كل ما يجري من حولك

رمضانُ والخُطوةُ الأولى

842

بقلم/ عبدالله إبراهيم الوزير*

ها نحنُ على أبوابِ شهرِ رمضانَ، شهرِ الخير والبركة.. شهرِ الصبر والثبات، شهرِ النصر..

لم يكُــنْ شهرُ رمضانَ مُجَـرَّدَ الامتناعِ عن الشرب والأكل بقدر ما هو عمليةٌ تربويةٌ إيمانيةٌ ينهَـلُ منها المؤمنون؛ ليكونَ زاداً لهم على مدار العام.. ولا شك أن من أَهَــمِّ ما يجبُ في رمضانَ هو تربيةُ النفس التربيةَ الإيمانيةَ الصحيحةَ والسليمةَ.. وإن في مقدمة ذلك التعاملَ مع الآخرين (ألا إنَّ الدينَ المعامَلة)، فبقدر معاملتك للناس يكونُ مقياسُ إيمانك، وهنا تكونُ المعاملةُ شاملةً سواءٌ أكنتَ مسؤولاً، رئيساً، مديراً، وزيراً، أَو كنت مواطِناً عادياً، أَو شخصيةً اجتماعيةً، أَو شيخاً مرموقاً..

فإن كنتَ تغشُّ أَو تسرِقُ أَو تنهبُ أَو تغالطُ أَو تظلمُ أَو تأكلُ المالَ العام، أَو تشهدُ الزورَ، أَو تنصُرُ الظالمَ، أَو تظلمُ المسكينَ، أَو تأكل أموال اليتيم، أَو لا تقضي بالحق، أَو تمنعُ أصحابَ الحقوق من الوصول إلى حقوقهم مهما كانت العناوين التي قد ترفعُها للظلمِ أَو السرقة أَو النهب أَو الفساد، وَكُـلُّ أُولئك غالبًا ما تكونُ اللافتاتُ التي يرفعونها ظاهرُها خيرٌ، وباطنُها شَــرٌّ..

إن شبابَنا وأبناءَنا وفلذاتِ أكبادنا في الجبهات يبذُلون نفوسَهم وأرواحَهم ودماءَهم تحت حرارة الشمس، ووقع الصواريخ والمدافع، ونيران البنادق وهم يشعرون أنهم في سبيلِ الله، ومن أجل أن ينعَمَ الشعبُ بالأمن والاستقرار والاستقلال، ورفع الظلم والطغيان.. فكيف بنا وفينا مَن هو في بيتِه أَو عمله وقد ظلم وسرق وتعدّى أَو جامَل أَو تغاضى عن ظلم، أليس ذلك خيانةً لدماء الشهداء، وخيانةً للمجاهدين الذين في الجبهات؟!..

رجالُ الرجالِ يتحَرّكون في سبيل الله، ويبذلون دماءَهم، ويواجهون طغيانَ وجبروت العدوّ، بينما هناك مَن يستخدم نفوذَه وكل تحَرّكاته لمزيدٍ من الإثراء ولو بالظلم والنهب وشهادة الزور، ومَن يستخدم نفوذَه لدعم قريبه أَو صاحبه ليكونَ في ذلك المنصب أو تلك المسؤولية!!، وهناك مَن يحارِبُ المجاهدين عبر التشويهِ، وسوءِ استخدام السلطة، ففاسدٌ واحدٌ قد يُشَــوِّهُ بالعشرات من المجاهدين!.

نحن بحاجة في هذا الشهر إلى قراراتٍ جريئةٍ من الدولة، وإحالةِ الفاسدين للقضاء، وإقصاء الفاشلين، وإرساء مبدأ الثواب والعقاب.

إننا أمامَ تحدياتٍ كبيرة، والعدوُّ يراهنُ على فشل الداخل بعد أن عجز عن الانتصار في الجبهات، وبقدر الانتصارات الأمنية في القبضِ على الخلايا المتعاونة مع العدوان، إلا أن ذلك يشيرُ إلى أن العدوَّ يراهنُ على تلك الخلايا لإثارة الشعب عبر استغلال الفشلِ الإداري والمالي، وفشل القضاء، وعدم إنصاف الناس، والاستمرار في الرشوة والمحسوبية والوساطة، و…، وكم من الأشياء التي هي بحاجة إلى صدقٍ مع النفس لمواجهتها والقضاءِ عليها.

وكما قال المَثَلُ: “أول الطريق مَعْـقَـم الباب”، أَو “الألف ميل يبدأ بالخطوة الأولى”، فإننا نأملُ أن تبدأَ الخطوةَ الأولى، ولن تتحَرَّكَ عجلةُ مواجهة الفساد إلا عبر الخطوة الأولى التي افتقدناها حتى الآن.

وختاماً.. شهرٌ مبارك، ورمضان كريم، ودعوةٌ للتراحُم، والسؤال عن الجيران والأقارب..

نسألُ اللهَ أن يُعَجِّــلَ لنا بالنصر، وأن يحفَظَ المجاهدين، وأن يُعَجِّــلَ بزوالِ المعتدين..

والعاقبةُ للمتقين..

* رئيس تحرير صحيفة البلاغ

You might also like