من اغتال حسن زيد؟ ولماذا؟
عملية اغتيال وزير الشباب والرياضة في حكومة صنعاء، حسن زيد، في العاصمة صنعاء، أمس الثلاثاء، إحدى محاولات التحالف، عبر أدواته المحلية، استهداف الحالة الأمنية المستقرة التي تمكّنت أجهزة الأمن التابعة للحوثيين إيجادها وترسيخها في المحافظات الواقعة ضمن نطاق سيطرتهم، وخُصُوصاً العاصمة صنعاء التي لا تزال الأولى في احتضانها اليمنيين من مختلف المحافظات وعلى اختلاف توجّـهاتهم وقناعاتهم، مجسدة أرقى نموذج للتعايش الإنساني المتسامح، كما يصفها مراقبون.
تأتي عملية اغتيال القيادي الحوثي حسن زيد، الذي كان يشغل منصب وزير الشباب والرياضة في حكومة الإنقاذ التابعة للحوثيين، كمحاولة بائسة لزعزعة الاستقرار الأمني الذي نجحت في إيجاده صنعاء، حَيثُ لا مجال للمقارنة بين الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرة الحوثيين والمناطق الخاضعة لسيطرة التحالف والشرعية، والتي تعاني انهياراً أمنيًّا مرعباً لا يزال يتفاقم يوماً بعد آخر، حَيثُ أصبحت جرائم القتال والاختطافات والاغتصاب والنهب والسطو على الممتلكات العامة والخَاصَّة مشهداً يوميًّا يصحو وينام عليه مواطنو تلك المناطق، خُصُوصاً في عدن وتعز، إضافة إلى الانتشار غير المسبوق للمخدرات في عدن، وهي العملية التي يديرها مباشرةً ضباط وسياسيون تابعون للتحالف، وفي مقدّمِهم السفير السعودي محمد آل جابر.
ويرى مراقبون أن عملية اغتيال وزير الشباب والرياضة بحكومة صنعاء، حسن زيد، قبل يومين من احتفالية كبيرة تستعد صنعاء لاحتضانها بمناسبة ذكرى المولد النبوي، تحمل بُعداً آخر يهدف إلى إفشال الاحتفالية التي قد تكون الأكبر على مستوى العواصم العربية والإسلامية، على اعتبار أن العملية ستزرع الخوف بين المواطنين ويكون ذلك سبباً في إحجامهم عن الحضور إلى الساحات المُعدة للاحتفال، إلا أن ذلك أمر مستبعد تماماً، فالقداسة التي يحظى بها الاحتفال بذكرى مولد النبي في قلوب اليمنيين لن تسمح لأي عائق قد يحول دون حضورهم، حسب المراقبين، إضافة إلى أن العملية لن تقلل من حجم ما وضعته الأجهزة الأمنية من استعدادات واحتياطات تؤمّن العاصمة والوافدين إليها للاحتفال بذكرى المولد النبوي.
أصبحت عمليات الاغتيال بمثابة متنفسٍ وحيدٍ للتحالف وأدواته في اليمن، نتيجة للهزائم المتوالية التي تتلقاها قواته والقوات الموالية له في مختلف جبهات القتال، وإخفاقها المتواصل في تحقيق أي تقدم على الأرض، وحتى في الجانب السياسي وتحديداً في عملية تبادل الأسرى، التي لم تكن بالنسبة للتحالف والشرعية سوى فضيحة كشفت أنهم لا ينظرون إلى أسراهم إلا كتاجرة تحصد أرباحها قيادات كبيرة عسكرية وسياسية.
ورغم أن تلك العمليات الإجرامية أصبحت أحد الأدلة على فشل التحالف والشرعية في كُـلّ النواحي، عسكريًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا، إلا أن وسائل الإعلام التابعة لهم لا تتحرج أبداً في تناول تلك الجرائم على أنها إنجازات يصفونها تارة بالعظيمة وتارة بالنوعية، ويحتفون بها؛ باعتبَارها انتصارات، إذ لا يجدون ما يحتفون به سوى تلك العمليات الغادرة أَو ما تقدم عليه طائراتهم من قصف الأحياء السكنية وتدمير المنازل على رؤوس ساكنيها من المدنيين الأبرياء.
وهي من وجهة نظر مراقبين أعلى درجات البؤس واليأس التي وصل إليها التحالف بعد ما يقارب ست سنوات من حربه على اليمن، والتي أخفق تماماً في حساباته بشأنها حتى أصبح يعيش وضعاً مثيراً للشفقة من كثرة إخفاقاته وخسائره التي أنفقها على الأسلحة وشراء المقاتلين من شتى بقاع الأرض، واكتشف متأخراً أنه لم يكن يدير سوى الوهم والسراب الذي يكشفه يوميًّا الإعلام الحربي التابع لقوات صنعاء.
وكما هي عادتها، تناولت وسائل إعلام التحالف وناشطوه على منصات التواصل الاجتماعي عملية اغتيال القيادي الحوثي حسن زيد؛ باعتبَارها عملية نوعية، واحتفت بتلك العملية على وجه الخصوص قناة العربية التابعة للسعودية، التي اعترفت بأن العملية تمت وفق خطة مدروسة وعمليات رصد يشرف عليها التحالف، ويرى مراقبون أن عملية اغتيال الوزير حسن زيد لا تختلف في منهجيتها وطريقة تنفيذها عن عمليات سابقة نفذتها أدوات التحالف بتوجيهات مباشرة منه، وكان أبرزها اغتيال رئيس المجلس السياسي السابق التابع للحوثيين، صالح الصماد.
وسائل إعلام أُخرى تابعة للتحالف تناولت عملية الاغتيال الأخيرة في صنعاء، والتي أودت بوزير الشباب حسن زيد؛ باعتبَارها ضمن صراع أجنحة الحكم في صنعاء وتصفية بعضهم بعضاً، لكن أن تلك التناولات لم تكن سوى محاولة فاشلة لتغطية الحقيقة، فمثل تلك العمليات أصبحت بصمةً معروفةً وماركةً مسجلةً باسم التحالف وأدواته المحلية في اليمن، وعلى رأسها تنظيما القاعدة وداعش، خُصُوصاً بعد اعتراف وسائله الرسمية التي احتفت بالعملية.
YNP- إبراهيم القانص