كل ما يجري من حولك

العدوان الداخلي

1٬030

 

بقلم الشيخ عبدالمنان السُّنبلي

لطالما سمعنا كثيراً ولازلنا عن مصطلح مرادفٍ للعدوان يحاول البعض الترويج له في أوساط العامة من الناس في محاولة منهم طبعاً لخلط الأوراق وإرباك المشهد العام وتشويشه.

هذا المصطلح في الحقيقة هو ما بات يُعرف (بالعدوان الداخلي) أَو كما يحلو للبعض تسميته في إشارة طبعاً إلى الحوثي أَو بالأصح إلى جماعة أنصار الله، فإذا ما أردنا الحديث عن العدوان وجرائمه وضرورة مواجهته انبرى لنا بعضٌ من هؤلاء القوم منكرين علينا ذلك قائلين (اول نواجه العدوان الداخلي) وبعدين نواجه العدوان الخارجي !

هذا يُعَّد بحد ذاته مغالطةً وتضليلاً وتحريفاً للمفاهيم والصور، إذ كيف لك أن تساوي بين من جاءوا بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في مجال التصنيع العسكري والحربي يريدون تدمير وتقسيم وإضعاف وطنك وبين من يدافعون عنه !

على أية حال،

متى أسمي الحوثي عدواناً ؟!

عندما أراه قد انتهك الأجواء اليمنية وقصف صنعاء بالصواريخ الذكية والقنابل الفراغية والعنقودية وقصف صالات الأعراس والعزاء والأحياء السكنية المأهولة بالأبرياء الآمنين في منازلهم والنائمين في مخادعهم ووو… عندها ساسمية بدون أي حرجٍ أَو ترددٍ (عدواناً) !

ومتى أسميه مرتزِقاً ؟!

عندما أراكم قد أخرجتموه من صنعاء وذهب يستجدي ويستنجد بإيران مثلاً ويأتي بها وبمعيتها دولة أُخرى أَو دولتين أَو حتى سبع عشرة دولة لقصف اليمن بالصواريخ الذكية والقنابل الفراغية والعنقودية ووو .. وليطبقوا عليها حصاراً خانقاً يغلقون خلاله المطارات والمؤانئ والمنافذ الجوية والبحرية والبرية ..

عندما أراه وكلما رأى طائرات إيران تجوب سماء صنعاء أَو أي مدينةٍ يمنيةٍ أُخرى يهتف قائلاً : شكراً (خامنئي) .. شكراً (روحاني) .. يا (خامنئي) دق دق واحنا بعدك بالبندق، عندها فقط سأسميه مرتزِقاً وابن ستين مرتزِق !

اما غير هذا الكلام لا استطيع أن أسميه عدواناً أَو مرتزِقاً،

ولما أسميه أصلاً كذلك إذَا كان هو قد تعرض لأضعاف ما تعرضتم له طيلة ستِّ حروبٍ ومع ذلك لم نسمعه يوماً قد استنجد بدولةٍ أجنبيةٍ أَو استدعى تحالفاً لضرب اليمن أَو أي شيءٍ من هذا القبيل سوى بعض مناشداتٍ للأمم المتحدة كان يطلقها بعض ناشطيه أَو متحدثيه من وقتٍ لآخر للضغط والدفع باتّجاه إيقاف الحرب ليس إلا ؟!

يعني لا طالبها لا ببند سابع ولا بحكم ذاتي ولا أقلمه ولا يمن اتّحادي ولا هم يحزنون .

نعم هنالك أخطاء وأخطاء قد ترقى إلى مستوى الكارثية في بعض الأحيان، فهم وكما يعلم الجميع مازالوا إلى حدٍ ما حديثي العهد بالدولة وبالتالي فمن الطبيعي أن يواكب إدارتهم لهذه الدولة الكثير من الأخطاء (الغير مقصودة) طبعاً والتي -من يدري- لو جاءت في إدارة سواهم في ظروفٍ مشابهة لهذه الظروف التي تمر بها اليمن اليوم من عدوانٍ غاشمٍ وحصارٍ جائرٍ وظالم لكانت ربما أفدح ضرراً وابلغ أثراً، ومع ذلك -وكما قلت ذات مرة- سنظل نلتمس لهم العذر مادام هنالك عدوانٌ وطائراتٌ تقصف ومادام هنالك أَيْـضاً من لايزال يقول شكراً سلمان، شكراً إمارات (الخير) .

على أية حال، يظل مفهوم العدوان واضحاً وصريحاً وغير قابلٍ للتاويل أَو التجزئة أَو التفريخ، وبالتالي فلا يحاول أحد أن يجرنا بعيداً عن مواجهة العدوان الحقيقي إلى عناوين ومفاهيم مموهةٍ ومغلوطة لا تخدم بالدرجة الأَسَاس في مضمونها أحداً كما تخدم العدوان نفسه وأولئك الدائرين في فلكه والعالقين في شباكه.

قللك عدوان داخلي .. قال !

You might also like