نداءٌ أخير: عودوا آمنين
بقلم الشيخ عبد المنان السنبلي.
عودوا جميعاً أيها المغرر بكم، فالوطنُ كان ولا يزال وسيظلُّ يتسعُ لكل أبنائه على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم الفكرية والسياسية لولا توهُّمات وتهيؤات وتغرير البعض.
عودوا آمنين مطمئنين إلى دياركم، حَيثُ تريدُ لكم اليمنُ أن تكونوا، لا حَيثُ يريد لكم ولنا جميعاً الأجنبي أن نكونَ.
ماذا تنتظرون؟!
الإسلامُ الذي أوهموكم أنه يتعرَّضُ لعملية تحريفٍ وتبديلٍ ممنهجة، أثبت مَن هم في صنعاء أنهم أكثرُ حرصاً والتزاماً في المحافظة عليه وعلى تنوُّعه المذهبي والفكري من أُولئك أصحابِ الفكر المنغلِق المتطرف والجامد!
الجمهورية التي أوهموكم أنه يرادُ الإطاحةُ بها، أثبت مَن هم في صنعاء أنهم أكثرُ تمسكاً وتعلقاً بها ممن ظلوا وما زالوا يتباكون على سقوطِها وضياعِها.
الهُـوِيَّةُ الوطنية اليمنية التي أوهموكم أنها تتعرَّضُ لعمليةِ طمسٍ ومسخ مبرمج، أثبت مَن هم في صنعاء أنهم أكثرُ ترسيخاً وتجسيداً لها من أُولئك الرافعين لشعارات الوطنية والتحرّر من داخل أقبية وأروقة أنظمة الحكم الأجنبية الاستبدادية والمعادية!
الأمنُ القومي العربي الذي أوهموكم أنه يتعرَّضُ لعملية طعن من الخلف، أثبت مَن هم في صنعاء أنهم أكثرُ انتماء وحرصاً على تثبيت هذا الأمن والحفاظ عليه من أُولئك الوالغين علناً في وَحْلِ العمالة والخيانة والتطبيع والارتهان للأجنبي!
(التحالف) الذي وعدكم أنه سيعيدُكم، غدر بكم وأخلفَكم وعدَه هذا.. وذهب يبحثُ لنفسه من خلالكم فقط عن مصالحه هناك في باب المندب وسقطرى والمهرة و…!
حتى المناطق التي أوهموكم أنها تحرّرت، عَزَّ عليهم أن يعيدوكم إليها أَو أن يعطوكم فيها موطئَ قدم!
باختصار الصورةُ أصبحت اليومَ واضحةً جِـدًّا، ولم يعد يكتنفها أيُّ شيءٍ من الغموض.
فما الذي يمنعُكم اليومَ إذَن وفي ظل كُـلّ هذه المعطيات من العودة إلى صنعاء؟!
يعني الفلسطينيون لم يتركوا باباً على مدى أكثر من سبعين سنةً إلا وطرقوه باحثين ومطالبين بحق العودة وأنتم يأتيكم هذا الحق على طبقٍ من ذهب، ومِنْ مَن؟!
ممن لا زلتم تقاتلونهم وتعتقدون أنهم أعداؤكم.. من إخوانكم هنا في صنعاء!
هل رأى التاريخُ أعجبَ من هذا؟!
على أية حال..
عودوا.. جميعاً ولا تأخذُكم العِزةُ بالإثم!
عودوا.. وقابلوا الأيادي التي امتدت إليكم بأيادٍ بيضاءَ مماثلةٍ، فقد يكونُ في ذلك بدايةً لانصهار الجليد وعودةِ المياه الدافئة إلى مجاريها!
عودوا.. ولا تكونوا كفقيرِ اليهود، لا خمر في الدنيا ولا جنة في الآخرة، فلا العدوان اللعين هذا هو الذي مكّنكم مما وعدكم ومنَّاكم به، ولا أنتم هؤلاء الذين استثمرتم اللحظة واغتنمتم الفرصةَ وتجاوبتم مع نداءاتِ ومناشداتِ العودة!
عودوا.. قبل أن لا تستطيعوا أن تعودوا.