كل ما يجري من حولك

اليمن لعبة الدم والموت إلى أين؟

اليمن لعبة الدم والموت إلى أين؟

543
متابعات – بقلم – صلاح المقداد

 

في اليمن وفي اليمن فقط وحصريا لاتكاد تنقضي أو تمر بضع سنين إلا ويشهد فيه هذا البلد العربي شديد الإضطراب وكثير القلاقل – دورة جديدة من العنف- أو تشب فيه حرب ويستأنف فيه صراع قديم جديد بين فئات من اليمنيين على السلطة والمال وتقاسم المصالح والنفوذ .

 

وفي كل مرة تكون حجة المتحاربين والمتصارعين دعاوى وشعارات وطنية وتشدق بإسم الوطن ومصالح الشعب العليا.

 

وفي كل الحروب والصراعات الداخلية التي يكون للخارج فيها هنا دوره وضلوعه الملموس والمباشر يدفع أبناء هذا البلد التعس الثمن والتكاليف الباهظة من حياته وسعادته وأمنه واستقراره ورخائه وحاضره ومستقبله وحق أبنائه في حياة حرة كريمة آمنة .

 

ومنذ القدم وعلى مر التاريخ شهد أبناء اليمن فيما بينهم صراعات مريرة وحروب طاحنة تكاد تتشابه وتتساوى أسبابها ودوافعها وإن اختلفت قليلا في بعض التفاصيل الصغيرة .

 

والمؤلم أن يذهب الكثير من أبناء هذا البلد ضحايا لصراعات عبثية وحروب مجنونة لا طائل منها ولا ناقة لهم فيها ولا جمل سوى ارضاء غرور وفضول وأطماع من يتقاتلون ويتصارعون هنا من أجل الإستحواذ على السلطة والمال على حساب الأغلبية المسحوقة والمطحونة برحى الحروب الدائرة والمستعرة بين فينة وأخرى لأتفه الأسباب.

 

ولعل من المضحك المبكي في تاريخ اليمنيين أنهم لم يكتفوا بحروبهم وصراعاتهم الداخلية والأهلية فيما بينهم في مراحل مختلفة من ذلك التاريخ الدامي بل إنهم في أعقاب موجات هجرتهم المتعاقبة قديما من بلادهم اليمن واستقرارهم ونزولهم في أوطان وبلدان جديدة داخل منطقة الجزيرة العربية وفي الشام والعراق وشمال أفريقيا وحتى في الأندلس ماإن استقروا واتخذوا البلدان التي هاجروا إليها من اليمن سكنى ووطن جديد لهم حتى استأنفوا فيها حروبهم وصراعاتهم التي شهدتها بلادهم اليمن قبل هجرتهم منها كما حدث بين الأوس والخزرج في يثرب وبين مناذرة العراق اللخميين وغساسنة الشام قبل الإسلام وكأنما الحرب ولعبة الدم والموت هي هواية اليمنيين المفضلة وقدرهم الأول والوحيد .

 

ويبدو أن مشكلة اليمنيين في كل زمان ومكان تتلخص وتنحصر في كونهم لايقبلون ببعضهم البعض ويمارسون أو ينتهجون فيما بينهم – سياسة الإقصاء والتهميش وغلبة المنتصر الطاغي والفاجر مع أنه كان الأحرى بهم ان يقدموا التنازلات المشتركة فيما بينهم ويغلبون ويحكمون العقل والمنطق ويؤثرون مصلحة اليمن كقاسم مشترك فيما بينهم جميعا ويقبلون ببعضهم البعض ويتقاسم المتصارعون او بالأصح يشتركون جميعا في تصريف شؤونهم دون الحاجة واللجوء إلى استخدام القوة والعنف وفرض سلطة الأمر الواقع فالوطن الجامع لهم جميعا كان ولا يزال يتسع لجميع أبنائه بلا استثناء.

 

ومن بشاعة وفظائع حروب اليمنيين فيما بينهم تخوينهم لبعضهم البعض وادعاء كل طرف من اطراف الصراع أنه مع الحق وأن له الحق ايضا في اللجوء إلى خيار ولغة القوة والعنف ضد خصمه الشياسي هنا ويعتبر نفسه الوصي الوحيد على هذا الوطن والشعب ولا يحق لغيره أن يشاركه وينازعه هذا الأمر وهو ما أدى إلى مزيد من العنف والإضطراب والقلاقل وافتقاد الأمن والاستقرار في بلد قدر عليه أن يظل ساحة احتراب وصراع وتصفية حسابات محلية واقليمية ودولية.

 

فضلا عن ذلك فإن اليمنيين لم يتورعوا قديما أو حديثا عن خوض حروب بالوكالة موجهة من الخارج وتكون جبهتها المستعرة وساحتها أرض اليمن.

 

وما شهدته اليمن سواء أمس أو اليوم من حروب داخلية أهلكت الحرث والنسل جزء لا يتجزأ من لعبة الدم والموت التي على ما يبدوا تجد هنا من ألفها واستمرأها وصارت كما لو أنها طقس من طقوس حياته وممارسته اليومية دون أن يفكر أولئك المتحاربون هنا بمصلحة بلد وشعب سئم ومل وضجر وعانى وقاسى الكثير من الويلات بسبب هذه الحروب والصراعات المجنونة التي لا تكاد تنتهي إلا وتستأنف وتبدأ من جديد وتكون أحيانا أشد ضراوة من ذي قبل.

 

وما عاناه أبناء اليمن ولا زالوا يعانونه حتى اللحظة بسبب الحروب الطائشة والصراعات الدامية كل حين وآخر لا يعقل ولا يوصف ولا يمكن ان يحتمل ويطاق على الإطلاق.

 

والأسئلة المنطقية والوجيهة التي تفرض نفسها هنا تقول : لماذا كل هذه الحروب والصراعات أساسا?.

 

ولماذا كل تلك الحماقات والمغامرات الغير محمودة العواقب والتي تسببت في نزيف دماء اليمنيين واكتوائهم جميعا بنيران حروب خاسرة واقتتال يفرض عليهم وهم له كارهون ?!.

 

أين كان العقل والعقلاء حين شبت وتشب لظى كل هذه الحروب هنا بلا معنى ولا هدف سامي وغاية مثلى ?!

 

ألا تعسا لنا ما أحمقنا من شعب نتقاتل على أتفه سبب ويقتل بعضنا بعضا من أجل أن يتسلط ويستأثر بالجاه والمال بلا اي اعتبارات أخرى يفرضها علينا منطق العقل والمصلحة الوطنية العليا والدين والأخلاق والمبادئ وكل القيم الإنسانية المغيبة كحقيقة في حضرة اللاعبين هنا بحياة الإنسان والمولعين بلعبة الدم والموت التي بدأت منذ أمد بعيد ولا زالت تمارس وتؤدى وتتسع مجالاتها وانشطتها بلا حدود وتوقف !..

 

……… يتبع …..

You might also like