الحكم بعد المداولة..!
بقلم الشيخ عبد المنان السنبلي.
أليس من الظلم أن نصدر على بعض إخواننا العرب وخُصُوصاً هناك في الخليج أحكاماً مسبقةً وقاسيةً من دون أن ننظر حتى في الدوافع والظروف والملابسات التي دعتهم إلى تبني مثل هذه المواقف السلبية المعلنة والمعاديةً للأُمَّـة!
هكذا نحن دائماً نستبق الأحداث ونصدر الأحكام جزافاً بحق خصومنا ثم بعد ذلك ننصب لهم المشانق بدون أن يضطرنا ذلك إلى الذهاب أَو التوجّـه إلى أقرب محكمة هنا أَو هناك!
على أية حال،
هم الآن في قفص الاتّهام يمثلون في جلسةٍ استثنائيةٍ وعاجلة أمام محكمة (اللاءات الثلاث) العربية المتخصصة العليا وذلك على خلفية ما نسب إليهم من تهم الخيانة والتآمر والتمالؤ مع العدوّ الصهيوني المجرم الغاصب خلال وما قبل عدوانه الغاشم الأخير على فلسطين المحتلّة، ولكي نقرّر في أمرهم طبعاً ما علينا إلا أن ننتظر ما ستفضي إليه هذه المحاكمة من أحكامٍ ومن نتائج ثم بعد ذلك لكل حادثٍ حديث أَو كما يقولون.
محكمة.
رئيس المحكمة..
بسم الله الرحمن الرحيم
ثم باسم الأُمَّــة العربية والإسلامية تُفتتح الجلسة.
رئيس المحكمة القاضي السبعيني (كفاح بن ذي الحجارة) وبعد أن فرغ ممثل النيابة العامة من سرد وتلاوة عريضة الاتّهام الخاص بهؤلاء المتهمين ومواجهتهم بالأدلة والشواهد اللازمة يطلب الآن من السيدة (صفقة بنت ذي القرن) رئيس فريق الدفاع التفضل بالحديث والرد على ما جاء في مضمون هذه العريضة من اتّهامات بحق موكليها.
بدورها بدأت السيدة (صفقة بنت ذي القرن) مرافعتها بالاعتراف بأن كُـلّ ما جاء في عريضة الاتّهام ثابتٌ ومعلومٌ ومعلنٌ للجميع ولا يستطيع أحد إنكاره لكنها عادت في الوقت نفسه ونفت أن يكون هذا الذي أقدم عليه موكلوها داخلاً في إطار الجرم المشهود الذي يعاقب عليه القانون كونهم لم يأتوا بجديدٍ أَو غريبٍ غير أنهم انتقلوا بأنفسهم ومواقفهم فقط من تحت الطاولة إلى فوقها ليس إلا!
واستطردت قائلةً أن موكليها لم يقدموا على ما أقدموا عليه إلا من واقع معطياتٍ وقناعاتٍ راسخةٍ ومتأصلة لديهم منذ البداية تجعلهم دائماً في حَـلّ من أي التزام قوميٍ عربي وتتلخص في الآتي:
١ – أن لا قضية لهم هنالك في الأصل اسمها (فلسطين) وأنه لا وجود كذلك لأي عداوة بينهم وبين (إسرائيل)!
٢ – أن ما يجمعهم ومواطني (إسرائيل) أكبر بكثير مما يجمعهم وشعب (فلسطين)، فهم يرون في الإسرائيليين دائماً أبناء عمومتهم وبالتالي فهم أحق بأرض (فلسطين) من غيرهم، أما الفلسطينيون بحسبهم فهم مُجَـرّد خليط وأشتات من أجناس مختلفة وأعراق متعددة الأمر الذي يُلغي معه حقهم في البقاء على هذه الأرض أَو كما يقولون.
٣ – أن حركات المقاومة الفلسطينية ليست بالنسبة لهم سوى منظمات وجماعات إرهابية يجب محاربتها والتصدي لها بقوةٍ وحزم.
وبناءً على ما سبق نستنتج – والكلام هنا طبعاً للسيدة (صفقة بنت ذي القرن) – أن جميع ما نسب إلى موكلي باطلٌ ولا أَسَاس له من الصحة الأمر الذي يتطلب من عدالة المحكمة عدم قبول هذه الدعوى وإصدار حكم البراءة بحقهم وكذلك رد اعتبارهم. انتهى.
رئيس المحكمة يطلب الآن إحضار شهود النفي، لكنه وبعد أن تفحص هُــوِيَّاتهم يصدر قراراً على الفور برفض الاستماع إلى شهاداتهم كون (أولاد العم سام) وكما يعرف الجميع من الناس المشهور عنهم الكذب والتدليس وقول الزور دائماً، ليتوجّـه بعد ذلك مباشرةً إلى المتهمين ببعض الأسئلة:
– ما قولكم في الاتّهامات الموجهة إليكم؟!
– المتهمون بصوتٍ واحد: إيران!
– ما حملكم على أخذ هذا الموقف السلبي من الفلسطينيين وحقهم المشروع في مقارعة الظلم ومقاومة الاحتلال الصهيوني والدفاع عن أرضهم على خلاف معظم العرب؟!
– المتهمون بذات الصوت: إيران!
– طيب.. ما حملكم على تجريم حماس والجهاد وغيرهم من فصائل المقاومة الفلسطينية وتصنيفهم منظماتٍ إرهابية وكذلك الاشتراك والتمالؤ مع إسرائيل في قصف وقتل الشعب الفلسطيني وتهجيره تحت هذه الذريعة؟!
– المتهمون بلسانٍ واحد: إيران!
– وماذا فعلت إيران حتى تتنكروا لفلسطين ولأمتكم العربية والإسلامية بهذه الصورة المخزية بل وتتآمرون عليهم؟!
هي من تسلح المقاومة في فلسطين ولبنان وتدعمهما!
– وأنتم؟! لماذا لم تكونوا تتكفلون بتسليحها ودعمها؟! أليست فلسطين أرضاً عربية وأنتم تقولون أنكم عرب؟!
– كي لا يكون في ذلك عرقلة لعملية السلام، فإيران وحدها بذلك العمل هي من تقف عقبةً وتتسبب في عرقلة عملية السلام!
السلام! السلام! رئيس المحكمة متمتماً!
وفي هذه اللحظة أعلن القاضي انتهاء عملية المحاكمة وتقرّر إعلان الحكم، ولكن بعد المداولة.
محكمة.
بسم الله الرحمن الرحيم.
بعد أن استكملت عدالة المحكمة كافة شروط التقاضي واستمعت إلى جميع الآراء، فقد تبين لها وبما لا يدع مجالاً للشك ثبوت واقعة ارتكاب جريمة الخيانة العظمى من خلال التآمر الصريح والمعلن على الأُمَّــة وكذلك الانبطاح والعمالة للأجنبي وشرعنة التطبيع وتجريم من يقاومه أَو يشكك في مشروعيته. وعليه،.
١ – حكمت المحكمة حضورياً وبالإجماع بإحالة أوراق المتهمين جميعاً إلى فضيلة التاريخ.
٢ – تجريد المتهمين جميعاً تجريداً تاماً من كُـلّ صفات العروبة والمروءة والنخوة والغيرة وذلك لثبوت انتفاء وجودها وانعدام أثارها فيهم.
٣ – إدراج أسماءهم جميعاً في قائمة العار السوداء جنباً إلى جنب مع أبي رغال وابن العلقمي وبابك الخرمي وحيدر الأفشين وغيرهم ممن ثبت خيانتهم ونبذهم التاريخ وأن عليهم وعلى كُـلّ من يقتفى أثرهم أَو يسير في مسارهم غضب الأُمَّــة واللعنة إلى يوم الدين.
٤ – تجريم كُـلّ أعمال التطبيع بكافة صوره وأنواعه وتجريم كُـلّ من يروج له أَو يحاول التفكير فيه كونه لا يخرج عن دائرة الخيانة العظمى.
٥ – فرض حالة الإقامة الجبرية على المدعوة (صفقة بنت ذي القرن) لتوفر قرائن كثيرة تشير إلى عزمها القيام بجرمٍ من نوعٍ ما بحق الأُمَّــة وفلسطين يرقى إلى مستوى جريمة الخيانة العظمى بالإضافة إلى قرار بتجميد كافة أنشطتها وإيقافها نهائياً عن العمل مدى الحياة.
رُفعت الجلسة.