شبوة..صراع أدوات الإمارات ومعركة كسر العظم (تقرير)
متابعات- عدن
طرفا نقيض يتقاتلان على ما بعد المرحلة في شبوة.. قوات طارق صالح وقوات المجلس الانتقالي.
كلٌّ يدَّعي وصلاً بشبوة وشبوة لا تقر لهم بالوصل. هذا يتوعد ذاك، وذاك يتوعد هذا.
ما إن نشر محمد البوحر -قائد النخبة الشبوانية، التابعة للانتقالي- مقطع فيديو يتوعد فيه قوات طارق صالح، حتى وصل -الاثنين- إلى مطار عدن بعد شهر من إخراجه إلى مصر بناء على اتفاق بين أطراف “الشرعية”، في مؤشر على ترتيب الانتقالي لتصعيد جديد ضد حلفاء الإمارات الذين يقودهم طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الأسبق.
مصادر المجلس الانتقالي أكدت أن البوحر الذي كان التحالف قد أجبره على مغادرة شبوة ضمن اتفاق قضى بمواصلته الدراسات العليا، هو الآن في طريقه إلى تجميع مقاتلي الانتقالي في شبوة لإعادة ترتيب قوات المجلس وإيقاف ما وصفته بتصعيد طارق هناك.
وكان البوحر قد نشر مقطع فيديو من مطار القاهرة يتحدث فيه عن عودته لقلب الطاولة في شبوة، وهذا الشكل من قلب الطاولة وخلط الأوراق يشير إلى خطط الانتقالي لإعادة ترتيب صفوفه في المحافظة النفطية ومواجهة ما يعتبر أنه استهداف ممنهج هذه المرة من قِبل من يُفترض بهم أن يكونوا حلفاء له.
فرع المجلس الانتقالي في شبوة، في بيان له عقب اجتماع طارئ، وصف أنشطة طارق ومكتبه السياسي بـ”المشبوهة”، موجهاً اتهامات لما تُسمى بـ”المقاومة الوطنية”، مشيراً إلى رفضه القاطع أي نشاط مشبوه يقوده طارق صالح في شبوة، ومشدداً على أن عجلة “الزمن” لن تعود إلى الوراء، في إشارة إلى رفضه أي وجود لجناح صالح في المؤتمر.
تحركات الانتقالي جاءت عقب عودة نشاط المؤتمر الشعبي العام في شبوة، وآخرها تنظيم الكتلة النسائية للمؤتمر وبدعم من طارق صالح لقاء نسوياً في عتق لبحث إعادة تفعيل نشاط الحزب، قوبل باستياء شعبي، وأثارت الخطوة ردود أفعال غاضبة في صفوف قيادات بارزة في الانتقالي، لدرجة أن وصف القيادي في المجلس وضاح عطية إقامة المؤتمر بالانحراف الواضح عن التزامات طارق بالتحرك شمالاً ونكثه بوعده للجنوبيين، متوعداً بعدم السماح له، حسب قوله.
مراقبون سياسيون كانوا قد توقعوا أواخر العام الماضي ومطلع العام الحالي، وبالتزامن تقريباً مع تحركات ألوية العمالقة وتعيين المحافظ عوض بن الوزير العولقي، احتدام الخلافات والصراعات الحادة بين الطرفين المواليَين للإمارات، وهو ما تجلى مؤخراً، حيث يعمد كلٌّ منهما إلى الانقلاب على الآخر، وكلاهما يريد إقناع التحالف بأنه هو الذي يحارب على الأرض ويعيد الكُرة إلى الملعب في الجنوب.
الإمارات والسعودية لهما حساباتهما السياسية والعسكرية والإستراتيجية الخارجة عن حسابات طارق والانتقالي، ولكنهما -من واقع تداخل مجريات خارطة الصراع ومترتباته في جغرافيا شبوة- تريان التماهي ولو مؤقتاً مع رؤية ومشروع طارق حالياً في طريق الاندماج لاحقاً مع رؤية ومشروع الانتقالي المؤجل بخصوص الحُكم المنفرِد.
على مستوى الصِدام، لم ينجح الانتقالي في فرض حضوره عسكرياً بعد اجتياحات طارق لكل المناطق المفترض أنها جنوبية، لم ينجح سياسياً -كذلك- في معادلة شبوة خاصة منذ عام 2019م، بعد أن تصادمت قواته مع الشرعية، ولكن هذا كله لا يعني دائماً حضور شعبية طارق صالح في الجنوب. تحركات الانتقالي قبل هذه المرحلة واستخدام ورقة التقارب مع قوات طارق التي ظل يسميها المقاومة الوطنية وبتنسيق مع شخصيات سياسية من شبوة تنتمي للمؤتمر الشعبي جناح صالح، كانت تأتي في إطار ورقة ضغط توظَّف ضد الرياض من قِبَل أبوظبي.
دخول الانتقالي في تحالف مرحلي مع المكتب السياسي لمقاومة طارق كان له تبِعاته في تبخر شعاراته وخطاباته بخصوص استعادة دولة الجنوب ومشروع التحرير والاستقلال التي ظل يحاول أن يدغدغ بها عواطف أتباعه بخطاب إعلامي شعبوي.
اليوم، وبظهور خلاف حليفَي الأمس إلى العلن، بدا للمراقبين والسياسيين أن وراء الأكمة ما وراءها، لدرجة أن يقول هاني البيض معلقاً على مجريات الأحداث بأن هناك لعبة سياسية ملتبسة وغير نظيفة تجري في شبوة وسط تكتم المعنيين.
الانتقالي بمحافظة شبوة، يعتبر تحركات مؤتمر طارق “محاولة لتدوير زمن ولى وانقطعت آثاره”، حسب ما ردده بعض الناشطين.
“الهيئة التنفيذية لقيادة المجلس بمحافظة شبوة” أكدت رفضها القاطع للأنشطة المشبوهة للجناح المذكور، حسب تعبيرها، ولكن هذا التعاطي لم يكن واضحاً على مستوى رسمي، خاصة وأن الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي حذف بعض مضامين البيان “الناري”، في دلالة على ارتهان قيادات المجلس مثلها مثل قيادات تشكيلات طارق للإمارات.
هنالك استهانة بكل التضحيات الجنوبية الحقيقية مقابل صراع خفي بدأ يتجلى بين أداتَي التحالف، وهنالك عبث بقضية الجنوب، هذا هو ما أكده جنوبيون معنيون بالشأن السياسي، من بينهم وضاح عطية، الذي وجَّه تحذيراً لطارق بأن لا يعبث بالجنوب، في تغريدة له، الاثنين.
التوتر المستجد بين طارق صالح والمجلس الانتقالي في ساحات المواجهة الميدانية العسكرية والتنظيمية في شبوة يبدو خطيراً للغاية، ويرى مراقبون أن ظهور صراع نفوذ بين حليفي الإمارات (الانتقالي وطارق صالح) إلى العلن مؤشر لحِدَّة الانقسام بين الطرفين؛ إذ يسعى الانتقالي لتعزيز السيطرة على المحافظة منفرداً، فيما المؤتمر يحاول الظهور باعتباره مكوناً سياسياً يأتي لملء فراغ حزب الإصلاح الذي بات في وضع الكمون -بحسب مراقبين- مع إبعاد “بن عديو”، واستغلال المؤتمر للمحافظ الجديد كونه عضواً قيادياً فيه وكان مقرباً من الرئيس السابق صالح.
بعض المحللين السياسيين المستقلين كشفوا عن جانب آخر لتداعيات هذه الخلافات يكمن في أنها ستكون بمثابة بذرة ستستفيد منها أجهزة استخبارات قطر وتركيا لتوسيع الشق، والدخول في الخط، فضلاً عن استفادة السعودية منها للتغلب على حليفتها.