أنصار الله والإرهاب
الشيخ عبد المنان السنبلي
من السخفِ أن خرج علينا وزيرُ خارجية أمريكا قبل أَيَّـام بتغريدةٍ أعربَ فيها عن نيته إخطارَ الكونجرس الأمريكي بضرورة إدراج جماعة (الحوثي) بين قوسين في قائمة المنظمات الإرهابية في الوقت الذي يعلم العالم كله من هم أنصار الله اليوم ومن هم الإرهابيون الحقيقيون!
ربما هو لا يعلمُ أَو بالأحرى لا يريدُ أن يعلمَ من هم أنصارُ الله اليوم لحاجةٍ في نفسه طبعاً أَو في نفسِ مَن أوعز إليه وأغراه بالإقدام على مثلِ هذا الأمر، لا أدري، لكني هنا سأخبرُه من هم أنصارُ الله ومن هم الإرهابيون الحقيقيون.
أنصار الله اليوم لم يعودوا أُولئك القلة المظلومين والمطاردين في الكهوف والشِّعاب وبطون الأودية والذين اعترف العالم سلفاً بمن فيهم الأمريكيون أنفسهم بمظلوميتهم!
أنصارُ الله اليوم هم مكونٌ سياسيٌّ فاعلٌ وواسع وأصيل من مكونات العمل السياسي اليمني يعملُ بكل شفافية ووضوح من فوق الطاولة لا من تحتها!
أنصارُ الله اليومَ هم هذا الشعبُ اليمني الحر والمقاوم الصامد والرافض لكل أشكال الهيمنة والاستكبار الإقليمي والعالمي.
هم هؤلاء المدافِعون عن أنفسهم وأرضِهم وشعبِهم جراء هذا العدوان الصهيو أمريكي السعودي الغاشم والمستمر منذ ما يقارب الستة أعوام!
أنصارُ الله باختصار قد أصبحوا اليوم موجودين في ضميرِ ونبضِ كُـلّ بيتٍ يمنيٍّ وحيٍّ وحارةٍ، فلا يكادُ يخلو بيتٌ يمني إلا وفيه مجاهدٌ أَو شهيدٌ ولا حيٌّ أَو حارةٌ إلا وتجدها قد شكلت لهم حاضنةً شعبيّةً داعمةً ومؤيدة ورافدة بالمال والرجال!
فهل علمتم من هم الحوثيون اليوم؟!
إنهم الشعبُ اليمني كله!
فهل يُعقَلُ أن يُدرَجَ شعبٌ بأكمله في قائمة الإرهاب؟!
أما الإرهابيون الحقيقيون فلا أظنُّ أن أحداً يجهلُهم! الإرهابيون الحقيقيون هم أُولئك الذين ألقَوا ذاتَ يومٍ على مدينتين مأهولتين بحجم هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين قنبلتين ذريتين أتيا في لحظةٍ وبضغطة زرٍ واحدةٍ على حياة أكثر من مِئتي ألف مواطنٍ مدنيٍّ بريءٍ وأعزل!
وهم أَيْـضاً من ارتكبوا مجازرَ الفلوجة وقصفوا ملجأ العامرية في العراق وحاصروا شعبَه واستهدفوه بالقنابل المحرمة دوليًّا والتي تحتوي على اليورانيوم المنضب!
الإرهابيون الحقيقيون هم أُولئك الذين ارتكبوا مجازرَ ومذابحَ صبرا وشاتيلا ودير ياسين وجنين وقانا والحرم الإبراهيمي!
الإرهابيون الحقيقيون هم من ارتكبوا مجازرَ الصالة الكبرى وسنبان ومستبا وقصفوا اليمن وما زالوا، مخلفين وراءهم آلافَ القتلى من اليمنيين الآمنين والنائمين في مخادعهم!
وهم كذلك من أعدموا (نمر النمر) لرأيه السياسي وذبحوا خاشقجي لذات السبب أَيْـضاً في جريمةٍ هي الأبشعُ والأفظع في التاريخ!
وهذا غيضٌ من فيض طبعاً.
فهل علمتم من هم الإرهابيون الحقيقيون؟!
على أية حال..
لم يكن مفاجئاً أن يدرجوا الشعبَ اليمني اليومَ في قائمة الإرهاب الأمريكي والسعودي، فقد أصبحت تهمةُ الإرهاب في هذا العصر سلاحَ الضعفاء والفاشلين والعاجزين الذين لا حيلةَ لهم سوى إلصاق التهم يمنةً ويَسرةً بحق خصومهم.
الغريبُ والمفاجئُ هو أن نجدَ من بين ظهرانينا من استبشر وفرح لهذا الأمر أكثرَ من الأمريكيين والإسرائيليين والسعوديين والإماراتيين أنفسهم كما لو أنهم قد جاءوا بالذئب من ذيله أَو كما يقول إخواننا المصريون!
ولهم لا نملِكُ إلا أن نقولَ ما قاله البردوني:
تنسى الرؤوسُ العوالي نار نخوتَها
إذا امتطاها إلى أسيادِه الذنبُ!