا، وكما هو أَيْـضاً بالطبع متعارف عليه لدى الجميع.

هذا وقد استمر الشيخ “البرد” في زعامة القبيلة حتى دخول الأتراك الأخير إلى اليمن، ولما كان الشيخ “البرد” من الذين قاوموا ذلك الغزو ورفضوا الوصاية الأجنبية فقد ظل هدفاً للتحرشات والملاحقات والمضايقات التركية.

هذا وقد تبلورت فكرة إنشاء حصن الشيخ “البرد” بناءً على أهداف استراتيجية تتلخص في ضرورة وجود حامية محصنة يجتمع فيها الناس وقت الغزوات، بالإضافة إلى جعله مركز نفوذ للحكم فيما بين الرعية وحل قضاياهم وفك نزاعاتهم..

كانت البداية المتواضعة جِـدًّا لعمل عملاق تطور فيما بعد ليكون واحداً من أشهر القلاع والحصون في المنطقة، حَيثُ قام الشيخ إسماعيل البرد السنبلي بإكمال تشييد الحصن حتى صار بالصورة التي هو عليها الآن..

هذا وقد تم تشييد الحصن على نحو يلبي احتياجات الشيخ ومكانته في القبيلة، لذلك تم إنشاء العديد من الأماكن السكنية كالغرف والحمامات، والمفارج، حَيثُ يتواجد داخل الحصن مفرجان أحدهما باتّجاه القبلة والآخر باتّجاه الشرق..

كما يتواجد في الحصن بوابة شرقية كبيرة خارجية تؤدي إلى الحصن ويوجد فيه أماكن أُخرى لتخزين الحبوب وغيرها من اللوازم المخصصة للأكل، وكذلك تم تشييد أماكن مخصصة للجانب الإداري واستقبال أفراد القبيلة كالديوان الكبير المتواجد في أعلى الجهة الغربية الملاصق لغرفة الشيخ الجنوبية الشرقية، ويوجد أَيْـضاً ديوان آخر في الجهة القبلية.

ولأن للحصن أدوار متعددة يضطلع بها فقد تم تشييد اصطبلات في الدور الأرضي للمواشي والخيول والجمال، وكذلك شيدت مخازن خَاصَّة لعلف المواشي، بالإضافة إلى وجود حوض مياه كبير في الحصن كان يتم تعبئته من مياه الأمطار، وللحصن درج يربط فيما بين طوابقه وفي منتصف الدرج توجد غرفة مظلمة لها فتحة صغيرة كانت تستخدم غالبًا كسجن لاحتجاز المتخاصمين والمذنبين من أفراد القبيلة حتى يتم الفصل في قضاياهم..

ومن المؤسف أن حصن الشيخ البرد قد تعرض للتدمير والانهيار جراء الإهمال وبدرجة أَسَاسية؛ بسَببِ الزلازل والأمطار التي تسببت في حدوث انهيار لأجزاء من الجهة الغربية وكذلك بعض من الجهة الشرقية وربما قد يحدث انهيار كامل للحصن في حال استمرار الإهمال..

هذا وللأسف الشديد لم تقم الجهات المعنية بالآثار حتى الآن بإجراء أي دراسات معمارية وتاريخية مفصلة عن هذا المعلم الأثري الهام، على الرغم من أن منظره في القمة يستحق تلك الإثارة ولفت النظر للاهتمام بهذا المعلم المميز.

لذلك نأمل من هذه الجهات المعنية بالآثار أن تلتفت إلى هذا المعلم التاريخي وتقوم على الأقل بترميم هذا الحصن الأثري التاريخي وإعادة كفائته كحصن منيع يقاوم العوامل الطبيعية كما كان يقاوم الغزاة والمتطفلين.

You might also like