الجنةُ تحت أقدامِ (أمريكا وإسرائيل)..!
بقلم الشيخ عبد المنان السنبلي.
يُقال -والعهدة على الراوي طبعاً- إن الرئيس الغشمي سُئِلَ ذاتَ يومٍ عن سِــرِّ وصوله إلى سُدَّة الحكم وتبوؤه منصبَ رئيس الجمهورية اليمنية..، فأجاب: بفضل طاعة الوالدين!
أنا في الحقيقة طبعاً لا أعرف تماماً إن كان هذا الكلام قد جاء على لسانه فعلاً أم أنه لا يعدو عن كونه مختلقاً ويندرج في إطار ما يعرف بالنكتة السياسية ليس إلا!
على أية حال،
ليس وحده الرئيس الغشمي في الحقيقة من ناله حظٌ وفيرٌ من بركات وكرامات الوالدين!
النظام السعوديّ كذلك لم يكتب له البقاء والديمومة على ما يبدو على امتداد أكثر من ثمانين سنة إلا بفضل طاعة الوالدين أَيْـضاً؛ أبويه الروحيين أمريكا وإسرائيل كما هو معلوم!
وحدهم في الحقيقة المتتبعون والمترقبون لمواقف وسياسات هذا النظام منذ نشوئه إلى اليوم هم من يعلمون هذه الحقيقة بكل تفاصيلها وجزيئاتها المختلفة!
يعني نظامٌ كان ولايزال يتبنى وينتهج دائماً مواقفاً وسياساتٍ سلبية لا يمكن لها أن تصب في مصلحته أَو مصلحة شعبه وأمته الاستراتيجية ولا يمكن لها أن تؤهله أَيْـضاً لأن يستمر أَو يبقى حتى سنةً واحدةً، ومع ذلك يكتب له البقاء والديمومة والاستمرار عقوداً وعقوداً وعقود!
ماذا يعني هذا؟!
يعني أن ثمة قوةً خفيةً تسنده وتضمن له عدم الترنح والسقوط ربما على الأرجح استمدها من تفانيه وإخلاصه في طاعته لوالديه وأبويه الروحيين سالفي الذكر!
يكفي أن تعرفوا من سياسات هذا النظام السلبية فقط رغبته الجامحة والدائمة في العمل على اختلاق الأعداء لنفسه واصطناع الخصوم وتوهم الخطر لدرجة تجعله لا يتردّد لحظةً واحدةً في أن يجلب العالم كله وينفق كُـلّ ما في حوزته من أموال وودائع لمواجهة ما يعتقد أنه عدوٌ متربصٌ أَو خطرٌ محدقٌ!
ألم تكن مصلحته يوماً مثلاً تكمن في الانخراط في المشروع القومي العربي والإسهام بشكل فعال في إنجاحه وإخراجه إلى حيز الوجود؟
فماذا فعل هذا النظام مع ذلك المشروع القومي العربي؟!
تصدى له بكل قوة وتآمر عليه وسعى سعياً حثيثاً لإفشاله والقضاء عليه حتى كان له ما أراد!
ألم تكن مصلحته ذات يوم تكمن في وجود عراقٍ قويٍ وموحد على بوابته الشمالية الشرقية؟!
فماذا فعل هذا النظام مع العراق؟!
ذهب وبكل بساطة يورط نفسه ويسهم إسهاماً مباشراً وواضحًا في عملية التآمر عليه وتدميره وتفكيكه وإضعافه!
أليست مصلحته تكمن في وجود سوريا قوية وموحدة على بوابة العرب الشمالية؟!
أليست تكمن في وجود لبنان قوي وموحد وليبيا قوية وموحدة؟!
أليست تكمن في بقاء فلسطين عربية وموحدة وعاصمتها القدس الشريف؟!
فماذا فعل هذا النظام المتآمر مع كُـلٍّ من سوريا ولبنان وليبيا وفلسطين؟!
تآمر عليها جميعاً وأسهم إسهاماً مباشراً في تدمير سوريا وليبيا وإضعاف لبنان وبيع فلسطين!
أليست مصلحته اليوم أصلاً تكمن في وجود يمنٍ قويٍّ وموحدٍ على حدوده الجنوبية نفسه؟!
فماذا فعل هذا النظام مع اليمن؟!
قام وبكل بساطة يتآمر عليه ويُقدِم على حصاره وتدميره وتفكيكه وإضعافه!
لماذا..؟! ومن أجل من كُـلّ هذا؟!
ومن المستفيد مما يقوم به هذا النظام من مواقف وسياساتٍ رعناء لن تجلب الدمار في محصلة الأمر إلا عليه نفسه؟!
أيظن أنه بطاعته وبره بأبويه هؤلاء سيكون في منأىً من عواقب وتداعيات ما تصنع يداه؟!
وهل كانت أمريكا وإسرائيل أصلاً إلا أبويه بالتبني؟!
غداً عندما يستغنون عنه سيتخلون عن أُبُوَّتِهم له ويتنكرون لطاعته لهم كما تخلت عن أبوتها له بريطانيا من قبل، فلا يجد له – وقد عصى أبويه الحقيقيين؛ الإسلام والعروبة – أبوين آخرين يطيعهما ويحتمي بهما وينعم ببركات وكراماتهما، فيسقط هنالك وحيداً غير مأسوفٍ عليه في الدرك الأسفل من مزابل التاريخ، وإن غداً لناظرهِ قريبُ.
قللك بطاعة الوالدين.. قال!