السعودية: تصريحات فضفاضة لإخفاءِ ما صنعته من مأساة في اليمن
بين فترة وأخرى، تحاول دول تحالف الحرب على اليمن وعلى رأسها السعودية والامارات، طريقة أو وسيلة لتقديم شكل مختلف لأدوارها ونشاطاتها التدميرية في اليمن. وتتخذ لافتات وشعارات الإعمار والخدمات ذات الطابع الإنساني، كلافتات للتخلص من عبء كلفة الصورة السيئة التي باتت محفورة في ذهنية اليمنيين ووجداناتهم، كما في وجدانات الأحرار في كل العالم.
قبل أيام، قال مجلس التعاون الخليجي، الذي تتمتع السعودية بتأثير كبير على قراراته ومشاريعه، إنه بصدد الإعداد لمؤتمر دولي لإعادة إعمار اليمن يستضيفه مجلس التعاون، ووضع برنامج عملي لتأهيل الاقتصاد اليمني وتسهيل اندماجه مع الاقتصاد الخليجي!
كان الخبر مثار لتندر الكثير من الناشطين، بينما علّق مراقبون بالقول، أن اليمن الذي يعيش تحت وطأة أسوأ أزمة إنسانية في العالم منذ نحو ست سنوات، لم تعد حاجته الى مؤتمرات وفعاليات تنتهي الى الاستهلاك الإعلامي والدعائي. مضيفين: “اليمنيون يحتاجون الى إيقاف الحرب ورفع الحصار، وهذا كل ما في الأمر”.
وعلى مدى السنوات الماضية من الحرب والحصار، لايزال الاقتصاد في اليمن، عرضة للتدمير والانهاك، بينما لا تزال دول تحالف العدوان تعتقد بأهمية المزيد من أشكال التدمير، وهذا ما تؤكده الوقائع والممارسات على الأرض. كما يقول المراقبون.
لكن بالمقابل، تتنافس السعودية والامارات في تقديم مشاريع بأبعاد إنسانية، لكنها مفضوحة أمام الصورة الشاسعة للجرائم والانتهاكات الخطيرة التي تمارس ضد الشعب اليمني في حياته ومصادر قوته ومعيشته.
في المهرة، كما في الساحل الغربي، تتشكل الصورة الأكثر تعبيرا للاستغلال المفضوح للنشاط الإنساني بهد التوطين والاحتلال، وتحت مسميات مختلفة، تتوزعها ” الهلال الإماراتي” و”الإعمار السعودي”. ويبد هذا الأخير أكثر انكشافا في تدابيره وخطواته في واقع حياة المهريين. منذ الإعلان عنه في مايو 2018، كبرنامج يخص دول التحالف ولكن برعاية واشراف السعودية التي أرادت أن يكون البرنامج نافذتها لما تعتبره مشاريع يجري تنفيذها في اليمن، بالتزامن مع عملياتها العسكرية التي بدأتها في مارس 2015.
لكن الإعلان عن البرنامج أتاح أمام الكثير من الناشطين اليمنيين بما فيهم موالون للتحالف، مهاجمة الادعاءات السعودية بنقل اليمن من حالة الحرب إلى السلام، بينما يستمر بشكل فعلي عدوانها عسكريا، حيث تتعرض المنشآت الاقتصادية للقصف الجوي بشكل متزايد، فضلا عن استمرار ممارسات القرصنة والاحتجاز للإمدادات الأساسية التي يحتاجها ملايين اليمنين للبقاء على قيد الحياة.
وقد وصل الهجوم على الادعاء السعودي حد القول “أن هناك أغراضا أخرى لعملية الإعمار تمثل دثارا وستارا لأجندة مختلفة”. كما التنويه بأن البرنامج السعودي يعد مساسا بسيادة البلد، فضلا عن أنه يكرس الهيمنة بالنظر إلى تفاصيل خطيرة تضمنتها اتفاقية وقعتها حكومة هادي مع البرنامج في مايو من العام الماضي، وجاء في أقل بنودها: “احتفاظ الطرف السعودي لنفسه بالحق في ترتيب مصالحه في أي مشروع قائم أو مزمع إنشاؤه، في الوقت الذي تلتزم حكومة المرتزقة بالانصياع، كما تمنحه امتيازات وحقوق وحصانات وإعفاءات جمركية وضريبية”.
ولا تتوقف محاولات تجميل الصورة المشوهة لدول التحالف، فيما لا تزال تحارب جهود تمكين الشعب اليمني من الامدادات اللازمة للبقاء على قيد الحياة. وتتورط في المزيد من ارتكاب الجرائم في حربها على اليمن.
ولأنها لم تستكمل مهمتها التي شنت لأجلها حربا عسكرية واقتصادية ضد اليمن، فإنها -كما يقول محللون- تسعى جاهدة الى تصدير الجانب الآخر من مهمتها، بالنظر الى دعاوى بارتكاب جرائم وانتهاكات في محاكم دولية بدأت تتحرك ملفاتها، وهو أخطر ما تخشاه هذه الدول وأكثر ما يدفعها الى محاولات ترميم بشاعاتها المقترفة ضد اليمنيين، باستدعاء مؤتمرات دولية لدعمهم ومساعدتهم.