كل ما يجري من حولك

تحقيق الأمن الغذائي خيار استراتيجي

469

 

محمد صالح حاتم

منذ بداية الحرب والعدوان والحصار على اليمن في ٢٦ مارس ٢٠١٥م، فقد اتخذت القيادة الثورية والسياسية عده خيارات استراتيجية لمواجهة العدوان وكسر الحصار.

وقد نجحت هذه الخيارات في تحقيق أهدافها وما زالت هناك خيارات استراتيجية عسكرية لم يتم اتِّخاذها بعد، ومن ضمن الخيارات الاستراتيجية التي ستكسر الحصار هو تحقيق الأمن الغذائي لليمن لإفشال الرهان الذي تراهن عليه دول التحالف في إخضاع اليمن وكسره وهي الحرب الاقتصادية.

والأمن الغذائي ينقسم إلى قسمين حسب تعريفات الخبراء والمختصين: الأمن الغذائي المطلق يعني إنتاج الغذاء داخل الدولة الواحدة، بما يعادل أَو يفوق الطلب المحلي.

أما الأمن الغذائي النسبي فيعني قدرة دولة ما أَو مجموعة من الدول على توفير السلع والمواد الغذائية كليًّا أَو جزئياً..

وتحقيق الأمن الغذائي لا يكون فقط مسؤوليةَ الدولة وحدَها بل مسؤولية المجتمع والفرد معاً، فالأسرة معنية بتأمين غذائها من خلال التوجّـه نحو الزراعة المنزلية، والمجتمع معني بالتعاون والمبادرة المجتمعية لتوفير احتياجات كُـلّ عُزلة وكل قرية من المواد الغذائية الأَسَاسية، ولتحقيق ذلك يتطلب القيام بحملة توعية وإرشاد للأسرة والمجتمع وتقديم الدعم الفني لهم من قبل الدولة والتي تقع عليها المسؤولية الكبرى نحو تحقيق الأمن الغذائي وتأمين احتياجات سكانها من المواد الأَسَاسية.

ولتحقيق الأمن الغذائي بشكل سليم وصحيح يجب أن يرتكز على ثلاثة مرتكزات:

1- وفرة السلع الغذائية.

2- وجود السلع الغذائية في السوق بشكلٍ دائم وبجودة عالية، وهذا يتحقّق من خلال وجود سياسة تسويقية مدروسة تقوم بها الدولة، من خلال تخزين وحفظ المواد الغذائية وقت الحصاد وذروة الإنتاج وبيعها عندما يقل الإنتاج، وهذا وللأسف الشديد يعتبر غائباً وليس موجوداً في استراتيجياتنا، فأغلب المنتجات الزراعية تتكدس وتتلف في موسم الحصاد وجني الثمار وما تلبث أن تغيب وتختفي من الأسواق.

3- أن تكون أسعار السلع في متناول المواطنين، وهذا واحد من أهم التحديات التي تواجه الدولة، فمعظم المنتجات الزراعية وخَاصَّةً الحبوب والقمح البلدي لا يستطيع المواطن شراءها؛ نظراً لارتفاع أسعارها، وهو ما يضطره للتوجّـه لشراء الحبوب والقمح المستورد والذي يقل سعره بشكل كبير عن سعر القمح المحلي، فعلى الدولة أن تعمل على توجيه الدعم للمزارعين المحليين وتوفير المدخلات الزراعية والمشتقات النفطية والبذور والذي سيعمل على التقليل من كلفة الإنتاج، وهو ما سينعكس على تخفيض سعر القمح المحلي ليتسنى للمواطن اليمني شراؤه.

ونحن في اليمن ومع ما نسمعه من توجّـه جاد نحو تحقيق الأمن الغذائي والوصول للاكتفاء الذاتي وخاصة في ظل استمرار الحرب والعدوان والحصار الذي يفرضه تحالف العدوان، فَـإنَّ علينا أن نستغل الحصار المفروض علينا، وَأن نحول التحديات إلى فرص، وأن نتحول من الاحتياج إلى الإنتاج.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا ينقصنا لتحقيق الأمن الغذائي؟

على الدولة وضع استراتيجية وطنية لتحقيق الأمن الغذائي للبلد، مبنية على الإمْكَانيات التي نمتلكها بعيدًا عن الشطح والنطح، والبالونات الإعلامية الفارغة التي كنا نسمعها من قبل.

كُلُّ الفرص مُهَيَّأَةٌ لنا لتحقيق الأمن الغذائي رغم وجود بعض التحديات، ومنها انعدام التمويلات المالية وانعدام بعض الإمْكَانيات والوسائل التي تساعد على النهوض بالاقتصاد، ولكن هنالك أشياء كثيره ومنها تحرّر القرار السياسي، ووجود القيادة الحكيمة والصادقة والإرادَة الحقيقية نحو تحقيق الأمن الغذائي، فما علينا سوى استغلال ما تمتلكه اليمن من مقومات زراعية والذي ولله الحمد فبلادنا تمتاز وتنفرد عن غيرها من البلدان بميزات فريدة ومنها تنوع المناخ وتعدد التضاريس وخصوبة التربة وجودة المنتج اليمني.

معركة تحقيق الأمن الغذائي هي معركة مرتبطة بالمعركة العسكرية معركة التحرّر والاستقلال والسيادة الحقيقية، وهي معركتنا القادمة، وخيارنا الاستراتيجي نحو يمن قوي حر ومستقل.

You might also like