حربٌ سرية تخوضُها العائلة الحاكمة.. معاريف تكشف تفاصيلَ الخلاف بين ابن سلمان وتركي الفيصل
كشفت صحيفةُ “معاريف” العبرية تفاصيلَ الحرب السرية المشتعلة بين أفراد العائلة الملكية الحاكمة في السعودية، وذلك على خلفية مستقبل العلاقات بين المملكة وإسرائيل، خَاصَّة بعد اللقاء المفاجئ والسري لولي العهد محمد بن سلمان برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مدينة نيوم.
وقالت الصحيفة العبرية، حسب الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة معاريف حيمى شليف، إن أفراد العائلة المالكة يخوضون حرباً سرية تتعلق بمستقبل العلاقات مع إسرائيل، مضيفةً: “بعد أسبوعين من لقاء نتنياهو المفاجئ مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان انتقد الأمير البارز تركي الفيصل إسرائيل؛ باعتبَارها قوةً استعمارية غربية”.
وأضافت الصحيفة: “بالمقابل فَـإنَّ ولي العهد محمد مستعد للتحَرّك بسرعة أكبر فيما يتعلق بقضية اتّفاق السلام والتي يعارضها الأمير تركى وبشدة”، مشيرةً إلى إدانة وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي تصريحات الأمير السعودي وعبر عن أسفه من حالة الشرخ الداخلي التي تواجهها العائلة المالكة فيما يخص مستقبل التطبيع مع إسرائيل.
الكاتب والمحلل السياسي حيمي شليف، قال: إن ولي العهد محمد بن سلمان يسابق الوقت؛ مِن أجلِ التطبيع مع إسرائيل دون تردّد؛ لكن الأمر متوقف على شخص واحد فقط ومؤثر وهو تركى الفيصل، والذى يرفض وبشدة أي محاولات سعودية نحو التطبيع.
وَأَضَـافَ شليف: “تركي الفيصل شغل مناصب مهمة في الدولة بخلاف ولي العهد الذي يعتبر وجوده في الحكم خطأ كبير، حَيثُ أنه ومنذ تعيينه ولياً للعهد في حزيران 2017 ثمة صخب كبير في أوساط العائلة المالكة على تعيينه وسلوكه”.
وتابع الكاتب الإسرائيلي: “عندما عين في المنصب كان بن سلمان شاباً في مقتبل عمره مقارنة بأولياء العهد السابقين أخوة الملك سلمان الذين معظمهم أكبر منه بكثير، وفي مجتمع تقليدي كالسعودية يشكل العمر عاملاً أَسَاسياً في الاعتبارات عند تعيين شخص ما في منصب عام ومهم”.
وأكمل: “تعيين شاب مع تجاوز الكبار في السن يعتبر غير شرعي بالنسبة للسعوديين إلى جانب فجوة أُخرى وهي أن بن سلمان كان بلا تجربة في إدارة أجهزة وسياسة الدولة حين عين ولياً للعهد مقارنة بسابقيه الذين كانوا وزراء وسفراء وقادة في الجيش أَو مديري شركات كبرى وبالتالي أكثر ملاءمة بكثير منه في إدارة الدولة والسياسة”.
وبين شليف، أن ولى العهد لديه علامات استفهام كثيرة لدى الإدارة الأمريكية، وأن هناك العديد من جرائم القتل ارتبطت به، وأن أبرز ذلك قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول قبل نحو عامي.
وتابع الكاتب الإسرائيلي: “ابن سلمان متخوف من عودة الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن للنظر إلى السعودية عبر الزجاجة المكبرة لحقوق الإنسان، وطرح أسئلة محرجة مرة أُخرى عن قضية مقتل الصحفي خاشقجي، وعن الإعدامات وحقوق العمال الأجانب في المملكة، وعن عمليات القتل وارتكاب جرائم إنسانية بحق المدنيين في اليمن”.
وأوضح أن الصراع داخل البيت الملكي يتمحور حول القضية الفلسطينية وهذا يعني أن قطار التطبيع الإسرائيلي لن يتوقف عند الرياض، ولا يريد بن سلمان الانتظار ورؤية موقف إدارة جو بايدن فيما يتعلق بالاتّفاق النووي الإيراني قبل المضي قدماً.
وأكمل: “هذا يعني أن الاتصالات الإسرائيلية السعودية ستظل في الغالب خلف أبواب مغلقة، حتى لقاء بنيامين نتنياهو ومحمد بن سلمان كان من المفترض أن يبقى سراً؛ لكن إسرائيل سربته ومع ذلك لا يمكن إعادة التطبيع إلى الزجاجة عندما يحين التوقيت والظروف، وسيتوقف قطار التطبيع في الرياض لكن إسرائيل ستدفع الثمن وبالعملة الفلسطينية”.
وأشَارَ شليف، إلى أن سعي إسرائيل نحو التقارب مع السعودية لا يزال هدفاً بعيد المنال وفى المقابل لا أحد يعلم حقيقة مدى عفوية أَو دقة لقاء نتنياهو مع بن سلمان بالتزامن مع إطلاق الحوثيين صاروخاً على ناقلة نفط سعودية قرب مدينة جدة.
واستدرك الكاتب الإسرائيلي: “لكن هذا الصاروخ مثال ممتاز على حقيقة أن تغيير الحرس في واشنطن، قد يخلق مناخاً خطراً للغاية وغير مستقر في الشرق الأوسط، على الأقل بالنسبة لإسرائيل.
وتابع: “وفق تسريبات إسرائيلية أفصح عنها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كشفت النقاب عن لقاء سرى أجرى بين نتنياهو وولى العهد محمد بن سلمان في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في مدينة نيوم الساحلية، لكن هذا الاجتماع لم يعط النتائج المرجوة بالنسبة للإسرائيليين”.
وأكمل: “بحسب التسريبات الإسرائيلية، فَـإنَّ مداولات الاجتماع السري بحثت جملة من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك مع السعوديين؛ ولكن هذا التسريب من قبل إسرائيل قد أغضب السعودية وأشعل الخلاف مجدّدًا داخل الأسرة الحاكمة”.
واستكمل: “السعودية نفت ما نشر وأرسل بن سلمان وزير خارجيته ليقول لا أَسَاس للنبأ من الصحة وهذا مشكوك فيه، فقد أراد ولى العهد أن ينظف نفسه من هذا اللقاء حتى ولو بثمن مصداقية الإسرائيليين، فالمقابل يرى الإسرائيليون أن ما حصل من استفزاز إسرائيلي سيعيق التوصل لاتّفاق مع السعودية خلال الأسابيع المقبلة”.
وحسب الكاتب، فَـإنَّ نجاح اتّفاق التطبيع مع السعودية يحتاج إلى إدارة أمريكية قوية كإدارة ترامب التي حولت الشرق الأوسط من منطقة صلبة إلى سائلة وأجبرت السعودية على مرور الطائرات الإسرائيلية من مجالها الجوي كي تصل إلى الدول الخليجية التي طبعت معها.