النظام السعودي يكتب آخرَ سطرٍ في شهادة وفاته
بقلم الشيخ عبد المنان السُّنبلي.
لقد بات في حكم المؤكد أنه كان هنالك نيةٌ مبيتةٌ مسبقة وسياسةٌ ممنهجةٌ تعمدت إظهار الحج هذا العام بهذا المظهر الذي رآه العالم كله أمامه.
يأتي هذا على ما يبدو في إطار السياسة التي انتهجها محمد بن سلمان لتقديم نفسه للغرب والتي بدأت بانقلابه على الصورة الاجتماعية النمطية المعروفة للسعودية 180 درجة من خلال الدعوة إلى الانفتاح القيمي والتحرر المفرط السلبي وفتح المراقص والبارات والسماح بإقامة الحفلات الغنائية الماجنة والراقصة واختلاط الجنسين ووو…
وإلا فقد كان هنالك من الطرق والوسائل المتاحة ما يستطيعون من خلالها إقامة وإتمام مراسم الحج هذا العام بصورة طبيعية وهادئة كأن يتم إلزام الراغبين بالحج مثلاً بالخضوع لحجرٍ صحي في بلدانهم مدته 14 يوماً يعقب ذلك إخضاعهم للفحص وحجرٍ صحيٍ آخر مدته 14 يوم أيضاً في محاجر صحيةٍ طارئةٍ ومخصصة لذلك في أراضي المملكة ليتم بعد ذلك إدخال من ثبت عدم إصابته أو الاشتباه به إلى مكة عبر وسائل مواصلات خاصة ومعدة لذلك!
في الحقيقة لم يكن ذلك ليكلفهم شيئاً بالمقارنة مع ما قدموه من أموالٍ لخطب وُد ترامب ذات يوم أو هدايا لإيفانكا وزوجها كوشنير خاصةً وأن المملكة تعد واحدةً من أغنى أغنياء العالم ناهيك عن ما يعود إليها موسم الحج لوحده من مردودات اقتصادية ضخمة.
وبالتالي فالتعذر بكورونا ومخافة تفشيه في أوساط الحجيج أمرٌ لا يستدعي منع أحدٍ ثبت عدم إصابته أو الاشتباه به بأية حال من الأحوال من أداء مناسك الحج أو العمرة.
ففي اليمن مثلاً لم يمنع كورونا الناس من الصلاة في المساجد واكتظاظها بهم خاصةً في أيام الجمعة أو الخروج إلى الأسواق والشوارع وازدحامها الشديد في أوج موسمها ومع ذلك لم تسجل هنالك إصابات تذكر بالمقارنة مع ما سجلته الكثير من الدول التي أخضعت شعوبها لعمليات الحجر والحظر ومنع التجمعات والتجوال!
كذلك في أمريكا لم يمنع كورونا أيضاً الناس من الخروج إلى التظاهر والتجمهر في الشوارع والساحات لعدة أيام وفي أكثر من ولاية على خلفية قتل أحد أفراد الشرطة لمواطنٍ أسود ومع ذلك لم تسجل إصاباتٍ تذكر بالمقارنة بتلك التي سجلت خلال عمليات الحجر وحظر التجوال هناك!
يعني المسألة سياسية أكثر منها وقائية تهدف بالدرجة الأساس إلى تلميع وتقديم ولي العهد السعودي وكأنه الرجل الأنسب الذي ينبغي للغرب أن يثقوا به ويركنوا إليه في رعاية مصالحهم في المنطقة خاصةً في ظل صراع الأجنحة الآخذ بالبروز أكثر فأكثر بين أقطاب وركائز الأسرة السعودية المالكة بما يؤكد استخدام هذا النظام للدين كوسيلة رخيصة لتثبيت أركانه وتوطيد دعائمه وهذا ما يفسر تغير الفتوى الدينية هناك دائماً بتغير المزاج والمناخ السياسي العام لهذا النظام بما يضعها كثيراً في حالة تناقضٍ عجيب.
فمن يخبر هذا النظام أنهم بتجاوزهم هذا الأمر إنما يكتبون آخر سطرٍ في شهادة وفاة مملكتهم ونظامهم المتهالك المريض، وإنها لمسألة وقت لو كانوا يعلمون؟!
عيدكم مبارك وكل عامٍ وأنتم والوطن بألف ألف خيرٍ وعافية.