إنَّهم فتيةٌ آمنوا بربهم وزدناهم هُدى
إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هُدى
منصور البكالي
أجمل وأوجز وصف يصف الله به أصحاب الكهف في القرآن الكريم بأنهم فتية آمنوا بربهم وزناهم هدى، عند هذه الآية المباركة نقف لنتأمل في وصف الله لهؤلاء الفتية، ولماذا صدر الله موقفهم وخلده في كتابه الكريم؟ وما هي الحكمة من ذلك؟
وهل هذه الآيةُ تحمل في كلماتها الست اشتراطات توجب علينا كأمة مسلمة أن نكون أمثالهم أن طبقنا هذه الشروط؟ وما هي كما وردت؟ نعم في هذه الآية الكريمة شرطين أن تحقّق الأول كان على الله لازماً وقطعياً أن يحقّق الثاني.
الشرط الأول هو ” الإيمان بالله ” ولهذا الإيمان مدلولاته ومقتضياته أن نكون نحن مؤمنين بالله إيمانا مطلقا إيمانا يقينيا لا يخالطه ريب أَو شك، وينعكس أَثَرُه في واقعنا العملي وفي تحَرّكنا وفي معاملاتنا وتفاعلاتنا مع المجتمع من حولنا، بالشكل المُستمرّ والمستدام، بل ومع العالم الذي بات متقارب ويقبل خاصية التأثير والتأثر عبر الإمْكَانات المتاحة والمتغيرات الموجودة.
واذا ما تحقّق الإيمان بدافع وقناعة وجدانية ذاتية تعود إلى المجتمع المسلم المؤمن بكينونيته الإيمانية بربه وخالقه وانه من بيده موازين القوى ومجريات الاحداث والمتغيرات، حتماً عند هذه النقطة يزيدنا الله هدى نلمسه في واقنعا وعندما نواجه أعدائنا، وفي كُـلّ شؤون حياتنا.
هدى الله طريق توصلنا إلى رضاه توصلنا إلى الفلاح والعزة والغلبة ونحن نواجه أعداء الله وأعداء دينة وأعداء خلقه، هدى الله في واقعنا كشعب وصف بشعب الإيمان والحكمة يتجلى اليوم في مواجهتنا للعدوان ومدى اهتمامنا بالجانب الجهادي المبني على الإيمان بنصر الله ومعيته وعونه.
هؤلاءِ الفتية لم يأتِ بهم الله من خارج المجتمع آنذاك بل كانوا من نفس المجتمع البعيد عن الله والغير مؤمن به عمليًّا كما هو حاصل في واقعنا اليوم، أليس كُـلّ واحد منا مكتوب في بطاقته مسلم؟ بلا الديانة في بطائقنا هي الإسلام صحيح، لكن هل ارتقينا إلى درجة الإيمان بالله؟ الإجَابَة على ذلك واضحة للعيان من تعاملنا وتحَرّكنا ونحن نخوض معركة الحق ضد الباطل، معركة إنقاذ أنفسنا وشعبنا وامتنا بل البشرية من عبدة الشيطان وقوى البغي والعدوان والالحاد والفسوق والفجور، إلى أي صف تنتمي تحَرّكاتنا واعمالنا في الميدان؟ هل سخرنا حياتنا وأموالنا لمواجهة قوى الشر من منطلق الإيمان بالله؟
هل نحن متحمسين وطامعين في أن نزداد هدى من مصادر الهدى؟ أم أن واقعنا مع كتابه الله ومع مثل هذه الآيات أنه مُجَـرّد وصف لقوم غير قومنا ولا يمكن لنا أن نكون امثالهم حين تتشابه الأحوال وتزيد قوة قوى الظلال من حولنا كما كانت في زمن أصحاب الكهف.
الواقع متشابه والإيمان لا يوجد إلا عندما يكون الضلال من يسود وهو من يحكم كما هو في واقع امتنا الإسلامية المرتهن حكوماتها وقياداتها وعملائها لقوى الشر أمريكا وحلفاءها وادوتها.
ونحن في إطار المشروع القرآني والمسيرة القرآنية التي أسسها فتية آمنوا بربهم إيمان حقيقي إيمان فعلي إيمان حركي إيمان قارع الباطل دون خشية أَو رهبة من قوته وتغلغله في المجتمع، فكان على الله أن زادهم إيماناً بمجريات الاحداث ومعيته معهم ولطفه بهم وتأييده لهم ونصره لهم، فكانوا خير من تحمل وصبر، وخير من جاهد ورابط وصابر، فتشردوا وسجنوا وحوصروا، ولكنهم في عواقب الأمور التي مردها إلى الله المؤمنين به ينتصرون، فكان منهم الشهداء ولا يزال منهم القادة والمجاهدون في سبيل الله المواجهين لقوى البغي والعدوان منذ الحروب الأولى على محافظة صعدة.
نعم إنهم فتية آمنوا بربهم وزادهم الله هدى، زادهم إيمان زادهم حكمة، زادهم وعي زادهم بصيرة وزادهم عزم وإصرار وصمود وصبر واردة على تحمل الأذى، ومواجهة أقوى الدول عسكريًّا واقتصاديًّا وإعلامياً وسياسيًّا وكانوا ولا يزالون هم الغالبون لماذا؟؛ لأن الله وعدهم بأنه هو من يزيدهم هدى من خلال الاحداث والمتغيرات ومجرياتها حين تصب في صالحهم.
فالفتية بعددهم وأعمارهم يعتبرون قلة قليلة أمام كثرة الباطل وأهل الباطل وهذا ما هو موجود اليوم كم كانوا المجاهدين الأوائل في حرب صعدة الأولى؟ وكام صاروا في الحرب الثانية والثالثة إلى السادسة كانوا مُجَـرّد قلة من الفتية المخلصين في إيمانهم في جهادهم في عزمهم وإصرارهم.
كما هم اليوم قلة قليلة أمام تحالف العدوان وجيوشه ومرتزِقته من الخونة والعملاء نعم لا يزال الجيش واللجان الشعبيّة الممثل الحقيقي للفتية المؤمنة برها قلة قليلة أمام العدوّ بسلاحه وعتاده وعدته، ومع هذا يزيدهم الله إيمان وثبات فتهوى النفوس لتعرف عليهم ومعرفتهم ومعرفة فكرهم ومشروعهم وهم يضربون عدوهم في عقر داره.
بل بات العالم اليوم يقول من هو هؤلاء المقاتلين الشجعان المحنكين الذين غلبوا أمريكا وبريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني وأدواتهم العربية الإمارات والسعوديّة وغيرها ومرتزِقتهم الخونة والعملاء اليمنيين، من هم هؤلاء؟
نقول لهم: إنهم فتية آمنوا بربهم وزادهم الله لا غيره هدى تجسد في غلبتهم ونصرهم وتأييدهم ومعونتهم منه هو لا من غيره في هذا الكون.
إذن من الواجب علينا كأمة القرآن أن نأخذ من هذه الآية دروس وعبر ومواعظ تخرجنا مما نحن فيه، وتدفعنا لنكون بمستوى الإيمان بالله وطلب المزيد من الهدى، المنعكس في الاحداث والمتغيرات التي تواكب تحَرّكنا الإيماني.