إسرائيل تستجدي التطبيع مع المملكة: لنقضِ على “أنصار الله”
إسرائيل تستجدي التطبيع مع المملكة: لنقضِ على “أنصار الله”
متابعات| تقارير| جريدة الأخبار اللبنانية:
إسرائيل تستجدي التطبيع مع المملكة: لنقضِ على “أنصار الله”
إسرائيل تستجدي التطبيع مع المملكة: لنقضِ على “أنصار الله”
دخل اليمن على خطّ المواجهة مع كيان العدوّ وصار لزاماً عليه التعامل مع التهديدات الإسرائيلية بجديّة، في موازاة مواجهة العدوان الذي تقوده السعودية، بصرف النظر عمّا إذا نفّذت تل أبيب تهديداتها بالشراكة مع تحالف العدوان، أو منفردةً، وإن كانت الحالتان راجحتين. وفي سياق الحملة المستجدّة، ذكر موقع «إسرائيل ديفِنس» أن الإعلام العبري كثّف هجومه على حركة «أنصار الله»، في ظلّ خشية العدوّ من أن يُقدِم الجيش و»اللجان الشعبية» على استهدف إيلات، من مسافة حوالى ألفي كيلومتر، بالطائرات المسيّرة أو الصواريخ. على أن النظرة الإسرائيلية لليمن ليست مرتبطة بتحالفها غير المباشر مع المملكة، أو الحرب التي تقودها هذه الأخيرة في هذا البلد؛ يُقلِقُ إسرائيل كون «أنصار الله» والشعب اليمني عموماً أصيلين في مناهضتها من منطلقات عقائدية وقومية ووطنية.
وعلى رغم ذلك، تلتقي المصلحة الإسرائيلية مع تلك السعودية، بحسب تقدير الموقع. إذ تريد تل أبيب إنجاز اتفاق تطبيع مع المملكة، وتعلم أن الطريق إلى الرياض تمرّ عبر صنعاء، وإذا أرادت تقديم «هدية» لوليّ العهد، محمد بن سلمان، فلن تجد ما هو أفضل من مساعدته ضدّ «أنصار الله». شعور النصر لدى الأمير الشاب سيمكّن بنيامين نتنياهو من إنجاز اتفاقٍ مع الرياض، وربّما حتى قبل موعد الانتخابات العامة في آذار/ مارس.تعلم إسرائيل أن الطريق إلى الرياض تمرّ عبر صنعاء.
يتساءل مراقبون عن توقيت التصعيد الإسرائيلي ضدّ اليمن قبل أسابيع من رحيل إدارة دونالد ترامب. تصعيدٌ شاركت فيه الإدارة الأميركية السابقة، من خلال مساهمتها في الحصار المفروض على اليمنيين وإدراج «أنصار الله» في قائمة الإرهاب. وتفيد المعلومات بأن الكيان الإسرائيلي كان يركن، في بداية الحرب، إلى المشاركة الأميركية والغربية المهمّة لجهة إطالة أمد العدوان.
وبحسب دراسة نُشرت في ربيع العام الماضي، في مجلة «عدكون استراتيجي» الصادرة عن «مركز أبحاث الأمن القومي» الإسرائيلي، فإن «أنصار الله» باتت تمثّل تهديداً للكيان، بسبب امتلاكها ترسانة صاروخية يمكن أن تطاول مناطق داخل الكيان العبري، بعد «التحوّل الخطير» الذي طرأ على قدرات الحركة.
والجديد هنا، وفق ما يرى مراقبون، هو خشية تل أبيب من أن تُقدِم إدارة جو بايدن على تنفيذ تعهّداتها الانتخابية بوقف المشاركة الأميركية في الحرب على اليمن. كما أن فشل دول العدوان وتآكل قوّة التحالف في مقابل الاندفاعة القوية لقوّات صنعاء، كلها عوامل تضاعف القلق الإسرائيلي. وقد دفع تطوّر القدرات العسكرية لليمن، في خلال سنوات الحرب، إسرائيل إلى إدراج صنعاء في تصنيفات العداء والتهديد بالنيران المباشرة، بسبب المنظومة الصاروخية التي تمتلكها، فضلاً عن منظومة سلاح الجو المسيّر، اللتين لم تكونا لدى «أنصار الله» قبل الحرب، بل جرى استحداثهما وتطويرهما أثناءها، وشكّلا معاً توازن ردعٍ في مواجهة النظام السعودي.
ومن المرجّح استمرار تطويرهما تماشياً مع التهديدات التي يتعرّض لها اليمن، سواء من جانب النظام السعودي أو إسرائيل. يُشار إلى أن عملية استهداف منشأتَي «آرامكو»، منتصف عام 2019، حفرت عميقاً في الوعي السعودي، وسبّبت، توازياً، صداعاً كبيراً لإسرائيل، إلى درجة أنها لا تغيب عن الإعلام العبري، حيث تجري مقارنتها مع أهداف في عمق فلسطين المحتلة، وخصوصاً ميناء حيفا.
ويعود منشأ القلق الإسرائيلي إلى عوامل كثيرة، أبرزها:
ــــ القابلية الكبيرة لتلقّي العلوم والمعارف وفي استيعاب التطوّر التكنولوجي من قِبَل الشباب اليمني، وانخراط كثير من النخب والكوادر العلميّة في خطوط الإنتاج العسكري وعلى الصعد الفنية والتكنولوجية.
ــــ فرصة الوصول إلى القدرات (الفنية والتدريبية والمالية)، والتي تتّهم دول التحالف والكيان الإسرائيلي إيران بتوفير كل مستلزماتها. وفي هذا السياق، كشف وزير الدفاع في حكومة صنعاء، محمد ناصر العاطفي، أن بلاده حقّقت نقلة نوعية في مجال تصنيع مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وصواريخ أرض أرض البالستية والتكتيكية والاستراتيجية، التي ستُحدث تحوّلات كبرى في مسار الحرب.
ــــ وحدة الموقف الوطني اليمني عموماً تجاه الكيان الصهيوني، وهذا ما يعبّر عنه الإعلام الإسرائيلي: «سهولة الضغط على الزناد» لدى «أنصار الله».
ولعل انتقال محور المقاومة، وعلى رأسه إيران، من سياسة الاحتواء إلى مرحلة المبادرة والهجوم والضغط، سرّع من حدّة التصعيد الإسرائيلي، وخصوصاً أن طهران لم تقع في فخ الردّ على الاستفزازات، بل عمدت إلى إحباط جدوى سياسة «الضغوط القصوى»، بالتفكّك من التزاماتها إزاء الاتفاق النووي، واستأنفت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%.
وعليه، فإن الكيان الصهيوني يرى أن لليمن، وفق هذا المنظور (المبادرة والهجوم)، مساحة كبيرة من المناورة وقدرة عالية للتفلُّت من القيود السياسية. وعلى هذا الأساس، تطوّر صنعاء قدراتها الردعية وفق عقيدة مناهضة المشروعَين الصهيوني والأميركي في المنطقة، ولديها رغبة شديدة في الانخراط المباشر في مواجهة العدوّ.