كل ما يجري من حولك

شيء عن الصمود الأسطوري لليمنيين في وجه المحتل العثماني (تقرير)

شيء عن الصمود الأسطوري لليمنيين في وجه المحتل العثماني (تقرير)

726

متابعات| تقارير| البوابة الاخبارية اليمنية:

في عهد حسين حلمي والمشير عبدالله باشا تقرر تجنيد 80 ألفاً من اليمنيين وإلحاقهم بالجيش العثماني ومع رفض اليمنيين اتجه الأتراك إلى استخدام القوة فقاموا باعتقال ما يقارب 2700 ونقلوهم إلى الحديدة ومنها إلى تركيا وباتت سياسة العقاب الجماعي هي الأسلوب المتبع بالنسبة للأتراك ويتضح من ذلك كيف كان اليمنيون بأعداد قليلة يصمدون أمام المئات والآلاف من الأتراك في معارك ضارية وشرسة ومع ذلك يكون النصر فيها لليمنيين

ونرى كيف أن الأتراك اعتمدوا سياسة استخدام القوة المفرطة في قمع القرى الصغيرة التي قد لا تحتاج لتلك القوات الكبيرة لإخضاعها فمثلاً أرسل الأتراك (6) طوابير لمهاجمة قرية ساك من بلاد خارف وأرسلوا طابوراً لغزو عومة وغزوا ناعط بقوات كبيرة واستولوا على الذخائر المودعة فيه ولوقعة قرية الفصيح من بلاد الشاهل جمعوا العساكر من كافة البلدان وهاجموها بقوة وقسوة وبعث أحمد فيضي أربعة طوابير لمقاتلة عمران لفك الحصار عن قواته البالغ عدد 800 عسكري كانوا محصورين بعد دخول قوات الإمام كحلان ، وفي معركة سامك من بلاد الروس صفر 1316هـ أرسل الأتراك طابورين ومعهم المدفع الكبير لقتال 80 مقاتلاً يمنياً بقيادة الشيخ عبدالله بن عبده راجح وبلغ عدد القوات التركية المهاجمة بلاد السودة 7400 عسكري مزودين بثمانية مدافع واستخدمت المدافع بشكل كبير لهدم القرى وفي حال نجاحهم بدخولها يمارسون سياسة الانتقام من نهب وسلب وغرامات مالية.

من أمثلة ما هدموه وأحرقوه قرية السامك والقفلة وبني جل وشهارة وكحلان وحصن الظفير وقلعة العمري وبيت معدن وبيوت بني عبد من بكيل والشط أما المقاومة فقد اعتمدت على الإمكانيات الذاتية والتي قد تبدوا متواضعة إلى حد كبير سيما في عهد الإمام المنصور الذي أجبرته الظروف المادية بسبب غلاء الأسعار في عام 1897م على التقليل من الهجمات العسكرية ضد الأتراك ومع أشتداد البلاء بسبب القحط وقلة الأمطار اتجهت المقاومة إلى استهداف قوافل المؤن التركية وقامت بتفريغها وتوزيعها على الأهالي واعتمدت القوات الإمامية في حروبها كافة الوسائل   المعروفة في حروب التحرير منها الجمع بين حرب العصابات وحروب الجيوش النظامية وعن حروب اليمنيين مع الأتراك في تلك الفترة يقول المؤرخ عبدالله الحبشي (فما عسى أن تكون قدرة المؤرخ ولو أوتي ما أوتي في إحصاء ذلك الحشد الهائل من المعارك الطاحنة التي خاضها أهل اليمن في الدفاع عن وطنهم بل بلغ الأمر بامرأة واحدة أن تصد كتيبة من الأتراك وتقضي على أثني عشر شخصاً منهم).

تفاصيل معركة سامك:

من المعارك الدالة على شجاعة اليمنيين معركة قرية سامك في بلاد الروس وتفاصيلها ان مجموعة من المجاهدين نحو مائة وثمانين وصلوا إلى تلك القرية وعندما علم الأتراك بذلك أرسلوا طابورين كاملين مع المدفع الكبير وهنا كان من المفترض أن تتراجع القوة اليمنية وتنسحب على الفور لسبب بسيط هو أن القوة التركية أضعاف اليمنية بحوالي عشرين مرة إلا أن ثمانين فقط من المقاتلين اليمنيين أصروا على القتال أمام ما يزيد على ألفي مقاتل تركي وقد استمرت الحرب التي بدأت عند شروق الشمس حتى بعد العشاء وقتل من الأتراك ما يقارب الثلاثين واستشهد من اليمنيين قتيل واحد وعدد من الإصابات وفي المساء قرر المقاتلون اليمنيون التراجع والانسحاب إلى آنس

تفاصيل معركة قرية الفصيح وبقة المعارك في حجة:

تشير أحداث هذه المعركة إلى صلابة اليمنيين وبأسهم وتبدأ تفاصيلها بتقدم القوات التركية بعد أن وصلت إليها إمدادات جديدة من الجنود والسلاح وقد هاجمت تلك القوة قرية الفصيح وفيها ما يقارب 25 من المجاهدين الذين استبسلوا في الدفاع والتصدي ثم بادروا العدو بالهجوم مستخدمين بنادقهم وكذلك الخناجر والسيوف وأمام هذا الصمود فر الأتراك بعد أن تلقوا خسائر فادحة منها 130 قتيلاً والعشرات من الجرحى وغنم المجاهدون مائة بندقية واستشهد منهم حوالي أثنى عشر.

وكان من نتائج هذه المعركة انسحاب الجزء الأكبر من القوات التركية من حجة وتبع ذلك انسحاب آخر من بلاد آنس ، فتمكن الشيخ المقداد من إرسال قوات إلى عتمة للسيطرة على مقرات الأتراك وفي عنس قام الأهالي بقتل المسؤول التركي في تلك المنطقة، وبعد تلك الأحداث بأشهر تقدمت حملة عسكرية كبيرة بقيادة عبدالله باشا للثأر والانتقام من الشرف بحجة وقد جرت معارك عدة مع المجاهدين أول تلك المعارك كانت في حقبة ومعارك أخرى في جبل الأمرور وبوصول القوات التركية إلى الشاهل تراجع المجاهدون إلى المحابشة وإليها يصل الأتراك إلا أن وصولهم سيكون بثمن كبير فقد تمكن المجاهدون من قتل أحد قادتهم، وقد توزعت القوات التركية للمرابطة في عدد من المناطق الأمر الذي شجع المجاهدين على مهاجمة تلك المطارح والرتب فلم تعد القوات التركية مجتمعة كما كانت بل أصبحت مفرقة في القفل والشاهل وبني مديخة وبيت المغربي وشمسان والقاهرة والمشن وجبل معروف والمفتاح وبني شيبان ورغم تحذير الإمام لهم إلا أنهم لم يستجيبوا فتفاجؤوا بالغارات عليهم حتى أن بعضهم حوصروا في البيوت وكانوا يقتلون من قبل الأهالي بشكل جماعي ، ومما يذكر عن تلك المعارك والأحداث أن القائد عبدالله باشا عندماتحرك على رأس تلك القوه الضخمة أقسم أن يطمس أسم حاشد وبلاد الشرف وفي الشاهل قام الأتراك بتهديم عدد من المنازل حتى طلب بني كعب ونوسان السلاح من الإمام الذي أمدهم به لجهاد الأتراك وبعد تلك المعارك بأشهر وقعت معارك أخرى في الدومة والراحة ووادي أخرق في ظليمة والسودة وجبال الأهنوم وامتدت المعارك إلى الغولة وقتل من الأتراك في معركة الغيل ما يقارب الخمسين أعقبها معركة القاسم في وادعة التي كان فيها عدد الأتراك يصل إلى عشرين ألف وأدى صمود اليمنيين في تلك المعركة إضافة إلى تضاريس المنطقة وجهل الأتراك بها إلى وقوع المئات منهم بين قتيل وجريح واستمر المجاهدون في وادعة بالإغارة على القوات التركية حتى كتب عبدالله باشا إلى الإمام يناشدة أن يعلن طاعته للسلطان العثماني حتى تتوقف الحرب.

وكانت تلك المعارك جميعها خلال عام واحد هو 1316هـ ومن ضمن تلك المعارك التي جرت في شهر ذي القعدة من نفس العام معركة الرأس ومعركة برك القحاز ومعركة جبل قمعة وفيها أن الشيخ مبخون قفاز أستل نصلته وقاوم الأتراك بها واستخدم المجاهدون في تلك المعركة الجنابي ومما يقال عن تلك المعركة أن الأتراك كانوا يهجمون فينهزمون فيجبرهم قائدهم على العودة للهجوم مرة أخرى فيقع فيهم القتل والطعن واستمروا على هذه الحالة حتى قرر اليمنيون الهجوم على هذا القائد، وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة للأتراك وتوسع نطاق المعارك لتعود مجدداً على شهارة والشاهل وفي العام 1317هـ جرت معارك في كحلان ومعركة السود ومعركة بيت البوني ومعركة في حصن سماع وفي العام الذي يليه تحركت حملة عسكرية تركية بقيادة رجب أفندي إلى بلاد السود وجرت المعركة في تلك المنطقة واستخدمت فيها القوات الغازية المدافع واعتمد المجاهدون على التراجع كلما شعروا بأن المعركة قد تنتهي بانتصار الأتراك وبهذا استمرت تلك المعركة عدة أيام قتل فيها من الأتراك ما يزيد على المائة من الجنود وفي بيت السريحي جرت أيضاً معركة أخرى قاد المجاهدين فيها عبدالله أبو منصر وتمكن المجاهدون من أسر عدد من الأتراك بعد عمليات هجومية ناجحة في قرية الخدرة وقتل أيضاً ثمانية من الأتراك وفي شهر رمضان من ذلك العام وقعت معارك في حجة منها معركة حب ومعركة الشرفة ومعركة جبل قعب من بلاد لاعة وقد نفذت على المجاهدين المؤن في الشرفة وبعد أن كانوا قد تمكنوا من قتل ما يزيد على المائتين والستين من الأراك وبعد تلك المعركة بنصف شهر جرت معركة في الخربة ومعركة الشامخ ومعركة بني شاور .

–     المصدر: تاريخ اليمن ( مقبرة الغزاة ) لعبدالله عامر الجزء الثاني – الطبعة الأولى – مايو 2019.

You might also like