قوات أمريكية شاركت في انتهاكات سجون عدن السرية (تقرير)
متابعات- اليمن
برزت الولايات المتحدة كأبرز القوى الفاعلة في الشأن اليمني، وبات يرتبط اسمها بجوانب مشينة -وفق مراقبين- لا سيما المتعلقة بالانتهاكات وإطالة أمد الصراع، وقد تكشف ذلك تباعاً على مدى 7 سنوات منذ تدخل التحالف في اليمن.
تحدثت المعارِضة لسياسات الولايات المتحدة “أليس سبيري” عن تورط واشنطن في دعم انتهاكات حقوق الإنسان التي قادتها الإمارات في المحافظات الجنوبية منذ انطلاق عمليات التحالف في العام 2015م.
ونشرت “سبيري” تقريراً في موقع منظمة “إنترسبت” الإخباري تناول حالات الإخفاء القسرية التي طالت المواطنين في مدينة عدن بفعل التدخل الجوي والبحري للتحالف المدعوم من الولايات المتحدة.
وأكد التقرير أن مجموعة حقوقيين من بينهم “هدى الصراري” مثلوا مرجعاً للمعلومات لدى منظمة هيومن رايتس ووتش، ووكالة أسوشيتد برس الأمريكية في العام 2017م التي تناولت انتهاكات حقوق الإنسان في عدن، وذلك بعد أن تمكنت “الصراري” مع مجموعة من الحقوقيين في بناء قاعدة بيانات تضمنت 10 آلاف اسم رجل وصبي محتجزين بشكل غير قانوني.
كما أسهمت عمليات الرصد للانتهاكات في الكشف عن تجاوزات التحالف في جنوب اليمن وفضح شبكة من السجون السرية تديرها الإمارات بعلم القوات الأمريكية وبمشاركة مباشرة لقوات واشنطن في معظم الأحيان، بحسب ما أورده التقرير.
ووفقاً لـ”سبيري”، فإن التدقيق في البيانات والمعلومات المتعلقة بالمخفيين قسراً تؤكد تورط العديد من الجهات الأجنبية، فضلاً عن استمرار الانتهاكات التي يستمر حلفاء الولايات المتحدة في ارتكابها تحت اسم مكافحة الإرهاب، مشيرةً إلى أن جهود التوثيق أسهمت في الإفراج عن أكثر من 260 معتقلاً كانت قد تحدثت عنهم تقارير حقوقية في العام 2017م بفعل قاعدة البيانات التي أنشأتها الصراري ومجموعة الحقوقيين معها.
ويشير التقرير -في حديثه حول التقارير الصادرة في العام 2017م- إلى عمليات التعذيب التي طالت المخفيين قسراً في السجون الإماراتية السرية في عدن، ووصلت حد قتل بعضهم والاعتداء جنسياً على آخرين بأنابيب حديدية، وقد مثل ذلك جانباً ذائع الصيت جرى تداوله على نطاق واسع عالمياً.
وقال التقرير إن حكومة الإمارات لم ترد على طلبات للتعليق لصالح “إنترسبت”، فيما أحال أحد المتحدثين باسم وزارة الخارجية الأمريكية الأسئلة إلى وزارة الدفاع التي لم ترد بدورها على طلبات التعليق.
وتمتنع دول التحالف والولايات المتحدة عن التعليق على فضائح الانتهاكات واسعة النطاق في كافة المحافظات الجنوبية، كما تتحدث وسائل إعلام تلك الدول عن إجراءات غير واقعية بهدف درء التهمة عنها؛ إذ تقول الإمارات -منذ العام 2017م- أنها قامت بسحب جنودها من اليمن، فيما لا تزال تسيطر على العديد من المناطق بواسطة ضباط إماراتيين، وأبرز تلك المناطق جزيرتا سقطرى وميون ومنشأة بلحاف في محافظة شبوة، ومطار سيئون في محافظة حضرموت والعديد من المواقع الأخرى التي تحوي سجوناً سرية تشهد انتهاكات أيضاً.
تقول “إنترسبت” إن هويات العديد من الأشخاص الذين وثَّقوا الانتهاكات إلى جانب “هدى الصراري” غير معروفة علناً بسبب خوفهم من التعرض للانتقام، وقد تعرضت “الصراري” لحملات شرسة بعد أن ظهرت إعلامياً وواجهت حملة تشهير ولا تزال إلى الآن في المنفى بعد فرارها من جنوب اليمن في العام 2019م عقب تعرض ولدها المراهق للقتل ما تعتقد أنه انتقام منها.
تحدثت تقارير -في أكتوبر 2020- أن التحالف دفع بأذرعه المحلية إلى اختطاف أشخاص من بينهم أكاديميون في عدن والزج بهم في السجون السرية التي لم تُغلق رغم فضح انتهاكاتها، وقد جرى لاحقاً نقل أولئك إلى سجون خارج البلاد، وتمت إعادتهم بعد عدة أشهر وقد فقدوا القدرة على الحركة أو التفاعل جراء التعذيب الذي تعرضوا له.
وتشير التقارير إلى أن اختطافهم جاء وفق تكهنات بأنهم كانوا يرصدون الانتهاكات التي تتم في السجون السرية، ونتيجة لانتماء بعضهم إلى محافظات شمالية تأجَّج لدى القوات المدعومة إماراتياً -التي تتبنى نظرة مناطقية- وازع اختطافهم.
إشاعة التحالف مناخ الخوف في اليمن، هو ما أكده فريق الخبراء الحقوقيين البارزين بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، في تقريره الرابع الذي تسبب في إنهاء ولاية الفريق بفعل ضغوط سعودية على الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان.
في ديسمبر الماضي، وجَّهت أكثر من 75 مجموعة من منظمات العمل الحقوقي في العالم دعوة للجمعية العامة للأمم المتحدة لإنشاء آلية دولية جديدة للمساءلة عن الانتهاكات في اليمن، فيما دعا مشرعون أمريكيون وحقوقيون أوروبيون إلى إجراء تحقيقات دولية وطالب بعضهم بتحقيقات من قِبل محكمة الجنايات الدولية بشأن جرائم التحالف في اليمن.
وأتت تلك الدعوات والمطالبات بعد تعرض فريق الخبراء الحقوقيين البارزين التابعين للأمم المتحدة لإجراء تعسفي فرضته السعودية بحقهم وانتهى بإقالتهم بعد إدانتهم ما تقوم به السعودية في كافة المناطق التي تسيطر عليها.
وتعرض رئيس الفريق وهو تونسي الجنسية “كمال الجندوبي” لاختراق طال هاتفه الجوال باستخدام برنامج اشترته السعودية من شركة إسرائيلية، وهو ما تحدثت بشأنه تقارير حقوقية متعددة، غير أن الجندوبي أكد أنه كان قد اتخذ احتياطات بشأن ذلك منذ أول شكوك زاولته، ما حمل إشارة إلى إدراكه حقيقة التحركات السعودية في اليمن.
وقالت الـ”إنترسبت” إن الولايات المتحدة نشرت وحدات من قوات العمليات الخاصة إلى جانب القوات الإماراتية في جنوب اليمن، وقد شاركت تلك القوات في الانتهاكات مع الإماراتيين ووكلائهم المحليين.
خلال العام 2017م، لم يكن يحظى الحديث عن تدخلات القوات الإماراتية بالزخم الكافي، فقد كان الجميع يصب تركيزه على وجود سجون إماراتية سرية بالهيئة ذاتها المعهودة عن الخليجيين وانتهاكاتهم الشهيرة، غير أن الحديث عن الأمريكيين تصاعد بعد ثبوت تورطهم في كافة القضايا المشينة والاتهامات المتعلقة بإطالة أمد الصراع في اليمن.