خزان صافر.. قنبلة موقوتة وأهدافُ التحالف
د. يحيى السقاف
خزان صافر قنبلة موقوتة وكارثة مؤجلة تهدّد اليمن بشكل خاص والإقليم بشكل عام وهو عبارة عن سفينة عائمة لتخزين النفط صنعت في العام 1976م من قبل شركة في اليابان وتعتبر ثاني أكبر سفينة نفطية عائمة في العالم وتتسع لحوالي ثلاثة ملايين برميل من النفط الخام ودخلت الخدمة في اليمن في العام 1986م واستُخدمت لتخزين وتصدير النفط من حقول النفط الداخلية في مأرب، وتشير التقديرات إلى أن السفينة تحتوي حَـاليًّا على ما يقارب من مليون ومئتي ألف برميل من النفط الخام بقيمة تصل إلى 80 مليون دولار, ولإعطاء الموضوع بُعدَه الاقتصادي والسياسي فَـإنَّ دولَ العدوان ومرتزِقتهم يرفُضون السماحَ بصيانة خزان صافر لتحقيقِ أهدافٍ اقتصادية وسياسية عجزت عن تحقيقِها في الجانب العسكري.
وإلى جانب ذلك، تعمدت دول العدوان على رأسها السعودية والإمارات إلى التدمير الممنهج لليمن أرضاً وإنساناً وتدمير جميع مظاهر ومقومات الحياة ومنع أبناء الشعب اليمني من الاستفادة من ثرواته في باطن البحر إلى جانب الثروات التي نهبتها من النفط والغاز وتعمدها استمرار الآثار الكارثية مستقبلاً لعشرات السنين وإلى جانب ذلك تتعمد دول العدوان على الضغط على الأمم المتحدة لعدم إبرام أَو تنفيذ أي اتّفاق يخُصُّ الصيانةَ الأولية والدوريةَ للسفينة صافر، القصدُ منه هو تأليبُ المجتمع الدولي على اليمن وإيصال مفهوم دولي خاطئ أن السبب في حدوث هذه الكارثة بعد حصولها لا قدر الله هو عدم موافقة حكومة صنعاء للفريق الأممي بالصيانة، أي أن دول العدوان تريد تحقيق أهداف سياسية واقتصادية وتستغل جميع الأحداث والأوضاع الخاطئة لمصالحها المشئومة حتى لو كان ذلك على حساب الوضع الإنساني والبيئي ويتعلق بأقوات الشعب ومصادر دخولهم الوحيدة التي تعمدت إضعافها وإنهاكها في المنافذ البرية والجوية والبحرية وإلى جانب ذلك أَيْـضاً تعمد إلى حصارها الاقتصادي ووضع القيود على الواردات ومنع استيراد الأجهزة وقطع الغيار المهمة والمتعلقة باللوازم الضرورية لعملية صيانة الناقلة صافر وعدم إتاحة الفرصة للفريق اليمني لإجراء عملية الصيانة لعدم وجود الإمْكَانيات اللازمة وبمعنى أدق دول العدوان وعلى رأسها السعودية لم تترك أي مجال أَو أية نافذة تتم من خلالها اتِّخاذ إجراءات تتعلق بالصيانة للناقلة وتتعمد مع سبق الإصرار والترصد إلى انفجار القنبلة الموقوتة في خزان صافر استكمالاً لمخطّطاتها العقيمة وأساليبها الرعناء في تدمير اليمن ومقدراته ونهب ثرواته ولو كانت عندها إمْكَانية وموافقه دولية لتم قصف الناقلة صافر بالطيران السعودي ولخلقت الأعذار وأنكرت ذلك كما هو متوقعٌ من أعمالها الدنيئة ويأتي ذلك ضمن سلسلة الاستهدافات السابقة والتي كان منها قصف الطيران بقنبلة محرمة دوليًّا على عطّان وقصف قاعات الأعراس والعزاء وحافلات الأطفال في وَضَحِ النهار دون رقيب أَو حسيب وبتواطؤ دولي وأممي.
وبعد انفجار مرفأ بيروت تضاعف القلق والمخاوف من حدوث كارثة تهدّد ليس فقط ميناء الحديدة اليمنية بل والدول المجاورة وكذا البيئة والملاحة الدولية في البحر الأحمر ولا يمكن لأصعب السيناريوهات المتخيلة بشأن ما قد يحل أن تعكسَ الخطورة الفعلية لأي تسرب أَو انفجار في ناقلة النفط المتهالكة المعروفة بخزان صافر، وبالرغم من المطالبات والمبادرات التي تقدم بها المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ لتشكيل فرق لصيانة السفينة ومباشرة عملها إلَّا أنه يتم تجاهل كُـلّ هذه المبادرات وبتواطؤ دولي وأممي وبعد ذلك بتاريخ 11 نوفمبر الماضي ومنذ قيام الوفد الوطني بالتوقيع لاتّفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لخزان صافر العائم إلا أنه ومنذ هذا التاريخ لم يتم التوقيع من قبل الأمم المتحدة وموافاتنا بنسخة من الاتّفاق الموقع، وهو ما يثير التساؤلات حول الأهداف الخفية للصخب الإعلامي وحقيقة مزاعم الحرص على سلامة وأمن البيئة في البحر الأحمر، وهذا ما جاء في بيان اللجنة الاقتصادية العليا بهذا الخصوص بأن إعلان الأمم المتحدة تأجيل وصول الخبراء حتى فبراير من العام المقبل سيتأخر بتنفيذه حسب ما تم التخطيط له، وطالبت الأمم المتحدة بالإفصاح الكامل والشفاف عن الميزانية المرصودة لتنفيذ الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لخزان صافر العائم.
حيث تُقدر التكلفة البيئية والاقتصادية في حال انفجار الناقلة صافر أَو في حال وقوع تسرب للزيت الخام وفق تقارير معنية بقضايا البيئة البحرية في اليمن أن ما يقارب من 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي وستخسر ثرواتها الطبيعية وكذلك ما يترتب من الآثار السلبية على الصيادين، حَيثُ سيخسر أكثر من 126 ألف صياد يمني مصدر دخلة بمناطق الصيد اليدوي وما يقارب من 67 ألفاً و800 صياد في محافظة الحديدة سيفقدون مصادر دخلهم الوحيد جراء هذه الكارثة وكذلك ما يخُصُّ المخزون السمكي الموجود في المياه الإقليمية الذي سيتعرض ما يقارب من 850 ألف طن من الأسماك لتهديد التفوق داخل البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن وأكثر من 969 من أنواع الأسماك الساحلية وأسماك الاعماق في المياه اليمنية ستقتلها بُقَعُ النفط الخام المتسربة وكذلك ما يقارب من 300 نوع من الشعاب المرجانية ستختفي من المياه اليمنية جراء ذلك لعدم وصول الأكسجين والشمس إليها والكثير من الآثار الكارثية التي ستحصل؛ بسَببِ بقع الزيت الخام وعلى الرغم من الآثار الكارثية التي خلفها العدوان والحصار على حياة السكان فَـإنَّ أزمةَ خزان صافر تهدّدُ بكارثةٍ بيئيةٍ قد تقضي على الحياة البحرية التي لا يمكنُ تصوُّرُ نتائجها.