رسالةُ اليمن الجريح المقاوم إلى ساسة البيت الأبيض والعالم
دينا الرميمة
بعد ستِّ سنوات إلَّا قليل من الحرب العدوانية على اليمن والتي لم تكن لتستمر لولا الدعم الأمريكي لها وتأييدها الكامل والمطلق، بل إنها من تولت كبرها ضد شعب رفض وصايتها وصرخ ضد تواجدها على أرضه التي كانت أكبر مطامعها.
فوضعته بين خيارَي السلة والذلة فلم يكن أمام هذا الشعب إلا إعلانه أن “هيهات منا الذلة”، نعم، فالله ورسوله يأبون ذلك لكل إنسان عزيز يفدي أرضه بدمه ويعشق الكرامة، بل إن الكرامة تستمد منه اسمى معانيها.
ولأننا جميعاً نعلم سياسةَ أمريكا القائمة على مبدأ “من ليس معنا فهو ضدنا”؛ لذلك فقد أعلنوها عليهم من واشنطن حرباً تلقفتها أيادٍ عربيةٌ وتمويلٌ عربي شعارهم فيها العنف والبشاعة واستخدام كُـلّ وسائل التركيع والضغوطات القصوى لإخضاع اليمنيين؛ كي يكونوا ضمن قائمة المزدحمون أمام بوابات التطبيع!! ففوجئوا بشعب قوي تصدى لكل بشاعة ما جاءوا به لقتله وإبادته، شعب أمام كُـلّ تلك الجرائم التي مورست عليه وضع يده على قلبه وربط الحجر على بطنه التي كاد الجوع أن يستفحل بها وأطلق لبأسه وشدته العنان في مواجهة العدوان ومواجهة كُـلّ قوى الطغيان، متوكلاً على ربه واثقاً بنصره لعباده المظلومين.
استطاع أن يهزم أُولئك المتعجرفين ويكسر هيبتهم ويردع شرهم فما كان أمام أمريكا المكسورة شوكتها إلا أن تستخدم ضدهم قرار العقوبات وَتدخلهم في القائمة السوداء كإرهابيين، متناسيةً أنها وبشهادة كبار ساستها هي من صنعت الإرهاب وأطلقت القاعدة وداعش لقتل الشعوب وتشويه الدين وبهم تنال مآربها في أية بقعةٍ من بقاع الأرض ومن ضمنها اليمن، حيث شاهدنا الدعم العسكري واللوجستي منها لداعش والقاعدة المشاركون مع جيش المرتزِقة في قتل اليمنيين.
بيد أن اليمنيين أمام هذا القرار المتنافي مع حقيقة ما يجري على الأرض خرجوا في مليونيات عارمة في أربعَ عشرةَ محافظةً يمنيةً ليسألوا أمريكا والعالم: من هو الإرهابي؟!، مطالبين بإيقاف هذه الحرب.
خرجوا واضعين نصبَ أعينهم تلك الجرائم المطبوع عليها بصمة أمريكا، من القتل والتدمير والتجويع والحصار.
حضرت المليونية كُـلّ تلك الأشلاء المتناثرة للأطفال والنساء الأبرياء الذين اغتالهم السلاح الأمريكي.
لم تغب بثينةُ من المشهد والآلاف مثلها ممن فقدوا أسرهم وذويهم ووجدوا أنفسهم في غمضة عين وحيدين يتلقفهم الحزن واليُتم من كُـلّ جانب، لم تغب إشراقُ ومن مثلها الذين كانت أقصى أمانيهم العلم فقصفت مدارسهم واغتيلت أحلامهم بالسلاح الأمريكي.
حمدة بنت مأرب كانت حاضرةً ومئات الأُمهات مثلها ممن فقدن كامل أسرهن ولم يبق ما يعبرن عنه سوى دمعة أسى تذرفها أعينهن حزناً على الراحلين.
مشاهد القتل والتهجير والتصفية العرقية والمناطقية للكثير من الأسر اليمنية كانت أَيْـضاً حاضرة.
وأما الأسرى المذبوحون ظلماً وقهراً بأيدي أمريكا وفي تعدٍّ صارخٍ لكل مواثيق التشريعات السماوية ومواثيق حقوق الإنسان كانوا أَيْـضاً ضمن الحاضرين.
شهداء الأعراس والعزاء وَالمسافرين الذين اغتالتهم أمريكا دون ذنبٍ كانوا من ضمن الحاضرين، حضرت كُـلّ مأساة وكل وجع سببه العدوان الأمريكي السعودي.
وما هذا إلَّا جزء بسيط من الحاضرين الذين جاءوا ليقولوا للعالم: إن أمريكا هي من اغتالتهم وأن الإرهاب الأمريكي هو سبب رحليهم عن هذه الحياة فقط كونهم يمنيين متمسكين بقرار رفض الوصاية والهيمنة لا لسواه؟؟
جاءوا جميعهم ليقولوا: أوقفوا الحرب والحصار على اليمن وأيديهم ضاغطة على الزناد، متوعدين بالرد والمواجهة ومواصلة الصمود في وجه هذا العدوان الغاشم.
رسائل عدة أوصلها اليمنيون إلى العالم الذي كثير منهم اليوم خرجوا عن صمتهم ليقفوا مع اليمن ويطالبون حكوماتهم بمنع بيع السلاح للسعودية والإمارات.
واليوم وبرغم ما استخدمته أمريكا وأدواتها من كُـلّ وسائل التضليل الإعلامي عبر تلك القنوات الفضائية والمواقع والصحف وبعد أن كان اليمن وحيداً يجابه العدوان والحصار ويجابه أَيْـضاً الزيف والتضليل هَـا هو العالم يفوق من غيبوبته ليقف مع مظلومية اليمن بعد ست سنوات من الصمت الممول بالريال السعودي.