كل ما يجري من حولك

لماذا سُميت الإمارات بـ “جنة المعاملات المشبوهة وغسيل الأموال”؟

لماذا سُميت الإمارات بـ “جنة المعاملات المشبوهة وغسيل الأموال”؟

611

متابعات| تقرير*:

نهاية عام 2020، صنفت وزارة الخزانة في بريطانيا، الامارات على أنها “موقع جاذب لمن يرغب في غسل عائدات الجريمة من الخارج”. وأشارت الوثيقة التي وقّع عليها وزير الأمن في لندن جيمس بروكنشاير، والسكرتير الاقتصادي للخزينة جون جلين إلى ان “الامارات خضعت للتقييم المتبادل من قبل مجموعة العمل المالي”. حيث فضحت هذه الوثيقة خبايا عالم الجريمة وغسيل الأموال في أبوظبي ودبي، وكيفية تحولهما تدريجياً لـ”جنة المعاملات المشبوهة” وكيف استفادت هذه الشبكات من البيئة القانونية في الامارات لفعل ذلك.

هذه التقارير المتتالية التي تكشف بشكل مستمر مدى اعتماد المهربين وكبار اللصوص على الامارات لتبييض أموالهم واتمام الصفقات غير المشروعة تضع البلاد مرة جديدة في موقف حرج أمام كبار المستثمرين الذين قد يقفدون الثقة تدريجياً ببيئة الأعمال الإماراتية إضافة للضربات التي تتعرض إليها بعد تورطها في الحرب على اليمن، وكان آخرها عملية “إعصار اليمن” التي استهدفت مطاري دبي وأبو ظبي وعدداً من المنشآت الحيوية.

صحيفة “فايننشال تايمز” أشارت في تقرير لها إلى ان “الإمارات العربية المتحدة بدأت بخطوات لمكافحة الأموال القذرة لكي تتجنب وضعها على قائمة المراقبة الدولية لغسيل الأموال”.

 وفي التقرير الذي أعده مراسلها في دبي سايمون كير، وفي لندن أندرو إنغلاند قالا فيه إن” الإمارات التي تعتبر مركزا ماليا في الشرق الأوسط بدأت بزيادة قدراتها لمنع تدفق الأموال القذرة إلى أراضيها، وذلك حسب مسؤول بارز”.

وقد ذكرت أيضاً انه “في نيسان/ إبريل 2020 حذرت مجموعة العمل المالي التي تتخذ من باريس مقرا لها الإمارات التي ظلت مركز جذب عالمي للأموال غير الشرعية بأن عليها العمل مع النظراء الدوليين لتقوية معايير الالتزام في المجالات التي تعتبر عرضة للانتهاكات، وبخاصة تجارة الذهب والعقارات الراقية. ونقلت الصحيفة عن أحمد الصايغ، وزير الدولة بوزارة الخارجية “لقد أخذنا بالاعتبار التوصيات وبدأنا بالتغيير” و”نعتقد أننا حققنا تقدما ملموسا والسقف الذي وضع كان عاليا”.

وعن إمكانية وضع الامارات على القائمة الرمادية واتخاذ إجراءات بحقها تقول الصحيفة إن “المسؤولين الغربيين يعترفون بتقدم حققته الإمارات للأمام، ولكنهم يستبعدون تجنب وضعها على قائمة مجموعة العمل المالي التي يطلق عليها القائمة الرمادية، وتضم دولا مثل بنما وزيمبابوي. وستصدر المجموعة المتعددة قرارها النهائي في نهاية شباط/ فبراير”.

هذا ويعلق الصايغ قائلا “مهما كانت النتيجة فنعرف أن لدينا خطة عمل”. فيما تعتبر الصحيفة انه “جزء من مجموعة خاصة لمكافحة تبييض الأموال والتي يترأسها وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد، ومهمتها تحسين التنسيق بين الإمارات السبع التي تشكل فيدرالية الإمارات، وهذه تضم دبي التي أصبحت مركز المقرضين الدوليين والمستشارين في الصفقات الذين يقدمون الخدمات المالية في الشرق الأوسط”.

 في حين وصفت الولايات المتحدة الاقتصاد الإماراتي النامي بسرعة بأنه “نقطة إعادة شحن للمخدرات غير الشرعية ومعبر لموارد المخدرات”. ومنحت سياسة الإعفاء من الضريبة في دبي مكانا جيدا لإيداع المال وبخاصة في قطاع العقارات الراقي وتجارة الذهب والأحجار الكريمة المنتعشة. لكن الإمارات بحاجة لبناء سمعة في النزاهة، ذلك أن مراكزها المالية تحاول جذب أفضل ما في الصناعة الدولية من المصارف الضخمة إلى شركات المحاماة الكبيرة.

وتذكر الصحيفة أنه “وقعت في الشهر الماضي شركة بينانس، التي تعتبر من أكبر شركات تبادل العملات المشفرة والتي تواجه سلسلة من التحقيقات التنظيمية العالمية عقدًا مع منطقة تجارة دبي للمساعدة في بناء “نظام بيئي دولي افتراضي للأرصدة”.

 ويؤكد كاتبا المقال على أن “وضع الإمارات على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي لن يردع المؤسسات المالية لإنشاء مراكز في الإمارات، حسبما يقول مصرفيون. ومع ذلك فالضرر على السمعة قد يزيد من الثمن على المصارف المحلية التي تدير عمليات مع بنوك دولية وتعقد قضايا الالتزام للمقرضين الدوليين”.

ويقول مسؤول اماراتي “لن يكون بمثابة عامل كبير ولكنه أمر لا نريد رؤيته”. وفي عام 2020، قالت مجموعة العمل المالي إن الإمارات حدت من قضايا محاكمة تبييض الأموال وذلك مثار قلق، وبخاصة في دبي، وحثت البلد على تقوية معايير مكافحة تبييض الأموال. وفي محاولة لتجنب القائمة الرمادية قامت مجموعة المهام بإنشاء سجل الملكية المفيدة للشركات بحيث يمكن تقديم معلومات للأطراف الدولية وخلال ثلاثة أيام، حسبما يقول الصايغ”ووقعت الإمارات اتفاقيات ترحيل مع 33 دولة بما فيها الصين والهند وبريطانيا. وتم وضع القطاعات التي تتعرض لغسيل الأموال مثل العقارات تحت مظلة نظام إبلاغ عن غسيل الأموال مدارة بشكل فدرالي”.

وتابع الصايغ: “في الماضي كانت المؤسسات المالية هي التي يطلب منها الإبلاغ عن العقوبات المشتبه بها، وهو طلب امتد للمحاسبين والمدققين وتجار الذهب والأحجار الكريمة وسماسرة العقارات. وتم تسجيل 40.000 منها في النظام مما زاد بشكل كبير من الإبلاغ عن العقود المشتبه بها، مثل دفع مبالغ كبيرة لشراء العقارات. وقال الصايغ “لدينا آلاف من العقود المشتبه بها ونستخدمها في التحقيق”.

وتذكر الصحيفة ان “عدد العاملين تضاعف في وحدة الأمن المالي الإماراتية. وفي الفترة ما بين 2019 و2021 تم إدانة نسبة 94% من حالات المحاكمة في غسيل الأموال. وفي العام الماضي تمت مصادرة 625 مليون دولار في جهود مكافحة غسل الأموال والإرهاب”.

المدير التنفيذي لمواجهة غسيل الأموال حامد الزعابي أشار إلى “التعاون الدولي من خلال القبض على مواطن إماراتي في بريطانيا بالغ من العمر 46 عاما في بلغريفيا بشبهة تنظيم مجموعة من السعاة لنقل 100 مليون جنيه إسترليني من مال الجريمة من بريطانيا إلى دبي، وتم تجميد كل الأموال المعنية الآن”.

وقال ديفيد لويس، الذي ترك منصب المدير التنفيذي لمجموعة العمل الدولي العام الماضي “تعتبر الإمارات منطقة اختصاص قضائي معقدة، فهي نقطة ارتباط للكثير من الأموال غير المشروعة، ولكن لديهم التزام سياسي للتعامل معها وأظهروا هذا لمجموعة العمل الدولي وحتى لو تجنب الإماراتيون القائمة الرمادية، فأنا متأكد أن لديهم تحديات وعملا آخر للقيام به”.


المصدر: فايننشال تايمز

الكاتب: سايمون كير وأندرو إنغلاند

You might also like