صمت مريب نحو الأحداث يلفت النظر!
بقلم\ حسن العجيلي
لقد أصبح الكل يدرك من أبناء الجنوب بأن المخاض الذي مرت به القضية الجنوبية منذ تأسيس الحراك الجنوبي ولا داعي لسرد تواريخ هذا التأسيس أو ما واجهه من حيث الاستهداف من قِبل القوى التقليدية سابقاً، لكن الواقع يقول لقد تجاوز هذا الحراك كل مراحل الصراعات وحصل على ثقة شعب الجنوب قاطبة وتمخض الجبل وولد المجلس الانتقالي الذي حسم دور كل المكونات السياسية وشكل وحده معارضة ورسم أهدافاً محددة توافقاً مع آراء وأفكار الأشقاء الذين يقدمون الدعم لذلك المجلس، وإن كان دعماً مشروطاً ومحدد الآليات.
ومع مرور السنين اتضحت الآراء وتكشفت كثير من أوراق اللعبة لتلك الشروط وإلى أين وصلت الحالة السياسية والعسكرية والاقتصادية للقضية الجنوبية والجنوب، سبع سنوات سراب ووعود لا تسمن ولا تغني من جوع والشعب الجنوبي يعلق الآمال على من منحهم ثقته ورفع شعاراته داعماً ومؤيداً لمواقفهم وقاد المسيرات في الساحات وقطع المسافات على مستوى المحافظات الجنوبية، وكانت عدن صاحبة الحظ الأوفر من حيث تجمع المليونيات وتحديد المهمات… وبعد مرور تلك السنين الطوال لم يتغير شيء عدا انتقال الانتقالي من فترة المحارب والمطالب بالحقوق الجنوبية الدولة والثروة والأرض إلى الإنسان المهتم بالمظهر والظهور أمام العالم بربطة العنق والبدل الفرنسية والطاولات الحديثة المزروعة بالورود والاجتماعات الدورية وكأنهم فعلاً قد حققوا الأهداف ونصبوا راية الدولة واستعادوا القرار السيادي وهيمنوا وسيطروا على كل مكتسبات أرض ودولة الجنوب.
وفعلاً شيء محزن أن يصل الجنوب إلى هذه الوضعية المنهارة وشعبه يموت وهؤلاء كأنهم غير متعايشين مع تلك الظروف، لقد أنجزوا لأنفسهم وضعاً خاصاً بهم من تشكيل قوى وسموها الجيش الجنوبي وأوهموا الآخرين بأنهم فعلاً قد حققوا الاستقلال من خلال النقاط التي نصبوها على مشارف الطرقات، وكما يقولون الأرض المحررة، للتقطع والقتل وإهانة أبناء الشعب، للأسف لقد صنعوا أزمات طاحنة يدفع ثمنها شعب الجنوب وقسموا الجنوب إلى كيانات ملموسة على أرض الواقع مثل فلم الحدود للفنان المرحوم دريد لحام، وإلى اليوم لا يزال المجلس الانتقالي صامتاً ولم يحرك ساكناً تجاه الأزمات والالتزامات التي قطعها على نفسه يوم حصوله على ثقة أبناء الجنوب، وإن كانت النسبة محدودة، وما الذي يمنعه أن يحرك قواه أو يدخل مع الناس في حوار يضم الكل في الكل وعلى الأقل يحافظ على ماء الوجه والاستفادة من تصريحات سفراء الدول الكبرى والمبعوث الأممي الذين أكدوا بأن لا يمكن حدوث أي تغيير أو انفصال وأن القضية الجنوبية غير مطروحة على مائدة الحوار، غير أن هناك مؤشرات لإمكانية تحديد مسارات أخرى ولكن بعد تنفيذ اتفاق الرياض الذي يدعم مشروع اليمن الواحد الآمن والمستقر.
وهنا يظهر عيب آخر بأن المجلس الانتقالي لم يشارك في تنفيذ اتفاق الرياض ولم يحقق أي نتائج مع العالم تخص القضية الجنوبية، فلماذا لا يعلن الفشل أو يعمل على تغيير مساراته وتجديد إدارته، حتى يضع له العالم مكانة سياسية واقتصادية وعسكرية في خارطة المفاوضات أو يقفل الدكان ويعلن الإفلاس، شعبكم يموت من الجوع والعطش والأمراض وأنتم شعاركم لا صوت يعلو فوق صوت المناطقية والعصبية والفئوية وحماية بعضكم البعض فقط، ونصيحة: اتركوا السياسة لأهلها أو انظروا إلى السودان اليوم ماذا قال شعبه وإلى أين أوصل الأمور، هل تنتظرون لهذا المشهد أن يكون في الجنوب أو أنكم ملتزمون للداعمين الذين سياساتهم واضحة ومعروفة تجاه الجنوب! وعليكم أن تعودوا قليلاً إلى الخلف وانظروا أين من تحمَّلوا مسؤوليات النضال باسم القضية الجنوبية، أين هم الآن!
تحية لشعب الجنوب الصابر والصامد واللعنة على من كان السبب في هذا التدهور الذي طال كل شيء جميل في الجنوب ولن يفيد الصمت أو دس الأنوف في التراب.