سليماني… صرخةٌ أرعبت قوى الاستكبار
تقرير/ عبدالقوي السباعي
الاستعدادُ الدائمُ للتضحية مشوارٌ طويلٌ محفوفٌ بالمخاطر، إذ لا يمكن إحرازُ النصر بدون تضحية؛ لذا علينا أن نوطِّنَ نفوسَنا على ذلك مهما كان نوع ومستوى التضحية، أداء التكليف مسؤوليتنا ويجب أن نؤدي تكليفنا هذا بكل الأحوال ويبقى النصر من عند الله، لا تسأل متى.. وكيف؟ وأين يكون هذا النصر؟، فلنؤدِّ تكليفَنا ويبقى النصر شأن الحق تبارك وتعالى، فمساحة المعركة كبيرة، وملة الكفر والنفاق واحدة ومعركتنا معهم واحدة، لا تنحصر بمساحة محدّدة، بل تتوزعُ على خارطة تموضع محور المقاومة، والجبهة المقاومة للهيمنة والغطرسة الصهيونية الأمريكية لها رموزها وقاداتها الأفذاذ الذين أرعبوا وما زالوا قوى الاستكبار.
عندما نتحدث اليوم عن المقاومة، فَـإنَّنا لن نتحدث عن أشخاص أو رموز، إنما عن تاريخ وأصالة، وعن منهجٍ يلازم الأجيال جيلاً بعد جيل، فنهج المقاومة هو مستقبل الأُمَّــة ومفاتيح كرامتها وعزتها وشرفها.
وفي ذكرى استشهاد قادة النصر، يجب أن ندركَ حقيقةَ أن الأعداء كانوا يظنون أن ارتقاء القائد الشهيد الحاج قاسم سليماني إلى عنان السماء، هو ضربة مفصلية للمقاومة، ولا يعلمون أن المقاومة فيها ملايين سليماني، وأن هذا القائد الشهيد ما هو إلا نجمة زينة سماء الحرية مع آلاف النجوم التي ستبقى عالقة في أذهان التاريخ وتتزين به صفحاته، ورسمت طريق الأُمَّــة نحو العزة والكرامة والتحرّر والاستقلال. فـإنَّ إقدام أمريكا والكيان الصهيوني على التطاول والمغامرة باستهداف هذا الشهيد، كان القشة التي ستقصم جبروتَهم وتكسر غطرستَهم وكبرياءهم، وستؤدي بهم إلى الزوال مع شرورهم التي ملأوا بها الأرضَ وشهد لها حتى الماء والشجر الذي لم يسلم منهم.
واليوم ونحن نستذكر مرورَ سنة كاملة على استشهاد القائد سليماني، تؤكّـد كُـلّ جماهير المقاومة أن استشهاده دفع محور المقاومة إلى الأمام، وأن المقاومة أصبحت أكبر وأقوى من ذي قبل، وكيف لا تكون أقوى وأبلغَ، وهي تستمد قوتها وعنفوانها من أبي الأحرار الحسين عليه السلام، الذي سقط جسداً وخُلِّدَ روحاً، وأسقط بجسده عروشاً كاملةً على مر التاريخ والأزمان.
لقد كان استشهادُ سليماني شحذاً لهمم المقاومين الأبطال السائرين على طريق أبي الأحرار، كما سار به الشهيد الخالد، فهذه الجموع التي خرجت اليوم، لا تستذكر شهادة سليماني فحسب، إنما تستذكر سيرة الحسين عليه السلام، الذي رسم طريق الحق، وعلم الأجيال كيفية مواجهة الاستكبار والقضاء عليه بكل سهولة مهما كان يملك من قوة وترسانات وماكنات إعلامية جبارة.
فهل محور المقاومة تغير بعد استشهاده؟، وهل ازدادت أمريكا والكيان الصهيوني قوة؟ بل إنهما ازدادا خوفاً ورعباً أكثر من ذي قبل، وهذا بدا واضحًا من خلال التصريحات التي انطلقت من قلب البيت الأبيض، الذي بدأ يتحدث عن انتقام إيراني مقبل قريب، وهذا الانتقام لن يكون بالضرورة في القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في المنطقة، بل في أية رقعة بالعالم.
وهذا إن دل على شيء فَـإنَّه يدل على أن المقاومة أصبحت أكثر قوة، وأكثر قدرةً ووُصُـولاً إلى معاقل الشر في أية بقعة في العالم وبكل سهولة، هذا من جانب، ومن جانب آخر فَـإنَّ الرسالةَ التي ستحملها الأُمَّــةُ تؤكّـدُ على أن الشهيد الحاج قاسم سليماني لم يخرج من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان وغزة لينشر فكراً أَو مذهباً أَو جماعةً بل خرج ليقول: نحن أُمَّـة واحدة لا تحدنا الحدود على أن ينصر بعضُنا البعض.
إن أمريكا تصورت بأن استشهاد سليماني سيكون المرتكزَ الأَسَاسي الذي سيعزز وجودها في المنطقة ولا سيما العراق الذي تعد جغرافيته هي الأبرزَ والأهمَّ للوجود الأمريكي، إلا أن ما حصل بعد استهدافه، هو ازدياد الإصرار على خروج الأمريكان من العراق، ومقابل دم الشهيد القائد قاسم السليماني زوال “إسرائيل” من الوجود.
لذا ستبقى روح الحاج سليماني مناراً ونبراساً لكل الثوار والمقاومين الأبطال، الذين لن يهدأ لهم بال إلا بزوال كُـلّ مخلفات وبراثن الوجود الصهيوني الأمريكي من المنطقة، حتى وإن بدأت تعزز تواجدها عبر بعران الخليج فلن يدوم بهم المقام، وغدا لناظرهِ قريب.