كل ما يجري من حولك

حكومة صنعاء تتجاهل غارات للتحالف في العاصمة والرياض تنفي علاقتها.. من الجهة التي تهدف لإفشال المفاوضات؟

671

متابعات| صنعاء:

في الوقت الذي يترقب فيه الجميع في اليمن وفي المنطقة ما ستؤول إليه جهود الوفد العماني السلطاني المتواجد منذ 5 أيام في العاصمة صنعاء، خاصة بعد أن نقل الوفد ما خرج به من نقاط من قيادة صنعاء إلى سلطان عمان هيثم بن طارق والذي بدوره بعث وزير خارجيته بمضمون هذه النقاط في رسالة مغلفة إلى الملك السعودي، وفي الوقت الذي ينتظر فيه الجميع ما سأتي من السعودية من ردٍ على هذه الرسالة، يتعرض قلب العاصمة صنعاء لأربع غارات استهدفت الفرقة الأولى مدرع.

وسرعان ما تسارع الرياض إلى نفي علاقتها بهذه الغارات، أما صنعاء فتتعامل مع الحدث بتجاهله ومع السعودية بأنها صادقة في نفيها، فلم تعلن صنعاء عن هذه الغارات باستثناء ما نشر من أخبار عاجلة في بداية الأمر، ثم جرى عن عمد تجاهل تلك الغارات وغض الطرف عنها، وكأن صنعاء لديها قناعة أن الرياض لا علاقة لها بالفعل بهذه الغارات، فحدث كهذا في ظل هذه الظروف المحيطة من وفد وسيط موجود في صنعاء وتعاطي يبدو حتى اللحظة إيجابياً من قبل الرياض مع مساعي وقف الحرب في اليمن، قد يفسد المفاوضات ويُفشل الجهود الحالية برمتها، إذ أن من الطبيعي أن تقابل صنعاء هذه الغارات برد فعل عسكري مشابه غير أن ذلك لم يحدث.

وذلك يدعو للتساؤل: هل هناك طرف آخر لا يريد أن يحدث أي تقارب بين صنعاء والرياض؟، وهل كان هذا الطرف يهدف من خلال هذه الغارات استفزاز صنعاء ودفعها للتسرع والرد العسكري داخل العمق السعودي بهدف إفشال الجهود العمانية؟.

على افتراض أن هناك من يريد إفشال التقارب بين صنعاء والرياض، فإن الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ غارات في صنعاء هي الإمارات، لكونها المشاركة في السيطرة على الأجواء اليمنية، غير أن عدم التعليق من الرياض أو صنعاء على من الذي قام باستهداف الفرقة الأولى مدرع يدعو معه إلى الاعتقاد بكل يقين أن من قام بالهجمة هي الإمارات.

من المنطقي أن تكون الإمارات هي من نفذت الغارات بهدف إفشال التقارب بين صنعاء والرياض والذي ترى فيه أبوظبي بعيداً عن مصالحها وأهدافها، فالإمارات لا تعرف ما مصير نفوذها وسيطرتها في الجنوب بعد التقارب بين الرياض وصنعاء، ومن جهة أخرى فإن الخلاف الواضح بين الرياض وأبوظبي عاد للتوسع من جديد في الجنوب وهذا واضح من خلال الصراع بين الطرفين عبر أدواتهما المحلية المتمثلين بالإصلاح وهادي من جهة والانتقالي الجنوبي والمؤتمر التابع للإمارات من جهة مقابلة.

وبما أن صنعاء أفشلت الخطة الإماراتية وغضت الطرف عما حدث، فإن من الواضح أن الخلاف والقطيعة بين السعودية والإمارات قد بلغت ذروتها هذا اليوم.

ما حدث اليوم يدفعنا إلى مراجعة مضمون زيارة السفير الإيراني لدى صنعاء حسين إيرلو لوزير الخارجية اليمني بحكومة صنعاء هشام شرف أمس الأربعاء، ورغم أن ما دار من حديث بين الرجلين لم يتم الكشف عنه، إلا أن ما نشرته وكالة الأنباء الرسمية “سبأ” في خبرها الرسمي عن اللقاء برز فيه عبارة لافتة وجديرة بالاهتمام وهي عبارة “إفشال مخططات تجار الحروب في وضع العراقيل” أمام جهود التسوية في اليمن، حيث وردت العبارة في سياق نقاش الطرفين “التطورات في ملف اليمن والمستجدات في التحركات الإقليمية والدولية باتجاه إحلال السلام”، الأمر الذي يعني أن الجميع كان يعرف أن هناك طرف لا يريد للتسوية أن تتم، ومن المرجح أن تكون طهران قد بعثت برسالة عبر سفيرها في صنعاء مضمونها أن طرفاً ما لا يريد أن يحدث تقارب مع الرياض وأن هذا الطرف قد يقدم على عمل يحاول من خلاله إشعال الفتيل من جديد بين صنعاء والرياض.

يبقى هناك احتمال لا تزال مؤشراته قوية، وهو وقوف إسرائيل خلف هذه الغارات ومن المحتمل أن تكون قد نفذتها بنفسها أو دفعت بالإمارات لتنفيذها، فإسرائيل لا تريد أن يحدث تسوية ووقف للحرب في اليمن لكون وقف الحرب في اليمن من وجهة نظر تل أبيب سيساعد أمريكا في الجلوس والتفرغ للمفاوضات مع إيران والوصول معها إلى اتفاق بشأن ملفها النووي، وإسرائيل لا تريد بأي حال من الأحوال أن يتم اتفاق أمريكي إيراني من جديد، وهنا قد يتساءل البعض ما علاقة اليمن والحرب بالملف النووي الإيراني والمفاوضات مع واشنطن، والجواب على ذلك هو أن واشنطن وتل أبيب تعتقدان أن كلاً من طهران وصنعاء يكمل بعضهما الآخر وأن طهران تستغل علاقتها بصنعاء التي باتت رقماً عسكرياً صعباً في المنطقة للضغط على حلفاء واشنطن عسكرياً بما يخدم إيران وملفها النووي، وهذا غير صحيح على الإطلاق فإيران سبق أن قالت أكثر من مرة أنها ليست في وارد التفاوض نيابة عن أحد من أصدقائها في المنطقة وسبق أن حاولت واشنطن والأمم المتحدة التعاطي في الملف اليمني مع إيران لكن الأخيرة رفضت وأحالتهم من جديد إلى صنعاء فهي صاحبة الشأن، لكن يبقى ذلك اعتقاد سائد لدى واشنطن وتل أبيب وبموجب هذا الاعتقاد فإن إفشال الاتفاق بين الرياض وصنعاء يعني إفشال أول خطوة نحو الاتفاق بين واشنطن وطهران.

وسبق أن كشفت إسرائيل بإعلان رسمي عن أنها ستنفذ عمليات عسكرية جوية في اليمن، وكان ذلك أثناء تدشينها طائرة عسكرية كبيرة من دون طيار مخصصة للأعمال التجسسية والقصف بعيد المدى والتي تدخل الخدمة العسكرية الإسرائيلية لأول مرة.

* المساء برس| تقرير: يحيى محمد

 

 

You might also like