لكي لا يستبدلَنا اللهُ بآخرين
بقلم/ عبدالله إبراهيم الوزير*
للأسف الشديد أن البعضَ ممن تبوَّأوا مكاناً من المسؤولية نسَوا أو تناسَوا مهامَّهم، وظنوا أنهم فوق مستوى المحاسبة، أو المساءلة.. لمجرد أن لهم سطوةً أو مكانةً فهم المصدَّقون لدى أصحاب القرار.
إن الشعبَ يراقبُ اليومَ كل مسؤول، وكل مَن هو في منصب، ولن ينسى تصرفاتِ البعض، ولن ينسى من أثْرَوا في ظل العدوان والحصار من أموال الشعب نهباً أو إسرافاً..
الناسُ لا يهُمُّها ما هو الشعار المرفوع أو اللافتة التي تعلو فوق المكاتب.. الناسُ لا تريدُ كلاماً معسولاً، بينما المسؤولُ لا يعكسُ ذلك الكلامَ وتلك النصائحَ وذلك التوجُّهَ الطيب.. الناسُ تريدُ عملاً واضحاً وتعاملاً وطنياً ومخلصاً، تريدُ إنصافاً للمظلوم، وردعاً للظالم، تريدُ لقمةً تسد بها كُفر الجوع، وتروي بها عطشَ الفقر..
الناسُ تريدُ إحالةَ الفاسدين للقضاء، الناس تريد أن يكف مَن هم في المسؤولية عن التسلط على المؤسسات والوزارات حتى أصبحت كثيرٌ من الجهات حكراً على بني فلان، أو بني علَّان..
يا جماعة ليست المسؤوليةُ وِرثاً أو غنيمةً، إنما هي مسؤوليةٌ بين يدي الله أولاً، ومسؤوليةٌ أمام هذا الشعب الصامد والصابر..
إننا أمامَ معضلةٍ كبيرة جداً، فإما مجموعةٌ من الفاسدين، أو قلةٌ من المخلصين مع عدم القدرة على الإدارة.. وهذا لا يعني عدمَ وجود أكفاء في مواقع المسؤولية، لكنهم قلةٌ قليلة، ولا يحس بأثرهم أحد..
هناك مئاتُ الملايين والمليارات تذهب سدىً، وفي ما لا ينفع الناس، والسبب الرئيسي لذلك هو بنود الصرف وأسلوب الصرف، وطرق التحايل..
بالله عليكم مثلاً: عند أي اجتماع لوزير أو رئيس مؤسسة وإذا بطاولة الاجتماعات مليئة بالورد.. يا جماعة عيب عليكم، حسوا بالفقير، حسوا بالجوع الذي يعيشه الناس، ورد أيش هذا الذي سينقلب ناراً تتلظَّى في ظهوركم يوم القيامة، يعني لازم ورد فوق الطاولة في ظل الجوع والحصار وعدم توفر المرتبات.. هذا مثال ليس إلا.. وكم، وكم، وكم!!..
هل لازم مثلاً أن تصرف بعض الأموال على موائد في المطاعم لكبار الموظفين، بينما الموظف العادي لا أحد يناديه، ومن أموال الشعب؟.. هل لازم بدلات في كل مهمة ولنفس الأشخاص ومكافآت لنفس المجموعة؟، هكذا هي الوزارات والمؤسسات والمكاتب التنفيذية.
نريدُ الشفافيةَ في كل وزارة ومؤسسة ومكتب تنفيذي، وفي كل جهة بحيث تكون هناك لوحة معروضة للجميع ينشر فيها كل صرفيات الجهة، وكل المكافآت التي حصل عليها موظفو تلك الجهة بما فيهم الوزير أو المدير أو الوكيل أو غيره.
هل عندكم القدرةُ والجُرأةُ على مثل هذه الشفافية؟، أم أن الكلام والنصائح التي نسمعُها هي للآخرين وليست للأتباع؟!..
من المعيب أن نرى بعضَ المنتمين للمسيرة، وهم بلا مسيرة، مجرد خطابات وآيات قرآنية، وفي الممارسة ما أعرف أحد ولا لي دخل بأحد..
العمل هو الذي يحقق صدق ما في القلب، فإن كانت التصرفات تتناسب مع الأقوال، فذلك هو النجاح، وإن كانت التصرفات تتناقض مع الأقوال فأصحابها مدَّعون، والإدعاء بالشيء مجرد ادعاء قد يكون صحيحاً، وقد يكون كذباً وما أكثر الكذابين اليوم..
نحنُ على أبوابِ مرحلة فاصلة، وعلينا أن نعكسَ الوفاءَ لدماء الشهداء والجرحى.. علينا أن نخلصَ لتلك الدماء التي قدّمها الشهداءُ، وللمجاهدين في جبهاتهم.. علينا أن نكونَ على قدر المسؤولية؛ لكي لا يستبدلَنا اللهُ بآخرين..
والعاقبة للمتقين..
* رئيس تحرير صحيفة البلاغ