أخطر مؤتمر استعماري استهدف العرب
حمود أحمد مثنى
هو مؤتمرُ كامبل الذي انعقد في لندن عام1905 واستمرت جلساته حتى 1907، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين؛ بهَدفِ إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن وقدم فكرة المشروع إلى الدول الاستعمارية وهي بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا، وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية سموها “وثيقة كامبل” نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك سير هنري كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا (1905-1908).
أحداث المؤتمر
قدّم المؤتمرُ توصياتٍ إلى الحكومات الغربية بالعمل على تشكيل جبهة استعمارية لتحقيق بعض الأهداف التوسعية في آسيا وأفريقيا. وبالفعل تأسست هذه اللجنة العليا واجتمعت في لندن عام 1907م وكانت تضم ممثلين عن الدول الاستعمارية الأُورُوبية إلى جانب كبار علماء التاريخ والاجتماع والاقتصاد والزراعة والجغرافيا والبترول وعلماء النفس والفلسفة وعلماء السكان والإحصاء وكذلك القادة العسكريين من جميع دول أُورُوبا واستعرض المؤتمر الأخطار التي يمكن أن تنطلق من تلك المستعمرات وعلى هذا الأَسَاس قاموا بتقسيم دول العالم بالنسبة إليهم إلى ثلاث فئات:
الفئة الأولى: دول الحضارة الغربية المسيحية (دول أُورُوبا وأمريكا الشمالية وأستراليا) والواجب تجاه هذه الدول هو دعمها مادياً وتقنياً لتصل إلى مستوى تلك الدول.
الفئة الثانية: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ولكن لا يوجد تصادمٌ حضاري معها ولا تشكل تهديداً عليها (كدول أمريكا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها)، والواجب تجاه هذه الدول هو احتواؤها وإمْكَانية دعمها بالقدر الذي لا يشكل تهديداً عليها وعلى تفوقها.
الفئة الثالثة: دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديداً لتفوقها (وهي بالتحديد الدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام)، والواجب تجاه تلك الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي اتّجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التقنية.
وإن مصدرَ الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية إنما يكمن في المناطق العربية لا سِـيَّـما بعد أن أظهرت شعوبها يقظة سياسية ووعياً قومياً ضد التدخل الأجنبي والهجرة اليهودية..
إن خطورة الشعب العربي الذي يسكن علي مساحة تمتد من المحيط الاطلسي وحتى المحيط الهندي بين قارتَي إفريقيا وآسيا ويتميز بعواملَ عدّة يملكها وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال ونمو سكاني كبير، ورأى المؤتمر ضرورةَ العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخراً؛ ولذلك يتم العمل علي منع العرب من الحصول على أسرار العلوم الذرية والنووية وتم اغتيال علماء ذرة منذ عشرينيات القرن الماضي وتدمير المفاعل الذري العراقي عام 82م وتجميد المفاعل الذري المصري في عهد السادات.
بل منعها من امتلاك أية قدرة علمية ومنعهم من الحصول على علوم التصنيع العسكري وعلى إيجاد التفكك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأُورُوبية وخاضعة لسيطرتها وما دويلات الخليج إلَّا تعبيرا صارخا لنتائج مؤتمر كامبل. وَأكّـدوا على فصل الجزء الأفريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي وقد ظهر لاحقاً مصطلح (المشارقة والمغاربة لتجذير التباين والخلاف).
وكذلك إفشال وحدة مصر وسوريا وتقسيم اليمن إلى دولتين وغيرها من المحاولات وُصُـولاً إلى إفشال مجلس التعاون العربي والاتّحاد المغاربي وحتى مجلس التعاون الخليجي الذى هو بالأَسَاس دول صنيعتهم.
وضرورة إقامة دولة عازلة تكون عدوّة لشعوب المنطقة وحليفة للدول الأُورُوبية. وهكذا قامت إسرائيل بوعد بلفور عام 1917م.
أبرز ما جاء في توصيات المؤتمِرون:
1- إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة متأخرة عبر عن هذا البند اتّفاقية سيكس بيكو عام 1915م وما نتج عن تقسيم المنطقة بين الدول الغربية وبعد خروجهم عملوا على إعاقة كُـلّ محاولة إحداث نهضة حديثة تحت أي توجّـه ديني أَو علماني أَو قومي أَو وطني.
ودعم كُـلّ حركة دينية وطائفية ومذهبية وعرقية قابلة للتعاون مع الغرب لتكون أدَاة لإعاقة الاستقرار واستمرار الصراع.
واستقطاب علماء مصر والعراق وسوريا وغيرهم أَو قتلهم منذ الستينيات كما أن أحداث الجزائر في عقد التسعينيات وغزو العراق واحتلاله منذ 91م -2003م وتدمير سوريا وغزوها منذ عام 2011م وضرب ليبيا عام1986م وتم تدميرها عام 2011م.
وبعد الاقتراب من مئة وخمس عشر عاماً على مؤتمر كامبل خرج الغربُ بنظرية الصراع الحضاري.