كل ما يجري من حولك

هذا هو التاريخُ يا (بلقيس)

814

بقلم الشيخ عبدالمنان السُّنبلي

ليس بالضرورة أن أكون حوثياً حتى أبدي موقفاً واضحاً وصريحاً من العدوان، فالمعركة أصلاً ليست معركة الحوثي وحده مع النظام السعودي، المعركة في الحقيقة هي معركة كُـلّ اليمنيين مع تسعين سنة من التآمر والحقد والتكبر والاستعلاء.

ربما كنت سألتمس لقوى العدوان العذر أَو على الأقل أنأى بنفسي جانباً وأقف على الحياد لو كنت أعلم أن العدوان السعودي على اليمن قد بدأ مع دخول الحوثيين إلى صنعاء أَو عدن أَو أية منطقةٍ يمنيةٍ أُخرى بحجّـة أَو بأُخرى ولكني أعلم جيِّدًا كما كان يعلم أبي وجدي من قبل أن العدوان السعودي على اليمن قد بدأ منذ تسعين سنة أَو يزيد.

ألم يزحفوا في مطلع ثلاثينيات القرن الماضي بقواتهم باتّجاه الأراضي اليمنية ويستقطعوا منها ما يعادل في مجموعه مساحة ثلث اليمن التاريخية؟!

ألم تكن نجران وعسير وجيزان وشرورة ومعظم صحراء الربع الخالي أراضٍ يمنية وجزءاً لا يتجزأ من الجغرافية اليمنية؟!

فكيف آلت إليهم كُـلّ هذه الأراضي وكيف تم ضمها إلى خارطتهم الجغرافية؟!

أليس بالغزو والعدوان؟!

ألم يُسخِّروا كُـلّ طاقاتهم وثرواتهم طيلة التسعة قرونٍ الماضية لإبقاء اليمن في حالةٍ من الاضطرابات والفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال أدواتهم وأعوانهم هنا في الداخل اليمني؟!

أليسوا هم من كانوا يغذون ويقفون وراء الحرب الأهلية اليمنية في ستينيات القرن الماضي وهم من كانوا يقفون وراء حركة الخامس من نوفمبر وهم أنفسهم من خططوا وأشرفوا على عملية اغتيال الشهيد الحمدي وهم من كانوا يقفون وراء حرب صيف 94 وهم وهم.. ؟!

حتى جنوب الوطن لم يسلم من تآمرهم وأحقادهم، فقد ظلوا يناصبونه العداء منذ استقلاله عن بريطانيا في 67 حتى إعلان قيام الوحدة متهمينه حيناً بالشيوعية والماركسية وحيناً آخر بالكفر والإلحاد!

حتى الوحدة اليمنية أَيْـضاً لم تسلم من بوائقهم ومؤامراتهم الخبيثة، فقد ظلوا يشكلون في طريقها حجر عثرة تسحق كُـلّ من يحاول الوصول إلى تحقيق هذا الحلم!

حتى الثروات المعدنية والنفطية اليمنية كذلك هم من كانوا يحولون دون استكشافها واستخراجها من خلال منع شركات الاستكشاف النفطية العالمية من التعاقد مع الحكومات اليمنية المتعاقبة إما بدفع الرشا لها وإغراءها بالأموال وإما باستخدام أدوات الضغط الأمريكي عليها لثنيها من الذهاب إلى اليمن!

وهكذا وكلما تجاوزت اليمن محنة من المحن أدخلوها في صراعٍ ومحنةٍ أُخرى أشد وأعظم لدرجة أنه لم يعد بمقدور المرء منا أن يحصي عدد الصراعات والأزمات في اليمن التي كان للنظام السعودي الدور الأبرز والأَسَاسي في إذكاءها وتفريخها وإدارتها عن بعد.

ولكم أن تتخيلوا طبعاً كم من الطاقات والموارد والجهد والوقت استنزفته كُـلّ هذه الصراعات والأزمات والمؤامرات السعودية المنشأ والمصدر من حاضر ومستقبل اليمن الأمر الذي انعكس بطبيعة الحال سلباً على حياة الناس المعيشية وعلى التعليم والصحة وكل الخدمات الأَسَاسية الأُخرى!

هذا الكلام طبعاً ليس مُجَـرّد كلامٍ إنشائيٍ جادت به قريحتي ولا أدعي معرفتي وحدي به وإنما هي حقائق يعلمها جيِّدًا كُـلّ مواطنٍ يمنيٍ صغيراً كان أم كَبيراً بمن فيهم أُولئك الدائرين في رحى السعودية والقابعين في كنفها اليوم والذين حتى هم أنفسهم لم يسلموا بشكل أَو بآخر من مؤامرات وأحقاد بني سعود ذات يوم.

وهنا يتبادر إلى ذهني هذا السؤال:

ألم يكن حلماً لنا جميعاً كيمنيين أن نرى من بين جنباتنا من يقف في وجه هذا النظام الرجعي المتخلف ويوقف عبثه وتدخلاته في شئوننا وشئون بلادنا؟

ها هو الحوثي اليمني اليوم يقود عملية الخلاص والتحرّر من عباءة هذا النظام المجرم التي طالما حلمنا بها وتمنيناها لعقود، فما الذي يمنعنا جميعاً إذَا كيمنيين من أن ننضوي تحت لواءه ونقاتل في صفوفه ثأراً لتسعين سنة من التآمر والأحقاد ووقوفاً في وجه عدوانه الظالم والغاشم الأخير؟!

سؤال مطروح على طاولتك وحدك أنت يا (بلقيس).

You might also like