فايننشال تايمز: محمد بن سلمان قامر برأسماله السياسي في أمريكا وخسر
فايننشال تايمز: محمد بن سلمان قامر برأسماله السياسي في أمريكا وخسر
متابعات:
قال المعلق في صحيفة “فايننشال تايمز” ديفيد غاردنر إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قامر برأسماله السياسي في واشنطن عندما قرر إغراق السوق العالمي بالنفط الخام وبأسعار مخفضة.
وأضاف أن الصفقة التي تم التوافق عليها نهاية الأسبوع بين تحالف أوبك+ لتخفيض إنتاج النفط بنسبة 10% ومحاولة بناء استقرار في السوق الذي تتراجع فيه أسعار النفط الخام بطريقة حرة، لها حظ من النجاح وحظوظ من الفشل. وأكثر من هذا فحرب الأسعار التي بدأتها السعودية الشهر الماضي مع انتشار وباء فيروس كورونا الذي ضرب الاقتصاد العالمي أدت إلى تشويه سمعة المملكة كلاعب مسؤولي في تجارة النفط العالمية. وطرحت أسئلة حول صلاحية محمد بن سلمان لحكمها. ففي بداية آذار/ مارس قرر ولي العهد العنيد والحاكم الفعلي تخفيض أسعار النفط وفتح صنابير النفط بهدف إغراق الاسواق العالمية ردا على رفض روسيا تقييد عمليات الإنتاج ودعم الأسعار. وتوصلت موسكو إلى نتيجة وهي أن هذه السياسة أعطت حصة لصناعة النفط الصخري عالية الكلفة في أميركا. ولم يزد قرار الرياض المتهور إلى حالة إشباع في إمدادات النفط في وقت يتراجع فيه الطلب العالمي عليه، بل وأدت إلى انهيار في الأسواق المالية لم تشهده منذ الأزمة العالمية عام 2008 وهدد بانهيار النفوذ الأميركي كأكبر منتج للنفط في العالم.
وأضاف الكاتب أن كل هذا في عام يخوض فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الداعم الوحيد وبدون تحفظ لولي العهد السعودي، معركة انتخابية لولاية ثانية في البيت الأبيض. وقال سعودي مطلع بأن تصرف الأمير كان “طفوليا وسلوكا في ملعب أطفال”، ولأن الرهانات كانت عالية جدا فقد أجبرت السعودية على الإستسلام. وربما كان دافع تصرف محمد بن سلمان المتغطرس ولأنه يتعامل مع زميل له يصنف كأمير في البيت الأبيض، صهر ترامب جارد كوشنر، فقد كانت الرياض تعتقد أن واشنطن ستحمل روسيا مسؤولية حرب الأسعار.
وبدلا من ذلك وجد الرئيس الأميركي نفسه وفي وضع حرج وطلب من أوبك التصرف بمسؤولية وهدد بفرض تعرفة جمركية على النفط القادم من السعودية وروسيا. وأسوأ من هذا فقد هدد الجمهوريون في كل من مجلس النواب والشيوخ والذي كانوا درعا لحماية السعودية ضد محاولات الكونغرس معاقبة المملكة بسبب الحرب التي شنتها على اليمن والوحشية ضد المعارضين السعوديين هددوا بالإنتقام منها. وقاد هؤلاء المشرعين عن ولايات النفط مثل تكساس ونورث داكوتا وطالبوا بسحب القوات الأميركية وأنظمة باتريوت الدفاعية من السعودية. ولم يكن هذا كلاما في الهواء بل تهديدا واضحا. فعندما ضربت طائرات مسيرة وصواريخ عصب الإنتاج السعودي للنفط بشركة أرامكو في أيلول/ سبتمبر، كان السعوديون عاجزين عن الدفاع عنها رغم صفقات الأسلحة الكبيرة مع أميركا. وعندما اكتشف الأمير ضعفه أمام الهجوم هذا خفف من لهجته الداعية للحرب ضد إيران.
وأشار الكاتب إلى أنه وفي الأسبوع الماضي وافقت الرياض على وقف إطلاق النار في الحرب التي شنتها عام 2015 على اليمن، وكانت حربا مكلفة وفاشلة ضد جماعة تمرد مهلهلة تدعمها طهران. وكل هذا لم يمنع ولي العهد السعودي من المقامرة برأسماله السياسي عند ترامب من خلال إغراق الأسواق المشبعة بالنفط الرخيص. ولكنه تخلى عن هذا الموقف بعد خمسة أسابيع فيما يظهر أنها هزيمة مخزية.
ومع ذلك هناك إمكانية لفشل اتفاقية خفض الإنتاج وتحميل السعودية مسؤولية خسارة الوظائف في قطاع الطاقة الأميركي، حتى لو كان السبب الإغلاق بسبب فيروس كورونا. وتبدو مقامرة الأمير محمد التي تخلى عنها متهورة مثل طموحه لبناء اقتصاد دينامي مدعوم من الاقتصاد الخاص وليس موارد النفط التي تتناقص. وتعتبر السعودية منتجا للنفط الرخيص إلا أن هذا يتعادل مع السعر للبرميل الواحد. فهي بحاجة إلى 85 دولارا للبرميل حتى توازن ميزانيتها. فكيف سيتمكن من توفير النفقات لرؤيته 2030 الهادفة لتحويل الاقتصاد، وفي ظل سعر البرميل الحالي الذي لا يساوي إلا ثلث ما ترغب به السعودية؟ ومن هنا فقد كان قرار محمد بن سلمان شن حرب أسعار خطأ في التقدير وسيدمر سمعته ولا يمكن ترميمها في ضوء العلاقة المتوترة مع أصدقاء السعودية في الولايات المتحدة.
وذكر الكاتب أنه وقبل التوصل لصفقة أوبك+، تحدث السناتور الجمهوري عن نورث داكوتا قائلا إن السعوديين “قضوا الشهر الماضي يشنون حربا ضد منتجي النفط الأميركيين في وقت كنا ندافع فيه عنهم. وهكذا يعامل الأصدقاء أصدقاءهم. بصراحة فلا يمكن تبرير تصرفاتهم ولن تنسى بسهولة”. فمن السهل أن يوحد نظامي إيران وفنزويلا الكونغرس المنقسم على نفسه، إلا أن محمد بن سلمان يظل حليفا، على الأقل حتى الآن.