كل ما يجري من حولك

في غضون 3 سنوات .. حرب النفط قد تفلس السعودية

في غضون 3 سنوات .. حرب النفط قد تفلس السعودية

708

متابعات:

قد يعتقد أولئك الذين لديهم ذاكرة قوية أن قرار السعودية الأسبوع الماضي زيادة إنتاج النفط لتحطم أسعار النفط وإفلاس منتجي الصخر الزيتي الأمريكي كان بمثابة كذبة أبريل/ نيسان.

لم يكن الأمر كذلك، ويبدو أن فقدان الذاكرة الجماعي قد استحوذ على كبار السعوديين وأعضاء “أوبك” الآخرين على حد سواء حول مدى الكارثة التي وقعت في آخر محاولة بقيادة السعودية لتدمير صناعة النفط الصخري الأمريكي من 2014 إلى 2016.

ومن المرجح أن تكون العواقب هذه المرة، بالنسبة للسعوديين وحلفائهم الأكثر فقرا الآن، أسوأ بكثير.

في المرة الأخيرة التي جرب فيها السعوديون هذه الاستراتيجية نفسها في عام 2014، كان لديهم فرصة للنجاح أكبر مما هي عليه الآن.

في ذلك الوقت، كان من المفترض منع منتجي النفط الصخري الأمريكي من إنتاج النفط على أساس مستدام بسعر متساوٍ أقل من حوالي 70 دولارا أمريكيا للبرميل، وسجلت السعودية أيضا احتياطيات عالية من الأصول الأجنبية بلغت 737 مليار دولار أمريكي في أغسطس/ آب 2014، ما أتاح لها مجالا حقيقيا للمناورة من حيث الحفاظ على ربط عملتها بالدولار الأمريكي وتغطية العجز الضخم في الميزانية الذي قد ينجم عن انخفاض أسعار النفط بسبب الإفراط في الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، كانت روسيا في تلك المرحلة مجرد مراقب مهتم على الهامش.

كانت السعودية واثقة من خطتها لدرجة أنه في أكتوبر/ تشرين الأول 2014 خلال اجتماعات خاصة في نيويورك بين مسؤولين سعوديين وشخصيات بارزة أخرى في صناعة النفط العالمية، كشف السعوديون أن المملكة كانت على استعداد لتحمل أسعار خام “برنت” ما بين 80 ـ 90 دولارا أمريكيا للبرميل لمدة عام إلى عامين.

كان هذا تحولا بمقدار 180 درجة عن الفهم السابق لأعضاء “أوبك” الآخرين بأن السعودية هي بطلهم، وتبذل قصارى جهدها للحفاظ على أسعار النفط مرتفعة من أجل تعزيز ازدهار الدول الأعضاء في “أوبك”.

ومع ذلك، أوضحت السعودية، في اجتماع نيويورك، أن لديها هدفين واضحين في متابعة استراتيجيتها الزائدة في تحطيم أسعار النفط؛ كان أولهما تدمير أو إبطاء التقدم في صناعة النفط الصخري النامية في الولايات المتحدة، والثاني هو الضغط على أعضاء “أوبك” الآخرين للمساهمة في انضباط الإمداد.

وهذا يمثل اختلافا كبيرا عن النطاق المقبول للأسعار الذي ذكره سابقا وزير النفط السعودي آنذاك، علي النعيمي، على أنه يتراوح بين 100 و110 دولارات أمريكية، و95 دولارا أمريكيا للبرميل.

في غضون بضعة أشهر فقط من الشروع في استراتيجية تدمير النفط الصخري هذه، أصبح من الواضح للسعوديين أنهم ارتكبوا خطأ فادحا في التقليل من قدرة قطاع النفط الصخري الأمريكي على إعادة تنظيم نفسه في عملية أكثر صرامة مما كانوا يعتقدون.

اتضح أن العديد من أفضل المشغلين في المناطق المثلى، مثل “بيرميان”، لم يكونوا قادرين على تحقيق التعادل فقط عند نقاط السعر فوق 30 دولارا أمريكيا لكل برميل من برنت، ولكن أيضا تحقيق أرباح لائقة عند نقاط أعلى من 35 ـ 37 دولارا أمريكيا للبرميل.

تمكن لاعبو النفط الصخري الأمريكي، إلى حد كبير من خلال تقدم التكنولوجيا، من الحفر بسرعة أكبر، وإدارة مراحل التكسير عن قرب وبشكل أدق. سمح هذا بزيادة التعافي للآبار المحفورة، بالتزامن مع أوقات الحفر الأسرع، كما بدؤوا في الحصول على فوائد التكلفة من الحفر متعدد اللوحات وعملوا وفق آليات للآبار المثلى سمحت لهم أيضاً بتقليل التكاليف.

وكان الأمر الحاسم هو أن الصعود الذي لا يرحم لقطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة سمح للولايات المتحدة بتقليل اعتمادها على الطاقة السعودية وتوسيع نطاق نفوذها الجيوسياسي أكثر من خلال أن تصبح المنتج الأول للنفط في العالم.

بالنظر إلى هذه التطورات، خلال الفترة بين 2014 ـ 2016 التي استمرت فيها هذه الاستراتيجية السعودية، خسرت الدول الأعضاء في “أوبك” 450 مليار دولار أمريكي من عائدات النفط من بيئة الأسعار المنخفضة، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.

وما زالوا يتعاملون مع محاولة سد الثغرات في احتياطياتهم من العملات الأجنبية والميزانيات المستحقة، حيث تم تخفيض أسعار النفط من أكثر من 100 دولار أمريكي للبرميل إلى أقل من 30 دولارا أمريكيا للبرميل.

انتقلت السعودية نفسها من فائض الميزانية إلى عجز قياسي مرتفع آنذاك في عام 2015 بلغ 98 مليار دولار أمريكي وأنفقت ما لا يقل عن 250 مليار دولار أمريكي من احتياطياتها من العملات الأجنبية خلال تلك الفترة التي قال حتى كبار السعوديين إنها فقدت إلى الأبد.

حتى قبل شن حرب أسعار النفط الجديدة هذه، كانت السعودية ستواجه عجزا كبيرا في الميزانية كل عام حتى عام 2028 على الأرجح وفق معظم التوقعات، مع سعر التعادل لبرميل “برنت” هذا العام 84 دولارا أمريكيا.

كان الوضع الاقتصادي والسياسي السعودي في غاية السوء عام 2016 لدرجة أن نائب وزير الاقتصاد السعودي، محمد التويجري، صرح بشكل لا لبس فيه وكان انتقادا غير مسبوق تماما لسياسة الحكومة من وزير سعودي في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 عندما قال: “إذا لم تتخذ السعودية أي إجراءات إصلاحية، وإذا ظل الاقتصاد العالمي على حاله، فإننا محكوم علينا بالإفلاس في غضون 3 إلى 4 سنوات”.

هذا يعني أنه إذا استمرت السعودية بالإفراط في الإنتاج لدفع أسعار النفط إلى الأسفل كما تفعل الآن، مرة أخرى فستكون مفلسة في غضون 3 إلى 4 سنوات.

بالرغم من ذلك، يجب أن نتذكر أنه في عام 2016، لم يتوقع السعوديون أن يستمر النفط الصخري الأمريكي في تنمية القدرة الإنتاجية، أو أن سعر التعادل في الميزانية لروسيا سيكون منخفضا 40 دولارا للبرميل.

ما يعنيه ذلك من الناحية التجريبية البحتة هو أن الولايات المتحدة وروسيا يمكنهما الصبر لفترة أطول بكثير من السعودية مع أسعار النفط عند 40 دولارا أمريكيا أو أقل للبرميل، وبصرف النظر عن المستوى المطلق لأسعار النفط، يستفيد كلاهما من الطرق الرئيسية الأوسع كذلك.

بالنسبة للولايات المتحدة، هناك فوائد اقتصادية ستعني فوائد سياسية كبيرة أيضا، خاصة في عام ستحدث فيه آثار اقتصادية سلبية بسبب “كورونا”.

كقاعدة عامة، تشير التقديرات إلى أن كل 10 دولارات أمريكية للبرميل الواحد في سعر النفط الخام يؤدي إلى تغيير 25 ـ 30% في سعر جالون البنزين، ولكل سنت واحد من انخفاض البنزين، يتم تحرير أكثر من مليار دولار أمريكي سنويا في الإنفاق الاستهلاكي الإضافي. سياسيا، هذا له تداعيات هائلة على الرئيس الحالي، دونالد ترامب، الذي يسعى لإعادة انتخابه.

وفقا لإحصاءات المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية (NBER)، منذ الحرب العالمية الأولى، كان الرئيس الأمريكي الموجود يفوز بإعادة انتخابه 11 مرة من أصل 11 إذا لم يكن الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود في غضون 24 شهرا قبل الانتخابات.

ومع ذلك، فاز رئيس واحد فقط من أصل 7 الذين خاضوا حملة إعادة انتخاب مع الاقتصاد في الركود وهو “كالفن كوليدج” في عام 1924.

إن فكرة سماح أي رئيس أمريكي لقطاع النفط الصخري ذي الأهمية الجيوسياسية في البلاد أن يتضرر بشكل خطير بأي شكل من الأشكال هو أمر صعب في أحسن الأحوال. وخلال الأيام القليلة الماضية صرح الرئيس ترامب أن هناك مجموعة من الإجراءات الجديدة لدعم قطاع النفط الصخري.

قد تشمل هذه أيضا استراتيجية الفوز على الوجهين باستخدام النفط منخفض السعر الذي تم شراؤه من منتجي النفط الصخري لتعزيز احتياطي البترول الاستراتيجي للولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، بالنسبة لروسيا، التي كانت استراتيجيتها الأساسية للسياسة الخارجية في عهد الرئيس بوتين هي “إثارة الفوضى ثم إبراز الحلول الروسية” فإن حرب أسعار النفط من قبل السعودية لن تكون أفضل.

أولا: إذا استقر النفط عند حوالي 40 دولارا أمريكيا للبرميل من مستوى خام “برنت” عندما يعود الطلب الصيني إلى النطاق في نهاية هذا الشهر، فإن روسيا على ما يرام من منظور الميزانية، ويمكن لشركاتها النفطية إنتاج ما تريده من النفط. حتى إذا لم تتداول حول هذه المستويات، فإن روسيا ما زالت ستستفيد من حقيقة أن السعودية أعلنت مرتين في غضون أقل من 10 سنوات الحرب الاقتصادية على حليفها الحقيقي الوحيد في العالم: الولايات المتحدة.

تواصل روسيا العمل بالفعل في وضع مسيطر في جميع البلدان الرئيسية في هلال القوة الشيعية في الشرق الأوسط، لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن عبر إيران، ولديها بالفعل موطئ قدم بشكل مباشر أو غير مباشر.

وتشمل هذه السيطرة أذربيجان (75% من الشيعة ودولة الاتحاد السوفييتي) وتركيا (25% من الشيعة، وغاضبون من عدم قبولهم بشكل كامل في الاتحاد الأوروبي)، على الرغم من أن البعض الآخر لا يزال لديه أهداف طويلة المدى، بما في ذلك البحرين (75% شيعة)، وباكستان (ما يصل إلى 25% وموطن لعدوى الولايات المتحدة اللدودين: “القاعدة” و”طالبان”).

ويأتي كل هذا في وقت يواجه فيه الحاكم الفعلي الحالي للسعودية، ولي العهد محمد بن سلمان، أخطر أزمة تواجهه. تم التأكيد على هذا قبل بضعة أيام فقط عندما وردت تقارير تفيد بأنه أمر بجولة أخرى لتصفية خصومه البارزين، وشمل ذلك الأمير أحمد بن عبدالعزيز، الأخ الأصغر للملك سلمان، والأمير محمد بن نايف، ابن أخي الملك وولي العهد السابق.

ووفقا لتقارير عديدة، فإن صحة الملك الحالي سلمان البالغ من العمر 84 عاما سيئة للغاية، وقد دفع ذلك إلى صراع كبار الأمراء على الخلافة.

يجب أن نتذكر أن ابن سلمان لم يكن دائما الوريث الطبيعي للملك الحالي، قبل يونيو/ حزيران 2017 عندما تم تغيير الخلافة لصالح ابن سلمان، كان الوريث المعين هو الأمير محمد بن نايف الموقوف مؤخرا، في حين كان المعتقل أيضا مؤخرا الأمير أحمد واحدا من 3 أعضاء في مجلس البيعة معارضا لتعيين ابن سلمان وليا للعهد بدلا من ابن عمه بن نايف في عام 2017.

مع احتمال إفلاس ابن سلمان لبلاده وإنفاق ما تبقى من احتياطيات الأصول الأجنبية المتضائلة، وإبعاد حليفه المهم الوحيد في العالم، ستبقى الولايات المتحدة وروسيا سعيدتين تماما بمشاهدة ما يجري، وستراقب كل منهما لترى بالضبط كيف سيتصرف ابن سلمان.

(سيمون واتكينز – موقع “أويل برايس” الأمريكي)

You might also like