حصن البرد في الشقب ذمار.. معلم أثري وتاريخي مهم
حصن البرد في الشقب ذمار.. معلم أثري وتاريخي مهم
عصام عبدالغني الهادي
الشقب هي إحدى قرى الجمهورية اليمنية. وهي تتبع جغرافيًا لمحافظة ذمار. وإداريا لمديرية عنس. والتي تحتضن حصن الشيخ البرد الأثري، وتسكن قرية الشقب عدة أُسر.. إلَّا أن هناك أربع أسر تُلقب بألقاب مختلفة ويربطها جد واحد وهو السنبلي وهذه الأسر هي: “أسرة بني البرد”، وأسرة “بني طيبة”، وأسرة “بني النوب”، وأسرة “بني الجِفلّة”..
ومما يضفي على المناظر الطبيعية في اليمن طابعا مميزا، هو وجود عدد كبير من الحصون والقلاع، حَيثُ تتخذ موقعها على قمم الجبال كحامية للمدن والقرى المجاورة..
ونقدم هنا نظرة عامة عن واحداً من تلك الحصون التي كان لها دورا هاما، كونه كان معقلا استراتيجيا لزعيم قبلي يقوم بحل المشاكل، وفض النزاعات وتسوية الخصومات..
حصن الشيخ البرد تم تأسيسه من قبل الشيخ علي السنبلي وهو المؤسّس لقرية الشقب كونه أول من سكنها، والذي “لُقب بالبرد” وهو أحد فروع أسرة آل السنبلي العريقة التي تسكن حَـاليًّا قرية بيت السنبلي-دلان، والتي كانت متزعمة لقبيلة زُبيد منذ فجر التاريخ، وحتى استلام الشيخ البرد زمام المشيخ من أبناء عمومته آل السنبلي، ـ دلان. -.
كما ذكرت الوثائق التاريخية التي استندت إليها في طرحي هذا-، وكما هو معروفٌ لدى الجميع.
واستمر الشيخ البرد في زعامة القبيلة حتى دخول الأتراك إلى اليمن حَيثُ قام الأتراك بمساومته برأسه وبرؤوس عائلته مقابل التخلي عن زعامة القبيلة وكانت هذه المساومة نتيجة لرفضه الخضوع للوصاية الخارجية فاضطر إلى الموافقة، وترك زعامة القبيلة.
وفي ذلك الوقت كان الاتراك يقومون بإخضاع معظم القبائل اليمنية إما بقتل زعماء القبائل أَو نفيهم أَو استبدالهم بموالين جدد لهم.
وقبل مرحلة دخول الأتراك إلى اليمن، تبلورت فكرة إنشاء حصن الشيخ البرد على أهداف استراتيجية تتلخص في وجود حامية محصنة يجتمع فيها الناس وقت الغزوات، بالإضافة إلى كونه مركز نفوذ للحكم فيما بين الرعية وحل قضاياهم وفك نزاعاتهم..
كانت البداية المتواضعة جِـدًّا لعمل عملاق تطور فيما بعد ليكون واحداً من أشهر القلاع والحصون في المنطقة، حَيثُ قام الشيخ إسماعيل البرد السنبلي بإكمال تشييد الحصن حتى صار بالصورة التي هو عليها الآن، والذي كان متزعماً لقرى زُبيد والسائلة..
ولقد تم تشييد الحصن على نحو يلبي احتياجات الشيخ السنبلي، ومكانته في القبيلة، لذلك تم إنشاء العديد من الأماكن السكنية كالغرف والحمامات، والمفارج، حَيثُ يتواجد داخل الحصن مفرجان أحدهما باتّجاه القبلة والآخر باتّجاه الشرق..
كما يتواجد في الحصن بوابة جنوبية كبيرة خارجية تؤدي إلى باحة الحصن تنتهي تلك الباحة عند أبواب القلعة الكبير والصغير ويوجد فيه أماكن أُخرى لتخزين الحبوب وغيرها من اللوازم المخصصة للأكل، وكذلك تم تشييد أماكن مخصصة للجانب الإداري واستقبال أفراد القبيلة كالديوان الكبير المتواجد في أعلى الجهة الغربية الملاصق لغرفة الشيخ الجنوبية الشرقية، ويوجد أَيْـضاً ديوان آخر في الجهة القبلية.
كما يوجد للقلعة مسارب لماء السيل يمر من اسفلها وينتهي للخارج قبليا حتى لا يتكدس الماء ويؤذي أَسَاسات القلعة.
ولأن للحصن أدوار متعددة يضطلع بها فقد تم تشييد اصطبلات في الدور الأرضي للمواشي والخيول والجمال، وكذلك شيدت مخازن خَاصَّة لعلف المواشي، بالإضافة إلى وجود حوض مياه كبير في أعلى الحصن تنتهي عنده الدرج التي كانت تحوي العقود العملاقة التي ما زالت قائمة حتى الآن كان يتم تعبئته من مياه الأمطار، وللحصن درج يربط فيما بين طوابقه وفي منتصف الدرج توجد غرفة مظلمة لها فتحة صغيرة كانت تستخدم غالبًا كسجن لاحتجاز المتخاصمين والمذنبين من أفراد القبيلة حتى يتم الفصل في قضاياهم..
ومن المؤسف أن حصن الشيخ البرد قد تعرض للتدمير والانهيار جراء الإهمال وبدرجة أَسَاسية؛ بسَببِ الزلازل والأمطار التي تسببت في حدوث انهيار لأجزاء من الجهة الغربية وكذلك بعض من الجهة الشرقية وربما قد يحدث انهيار كامل للحصن في حال استمرار الإهمال..
وللأسف الشديد لم تُجْرِ الجهات المعنية بالآثار أي دراسات معمارية وتاريخية مفصلة عن هذا المعلم الأثري الهام، على الرغم من أن منظره في القمة يستحق تلك الإثارة ولفت النظر للاهتمام بهذا المعلم المميز.
وجديراً بالأمل أن تقوم الجهات المعنية بالآثار بترميم هذا الحصن الأثري التاريخي وإعادة كفاءته كحصن منيع يقاوم العوامل الطبيعية كما كان يقاوم الغزاة والمتطفلين.